
كندا تتصدر دولاً متقدمة تسيطر حكومتها على القطاع
75% زيادة الإنتاج الأرجنتينى عقب إصلاحات التسعينيات
توقع المحلل الأمريكى مايكل لينش، أن تؤدى وفاة فيدل كاسترو، مفجر الثورة الكوبية إلى نهاية نموذج تأميم شركات الطاقة والموارد الطبيعية، فى وقت يعانى فيه السوق العالمى الاضطراب؛ بسبب انهيار الأسعار، وتعمق الركود العالمى، خصوصاً فى الدول الأعلى استهلاكاً.
وبررت مبادئ الحكم الشيوعى الكوبى كراهية الأجانب، والسياسات غير الفعالة مثل تأميم الشركات، وسيضع موت كاسترو آخر مسمار فى نعش هذه السياسات، بحسب التحليل المنشور فى مجلة فوربس الأمريكية.
ومن أهم القطاعات التى تضررت من الفكر الشيوعى عالمياً، فضلاً عن كوبا هو قطاع الطاقة الذى يجسد بالنسبة للبعض الرأسمالية الاستغلالية، وبالتالى تبنت عدة دول فى السبعينيات من القرن الماضى قرارات تأميم شركات الموارد الطبيعية.
وفى تلك الحقبة، كان يسيطر على قطاع البترول الدولى عدد قليل من الشركات، فيما عرف بالأخوات السبع ومقرها جميعاً الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وهولندا، وكانت تعمل للإبقاء على ضرائب البترول والعائدات منخفضة، وشهدت الحكومات من الأرجنتين إلى فنزويلا ثابتاً فى السوق بالنسبة لها فوسعت سيطرتها وملكيتها على قطاعها المحلي.
ويعتقد أن السعر كان يتحدد نتيجة تدخل النفوذ السياسيى، وليس الاقتصادى، وفق تبريرات معينة.
ويرى البعض أن ارتفاع أسعار البترول فى السبعينيات من القرن المنقضى دليل على أن شركات البترول تآمرت للحفاظ على انخفاض أسعار الخام وحرمان الدول من عائداتها الشرعية قبل ذلك.
وأدى هذا الاعتقاد إلى اتخاذ الحكومات مواقف أكثر عدوانية تجاه المستثمرين الأجانب، بما فى ذلك تأميم عملياتها فى بعض البلدان، والحد من الحصول على فرص فى بلدان أخرى.
وتأسست مجموعة شركات البترول المحلية فى أماكن عديدة، إما للشراكة فى ملكية حقول البترول والغاز، وفى بعض البلدان امتلكت الشركات الوطنية كامل حصص الإنتاج، ودفعت للشركات الأجنبية التكلفة الكاملة للتنقيب والاستخراج. هذا الأمر لم يحدث فقط فى الأماكن التى تقع تحت حكومات مثل ليبيا، ولكن حتى الدول المتقدمة مثل كندا وإنجلترا والنرويج لجأت لذلك.
وكانت نتائج هذه التجارب مختلفة، فتثبيت الإنتاج يحافظ على البيئة، لكنه يعنى خسائر اقتصادية كبيرة، على افتراض أنه من الممكن ترشيد إنفاق العائدات أو ادخارها.
وعلى الرغم من أن بعض شركات البترول الوطنية عملت بشكل جيد إلى حد معقول، فإنه فى دول مثل الأرجنتين أثبتت الحكومة عدم كفاءة يعود فى جزء كبير منه للتدخل السياسي، فقد كانت قرارات الاستثمار فى كثير من الأحيان تصدر من قبل السياسيين لتعزيز مصالح ناخبيهم والموظفين وكذلك لصالح العديد من الأصدقاء والزملاء من هؤلاء الساسة أنفسهم.
وأثرت تجربة مارجريت تاتشر، رئيسة وزراء بريطانيا الراحلة، والرئيس الأمريكى رونالد ريجان الثورية بدرجة كبيرة فى الإصلاح الاقتصادى على الصعيد العالمي، بما فى ذلك قطاع الطاقة، ما شجع الدولة على خصخصة شركة البترول الأرجنتينية الوطنية والترحيب بالاستثمار الأجنبى فى كثير من الأحيان، ولكن ذلك لم يحدث فى أماكن اخرى. فقد بدأت فنزويلا تسمح بزيادة الإنتاج بنحو مليون برميل يومياً على مدى عدة سنوات، على الرغم من الاعتقاد الشائع بأن قاعدة موارد البلاد كانت فى ذروتها.
لكن الإصلاح الاقتصادى حقق نتائج متباينة كما هو الحال فى بعض الأماكن جراء سوء الإدارة والفساد الذى خلق خسائر فادحة، ورأى المواطنون عائدات البترول تذهب بشكل رئيسى إلى النخب الحاكمة.
ونتيجة ذلك، فإن السياسيين فى الأرجنتين وبوليفيا وفنزويلا وغيرها سعوا للحد من الملكية الكاملة للمستثمر الأجنبى فى قطاعاتهم فى حين أصبحت دول أخرى أكثر عدائية لشركات البترول العالمية، ما ساعد على خفض الإمدادات فى السوق العالمي فارتفعت الأسعار.
وفى حين كانت هناك احتجاجات فى البلدان ذات السياسات الاقتصادية المحافظة، مثل شيلى فإن المشكلات تافهة، مقارنة بالأضرار التى سببتها السياسات اليسارية فى أماكن مثل الأرجنتين وفنزويلا.
ويقول التقرير، إن كوبا كانت بمثابة حالة نموذجية من عدم الكفاءة يقودها الغطرسة والمفاهيم الاقتصادية السيئة، وخاصة السياسات الاشتراكية. ومن المفهوم أن نرى هوجو شافيز، رئيس فنزويلا الراحل يسعى لمحاكاة السياسات الحاكمة المستبدة لكاسترو قبل رحيلهما، ولكن نظراً إلى أن تشافيز كان يقدم المساعدات إلى كوبا، فكان يعتقد أن بلاده كانت ناجحة اقتصادياً وهو منطق غريب.
ويمكن الآن مع موت تجربة كاسترو تكرار زيادة إنتاج البترول 75% التى حدثت فى الأرجنتين فى التسعينيات من القرن الماضى، بفضل العمل فى الحوض الصخرى فاكا ميوراتا، ولكن مدعوماً بسياسة اقتصادية أكثر تحفظاً.
كما أن إصلاحات المكسيك الرائدة فى القطاع ستؤدى بالتأكيد إلى المزيد من الإنتاج والإيرادات للحكومة، وهذا قد يدفع دولاً أخرى مثل بوليفيا وفنزويلا إلى السعى إلى تقليدها.
وعلى الصعيد العالمى، فإن الحد من التكاليف السياسية للإنتاج سيصبح منهجاً مفضلاً، لكنه لن يكون واضحاً على الفور، لكنه سوف يعطى دفعة مفيدة للتنمية الاقتصادية.
وتشير «فوربس» إلى أن وفاة فيدل كاسترو لن يكون لها نفس الأثر لوفاة جوزيف ستالين، لكن يأمل الجميع فى أن كوبا ومن مثلها ستكون على استعداد أكبر للاعتراف بأوجه القصور فى سياساتها الاقتصادية، وتشجيع الدول النامية الأخرى على اعتماد سياسات اقتصادية أكثر عقلانية.