تحيا مصر فعلاً بالعمل. ولكن كيف نستطيع فتح الباب لكى ينجح الناس فى فتح فرص العمل لهم ولغيرهم؟
حققت حكومة مصر العام الماضى 2015-2016 وفقاً لوزارة المالية حوالى 491 مليار جنيه إيرادات سنوية (30 مليار دولار)، و817 مليار جنيه مصاريف سنوية (51 مليار دولار)، ما يعنى عجزاً سنوياً 21 مليار دولار.
فى نفس الوقت، حققت حكومة تركيا حوالى 175 مليار دولار (فوق الـ5 أضعاف لمصر) وحكومة كوريا حوالى 291 مليار دولار (فوق الـ9 أضعاف لمصر) بينما عدد سكانهما أقل منا. مثل أى بيت أو شركة، فإن زيادة الإيرادات تعطى القدرة على زيادة الصرف على التعليم والصحة والبنية التحتية. لذلك علينا كدولة وضع خطة لمضاعفة إيرادات الدولة. السؤال هو كيف ننجح فى ذلك؟
مضاعفة الإيرادات (وليس تحقيق زيادة بسيطة) لا تأتى بزيادة الضرائب ولكن بتحقيق نمو كبير فى الاستثمارات الناجحة ومنها تحقق الدولة إيراداتها الضريبية. كل دولار زيادة لإيرادات الدولة يحتاج 5 دولارات استثمارات. ما يعنى أن لزيادة 100 مليار دولار إيرادات لحكومتنا نحتاج جذب 500 مليار دولار استثمارات. السؤال هو كيف وفى أى قطاع؟
المشكلة هنا أن السوق المصرى لا يستطيع استيعاب كل هذه الاستثمارات. فمثلا مصنع تليفزيونات ينتج فى المتوسط 3 ملايين تليفزيون سنوياً، ويحقق ألفى وظيفة (مباشرة وغير مباشرة) بينما كل حجم السوق المصرى حوالى 1 مليون تليفزيون سنوياً. نفس الشىء بالنسبة لمصنع السيارات فمتوسط الإنتاجية هو 200 ألف سيارة سنوياً تحقق حوالى 50 ألف وظيفة (مباشرة وغير مباشرة) بينما كل حجم سوق السيارات فى مصر حوالى 200 ألف سيارة سنوياً. ولذلك لكى ننجح فى خلق فرص العمل علينا بتوجيه مصانعنا للتصدير (أو البيع خارج مصر). ولكى ننجح علينا أن نلعب بحوافز جاذبة أكثر من المغرب أو فيتنام أو تركيا.
أى استثمارات موجهة للسوق المحلى (مثل العقارات والمحلات والمدارس والمستشفيات وغير ذلك) لن تكون مجدية فى الوقت الحالى. فهذه الاستثمارات موجهة للسوق المحلى الصغير ودون نمو حقيقى لعدد المصريين القادرين على هذه الخدمات فلن نستطيع توفير عدد الفرص التى نريدها والتى تقدر بحوالى مليون فرصة عمل سنوياً. ما هو الحل لتحقيق المليون فرصة عمل سنوياً؟
الحل فى خلق استثمارات موجهة للتصدير. وبالنظر فى تفاصيل أرقام الصادرات للدول الأخرى نجد أن الصين التى تصدر 94% من صادراتها صادرات صناعية وكوريا واليابان 85% صادرات صناعية والدول الأوروبية حوالى 75% صادرات صناعية. ولذلك ففتح فرص العمل لن يتم إلا عن طريق الاستثمارات الصناعية الموجهة للتصدير.
تحيا مصر بالعمل ولكن الدولة عليها بوضع الخطة لكيفية مضاعفة إيراداتنا الحكومية (وأكرر ليس بعمل زيادة بسيطة بزيادة الضرائب التى لا تجدى ولكن بالنجاح فى جذب الكثير من الاستثمارات الناجحة) لكى نستطيع فتح فرص العمل وزيادة قدرة الدولة فى الصرف على التعليم والصحة والبنية التحتية.
الاستثمارات تأتى لمصر للاستفادة من الـ92 مليون مستهلك وليس للتصدير. تنجح الدول برؤية قوية وبانضباط وبالتزام كامل لتحقيق ذلك. وليس بوضع بضعة قوانين تحفيزية. فى ظل المنافسة الشرسة من المغرب وفيتنام وتركيا والصين وغيرها، علينا أن يكون ذلك توجهاً قومياً كاملاً للدولة بخطط تصديرية لكل المنتجات ومتابعة على أعلى مستوى للنتائج (مثلاً: كم صدرنا من التليفزيونات؟ وكم من السيارات والتليفونات المحمولة وغير ذلك بالمقارنة بالمستهدف؟)
تحيا مصر بالعمل لخلق خارطة طريق لمضاعفة الإيرادات والاستثمارات والصادرات بهدف اللحاق بتركيا وكوريا.