هل يمكن الجمع بين أساليب الزراعة القديمة وبين الزحف التقنى؟


احتكار الشركات الكبرى لقطاع الغذاء يعرقل التنمية الآمنة
50% من الحبوب العالمية غذاء للحيوانات
يعتبر التحدى المتمثل فى توفير الأمن الغذائى أحد أكبر المعضلات التى تواجه العالم الحديث، وتقول الشركات الزراعية أن لديها الحل الذى يتمثل فى كفاءة أكثر ومزيد من التكنولوجيا وعوائد أعلى ومحاصيل معدلة.
لكن فى المقابل تقول حركة الإيكولوجية الزراعية (تطويع البيئة المحيطة لخدمة النشاط الزراعى) أن نهجها يمكن أن يوفر الغذاء اللازم لسكان العالم وفى نفس الوقت تحافظ على النظم البيئية وكذلك الانسان داخل نطاق النشاط الزراعي.
وبحسب تحليل لصيحفة فاينانشال تايمز فإنه من السذاجة استبعاد أن هناك فرصة للجمع بين التكنولوجيا الحديثة والنظم البيئية للزراعة ولكن كيف يتعايشان؟
أشار تقرير الصحيفة إلى أن وضع جدول أعمال لكلا النهجين بحاجة إلى الاعتراف بأن رؤية الأمن الغذائى باعتبارها مجرد تحد يتعلق بحجم الإنتاج تفتقد بذلك للعديد من القضايا الهامة.
ولفت الى أن التركيز على الاوزان والسعرات الحرارية لدراسة الكفاية الغذائية من الطعام للعالم يطغى قضايا مثل جودة الأغذية وعدالة توزيعها، وتأثير الإنتاج على البيئة الأوسع، وكذلك حجم النفايات الكبير.
والحقيقة أن العالم ليس لديه فى الوقت الحالى مشكلة ندرة فأكثر من 50% من جميع الحبوب فى العالم تذهب لتغذية الحيوانات، والتى بدورها تصبح غذاءً للناس بدلا من التغذية المباشرة لهم.
ويعبر ذلك عن واقع الاستخدام غير الفعال للموارد بشكل صارخ فالماشية على سبيل المثال يمكن أن تتطلب 15 كجم من المحاصيل لكل 1 كجم من اللحوم وبذلك المعدل فإن الزراعة الحيوانية تمثل 14.5% من مجموع انبعاثات الغازات الدفيئة، والتى تفوق قطاع النقل والمواصلات المستخدم للوقود الملوث للبيئة.
وتضيف الصحيفة أنه لا ينبغى أن يتعامى خبراء القطاع عن دور العلوم الذى يمكن أن تلعبه فى تخفيف تلك الآثار ففى المستقبل القريب من الممكن أن يربى العالم منتجات حيوانية بما فى ذلك اللحوم التى تنمو فى المختبرات، عبر زراعة الخلايا، وهى الخطوة العلمية التى يمكن أن تقوض على نطاق واسع تربية المواشى بالطرق التقليدية وتساعد فى مواجهة التهديدات التى لا تعد ولا تحصى فيما يرتبط بتحقيق الأمن الغذائي. وهذا النظام الانتاجى يوفر 90% من الاراضى المستخدمة فى التربية وزراعة الاعلاف ويتنتج عنها خفضا يصل الى 75% من الغازات الدفيئة من إنتاج اللحوم الحالى – ولا تتطلب استخدام المضادات الحيوية.
ويجب أن تتفهم جمعيات حماية البيئة الموضوع من زاوية أخرى بعيدا عن مهاجمة ما تعتبره اطماع شركات البحث والتطوير مع الاعتراف بانه بالنظر لطبيعة الاقتصاد العالمى سوف يكون هناك دائما اللاعبون الكبار فى قطاع الأغذية الذين يهدفون إلى تحقيق الربح. ويهيمن على عالمنا الغذائى عدد محدود من الأسماء الكبيرة.
وتقول الصحيفة البريطانية إن الاسماء الكبيرة فى عالم الغذاء تلبى الحاجات الاستهلاكية بشكل رائع لكن على حساب المزيد من استخدام المواد الكيميائية فى كل عام بما لها من آثار سلبية على المحتوى الغذائى للمواد الغذائية والصحية على الأرض. وفى الوقت نفسه تزداد الامراض ذات الصلة بالأغذية بشكل متسارع بينما يستمر الجوع فى أنحاء العالم.
والسؤال الذى يطرح نفسه هو كيف يمكن تعزيز الغذاء الصحى والمغذى فى بيئة حيث البيتزا المجمدة أرخص من اليقطين خصوصا مع سيطرة الشركات الكبرى على الانتاج والتصنيع؟
ويطالب تقرير الصحيفة الشركات بتحمل مسئولياتها تجاه توفير الغذاء الآمن ففى الولايات المتحدة 75% من انتاج اللحوم يسيطر عليه أربع شركات وفى المملكة المتحدة تقع 70% من مبيعات محلات التجزئة فى قبضة «الخمسة الكبار».
وبحسب الصحيفة فإن الشركات الكبرى مطالبة باستخدم التكنولوجيا لخدمة اغراض التجانس بين الوجبات الغذائية والتقليل من الوجبات السريعة المنتشرة فى أنحاء العالم. وكذلك العمل على تنويع الإنتاج وسلاسل التوريد لتحمل الصدمات السياسية والاقتصادية والمناخية وكذلك مواجهة التأثير الضار بالصحة.
ولاستعادة التوازن فإن القطاع الزراعى بحاجة الى تكنولوجيا تدعم الزراعة العضوية التى باتت أصغر حجما واقل تنوعا داخل منظومة الغذاء، من خلال الدعم الحكومى للمنتجات عالية الجودة.
ويتصاعد حاليا اتجاها يدعو الى الزراعة المختلطة التى تعتمد على الممارسة القديمة فى الأساس فى اطار تطور تكنولوجى يجعلها أكثر كفاءة وربحية. فعلى سبيل المثال فان الدنمارك لديها أعلى نسبة فى العالم من المنتجات العضوية ونجحت فى تحقيق الإنتاج الكثيف.
وفى عام 2014، أدخلت فرنسا قانونا لتقصير سلاسل التوريد، فى رسالة واضحة أن المنتجات الموسمية والعضوية حيوية للصحة والأمن الغذائي. وبالفعل بدات بعض الحكومات أخيرا تعترف بأن التفكير فى الزراعة من الناحية البيئية له دور أساسى فى تحقيق الأمن الغذائي، ويمكن أن تعيش جنبا إلى جنب مع التطور التقنى السريع.

لمتابعة الاخبار اولا بأول اضغط للاشتراك فى النسخة الورقية او الالكترونية من جريدة البورصة

منطقة إعلانية

نرشح لك


https://www.alborsanews.com/2016/12/08/941167