النباتات الطبية والعطرية.. مصدر غير مُستغل للعملة الصعبة

100 مليون دولار صادرات متوقعة بنهاية 2016

250 مليون جنيه حجم المبيعات المحلية.. وأنواع نادرة لا أحد يهتم بها

80% من الإنتاج للتصدير.. و20% للسوق المحلى

بلغ إجمالى صادرات النباتات الطبية والعطرية ما يقرب من 100 مليون دولار خلال العام الحالى وتتراوح الزيادة السنوية بين 10 و12% سنويًا، بينما أكد خبراء زراعيون امكانية زيادة الصادرات بمعدلات أعلى من خلال التوسع فى زراعتها وتوفير المناخ المناسب لها.

وتتضمن صادرات مصر من النباتات الطبية والعطرية منتجات الكمون، والكراوية، والبردقوش، والشمر، والبابونج، والريحان، وتأتى مصر الأولى عالميًا فى صادرات زيت العطر الفاخر بواقع 40% من حجم التجارة، تليها الصين وإندونيسيا ثم الولايات المتحدة الأمريكية.

قال مصدر فى وزارة الزراعة، إن معدلات نمو المساحات المنزرعة من هذه النباتات سنويًا لا تتخطى 2.7%، رغم أهميتها الاقتصادية نظرًا لارتفاع أسعارها التصديرية التى تصل إلى 5 آلاف دولار للطن فى بعض الأنواع مثل البابونج.

وأشار إلى أن النباتات المصرية لها مذاق خاص لدى «الدول الأوروبية، واليابان، وأمريكا»، نظرًا لجودتها وقدرتها على منافسة منتجات الدول الأخرى، على رأسها المغرب فى القارة الأفريقية، واليابان عالميًا.

ولفت إلى أن 42% من الصادرات المصرية توجه لدول أوروبا الغربية، و33% لأمريكا الشمالية والوسطى، و17% للدول العربية و3% لدول آسيا، و2.7 لأمريكا الجنوبية و1.3% لاستراليا 1% فقط لدول أفريقيا.

وبلغ حجم التجارة العالمية منها بنهاية العام الماضى أكثر من 60 مليار دولار، تمثل الصادرات المصرية منها نحو 100 مليون دولار، عبر استخدامها فى تحضير الأدوية ومواد التجميل.

وتقدر المساحات المنزرعة من النباتات الطبية والعطرية فى مصر نحو 80 ألف فدان فقط، تتركز أغلبها فى محافظات الوجه القبلى فى المنيا، وبنى سويف، وأسيوط، والفيوم، بالإضافة إلى سيناء.

وتوقع فاروق الشوبكى، رئيس جمعية منتجى ومصدرى النباتات الطبية والعطرية، أن تتجاوز الصادرات العام الحالى 100 مليون دولار مقابل 88 مليونا العام الماضى.

وذكر: أن مصر تُصدر 500 طن فقط من شيح البابونج المحلى رغم ضاًلة تكلفة زراعته التى تتراوح بين 4 و5 آلاف جنيه للفدان بمتوسط إنتاج 3.5 طن، يتراوح سعر الطن التصدير بين 7 و10 آلاف دولار.

وأضاف أن المساحات المنزرعة من النباتات ضئيلة، ورغم ذلك تجد صدى واسعا على المستوى العالمى، لجودة التربة والإنتاج المحلى، والاهتمام بها يجعل مصر من اكبر الدول المصدرة عالميًا، وهو ما يؤدى إلى زيادة الحصيلة الدولارية.

وأوضح أن تصدير هذه المنتجات لا يؤثر على احتياجات السوق المحلى، بعكس المحاصيل الأخرى، والنباتات الطبية محاصيل غير تقليدية، وعائدها الاقتصادى أهم من المحاصيل الاستراتيجية.

وقال الدكتور جمال صيام، مستشار مركز الدراسات الاقتصادية الزراعية، إن النباتات الطبية والعطرية تتميز بضعف استهلاكها للمياه، فلا تتعدى استخدامات الفدان أكثر من 3000 متر سنويًا، فى حين يُزرع الفدان بين 3 و4 دورات.

وأردف أن زيادة المساحات الزراعية منها يحتاج خطة لتعريف الفلاحين بها، بشرط إبرام تعاقدات بينهم وبين الشركات المصدرة مباشرة، وإلغاء دور الوسيط الذى يحصل على الإنتاج بأسعار بخسة ليستفيد منها بقدرته على الوصول إلى المصدرين مباشرة.

وبحسب إحصائيات قطاع الشئون الاقتصادية لوزارة الزراعة، فإن العائد المادى من زراعة هذه المحاصيل لا تقارن بالتكلفة الإنتاجية التى تمثل جدوى للفلاح أكبر من المحاصيل الأخرى، نظرًا لزراعتها على 3 دورات سنويًا على الأقل.

وقال عمرو أبو دوح، العضو المنتدب لشركة الدولية للصناعات الغذائية، إن 60% من مصانع تجهيز النباتات الطبية والعطرية لم تحصل على تراخيص تشغيل، والباقى تُجدد سنوياً.

وأوضح أن عملية التجديد لمدة عام وتستغرق فترة طويلة لاستصدار رخصة جديدة، ما يحد من التوسع فى الصناعة.

وبمقارنة هذه النباتات بالمحاصيل التقليدية نجد ان تكلفة الإنتاج ضعيفة من الناحية الاقتصادية، مقارنة بالقطن، والأرز، والقمح، فى حين عوائدها المادية أضعاف المحاصيل الاستراتيجية.

قال محمد مقلد، العضو المنتدب لشركة رووتس للأعشاب الطبية، إن ارتفاع سعر الدولار مقابل الجنيه أدى لتضاعف تكلفة التعبئة التى تعتمد مكوناتها على الاستيراد، مشيراً إلى أن نمو سوق الأعشاب الطبيعية فى مصر شبه متوقف بعد ان كان يحقق نموا 20% سنويا، وفقاً لدراسات السوق التى أجرتها الشركة.

اشار إلى أن القطاع تأثر بركود السياحة وإغلاق الفنادق، وكانت تُمثل منافذ جيدة، كما أن التوترات الأمنية بالدول أثرت على نمو الصادرات.

وقدر مقلد حجم مبيعات السوق المحلى بنحو 250 مليون جنيه سنوياً، مبررا ذلك بصغر سوق الأعشاب المعبأة لانحسار المنافسة بين عدد قليل من الشركات.

تابع: أن انخفاض قيمة الجنيه يُعطى سعرا تنافسيا للمنتج أمام الأخرى بالاسواق الخارجية، يمكن ان يستغل بتصدير خام الأعشاب لدول السعودية، والبحرين، وقطر، والكويت، لكن يجب تفعيل دور مجالس التمثيل التجارى فى الحصول على المعلومات عن السوق الخارجية.

وقال وائل غيث، رئيس محطة بحوث شمال سيناء التابعة لمركز بحوث الصحراء، إن إنتاج سيناء من النباتات الطبية والعطرية لا يزيد على 5 آلاف طن وقلة استثمارات القطاع الخاص رغم التربة الجيدة، ومخزون كاف من المياه الجوفية.

ولفت إلى وجود أكثر من 2000 نوع من النباتات العطرية المصرية، منها 200 نادر ومعرض للانقراض بسبب التغيرات المناخية، ما دفع مركز بحوث الصحراء لإنشاء البنوك الجينية لحفظ البذور لمدة تتراوح بين 20-50 سنة.

وأشار إلى أن مصر بها أنواع نباتات لا توجد فى دول أخرى، خاصة فى منطقة «وادى العروسية» بوسط سيناء، فى مقدمتها «السيال، والجثوم، والرتم»، وتكلفة زراعتها لا تتجاوز 4 آلاف جنيه للفدان، ورغم ذلك لا أحد يهتم بها.

وقال الدكتور وليد سلام، مدير مشروع أمل الممول من هيئة المعونة الأمريكية للحاصلات الزراعية، ومنها النباتات الطبية والعطرية، إن حجم صادرات مصر من النباتات الطبية يمثل 80% من الإنتاج، والنسبة المتبقية تُضخ فى السوق المحلية.

وأوضح أن من الصعب تحديد حجم الإنتاج المحلى، خاصة أن من بينه أنواعا عبارة عن أوراق، لا يمكن وزنها مع الأنواع الأخرى لعدم تعرضها للتلف، ومصر لا توجد بها الإمكانات المناسبة للمحافظة عليها، لذلك تُصدر فى شكل مواد خام، كما أن السوق المحلية يفتقد إلى التكنولوجيا التى يمكن من خلالها الاستفادة من القيمة المضافة للمنتج وتصديره لزيادة العائد منها، ومازالنا نتلمس الخطى الأولى لفعل ذلك.