الشاب قدم طلب لجوء إنساني ويعمل بلا أوراق: الرد سيأخذ سنوات ولو رفضوا سأقدم التماس لأبقى لـ5 سنوات
حلمي إنشاء مطعم لأنه سيدر دخلا كبيرا.. وأنا قادر على هذا إذا حصلت على الإقامة
«تركيا بلا رقابة وكل شيء يمكن عمله بالفلوس».. و«حوادث غرق المهاجرين قدرية وسوء حظ»
مثل كثيرين غيره من الشباب حمل أحمد، -رفض نشر اسمه كاملا-، حلم الحياه في الغرب والتحول من عامل بالاجرة كـ«نجار مسلح» الى صاحب عمل في بلاد الثراء السريع والعمل الوفير، كما ظن قبل بدء رحلته التى انتهت في ألمانيا منذ عام ونصف.
يقول أحمد، ابن الـ27 عاما، وهو شاب مصري من مدينة المنصورة، إنه ترك بلده الأم مصر بعد أن ضاقت به السبل، مضيفا أنه رغم حصوله على شهادة الثانوية الصناعية قسم كهرباء، إلا أنه قرر فور انتهاء دراسته الاستمرار في ممارسة المهنة التي تعلمها منذ الصغر، كـ«نجار مسلح»، لكن أجره الذى لم يتعدى الثمانين جنيها في اليوم لم يكن كافيا على الإطلاق للعيش والبدء في تأسيس أسرة، الأمر الذى دفعه للهرب والسفر إلى تركيا بتأشيرة سياحية، ومن ثم الإقامة بها بعد تعديل التأشيرة إلى إقامة سياحية، والعمل في مصانع الملابس الجاهزة هناك.
يؤكد أحمد انه اختار السفر إلى تركيا لأن «تأشيرتها هي الأرخص»، يقول: كلفتني حوالى 450 جنيها، والإقامة بها رخيصة نسبيا، فإجمالي تكلفة الانتقالات والمعيشة حتى الحصول على عمل لا تتجاوز الـ3000 جنيه، قبل أن يضيف: «أول حاجه تعملها في تركيا إنك تسأل عن أماكن تواجد العرب وتتعرف عليهم علشان تعرف تعيش، فمنهم من سيساعدك على العمل بمقابل مادى، وهو ما حدث بالفعل معي، وعملت في مصنع ملابس واستطعت أن أدخر مبلغا ماليا أرسلته إلى مصر».
«قضيت سنتين في تركيا، عملت فلوس أحسن من مصر وكان دخلى الأسبوعي حوالى 500 ليرة، تقريبا 200 دولار» هكذا وصف أحمد حاله في تركيا، قبل أن يضيف: «بقيت هناك حتى أصبحت الليرة التركية بلا قيمة، ووقتها قررت أنا ورفاقي الذين كنت أعيش معهم أن نترك تركيا، ونسافر إلى أوروبا مع موجات الهجرة التى يقوم بها اللاجئون القادمون من سوريا والعراق».
«كنا 5 شباب يسكنون في شقة واحدة، وأخذنا القرار بالهجرة معا» يقول أحمد، الذى أكد أن أسرته لم تمانع سفره إلى تركيا، لافتا إلى أنه الابن الأوسط أو بالأدق الابن الثاني لأسرة لديها 5 أبناء.
وعن حياته في مصر يقول: «والدى فلاح يستأجر الأرض وحياتنا صعبه هناك، ونعيش بالديون حتى نتمكن من بيع المحصول، ثم نسد الديون، ونقترض ثانية لنعيش».
رحلة الهجرة لم تكن صعبة الترتيب، حسب كلام ابن المنصورة الذى قال «تركيا بلا رقابة، وكل شىء بها يمكن عمله بمقابل مادى، أن تعمل بلا أوراق أو تهاجر بلا هوية هجرة غير شرعية، الأمر ليس صعباً إذا كنت تعرف الوسطاء، وكما فعل غيرنا فعلنا».
وعن خط سير رحلة الهجرة غير الشرعية، يقول الشاب المصري: «تذهب إلى أزمير، تركب المركب المطاطى إلى اقرب جزيرة يونانية، تسلم نفسك للشرطة، تاخذ أوراق ثبوتية، وقرار مغادرة البلاد خلال أسبوع، تحدد وجهتك ثم تنطلق إلى الدولة التى قررت السفر إليها»، ويضيف: «المخاطرة الوحيدة هى رحلة المركب المطاطي، وعمليات الكر والفر مع السلطات البحرية اليونانية قبل وصولك للشاطئ اليوناني، بعدها تصبح الأمور أكثر سهولة وبساطة»، وبثقة كبيرة يتابع قائلا: «حوادث الغرق و الموت لبعض المهاجرين، قدرية وسوء الحظ قد يتحالف ضدهم».
وعن سبب اختياره ألمانيا، محطة أخيرة لهجرته، يقول الشاب: إجراءاتها أبسط والبيروقراطية بها تساعدني على العيش أطول فترة ممكنة، لأن مصر مصنفة دولة آمنة، وبالتالي تقدمت بطلب لجوء انساني وهذا النوع من الطلبات يستغرق وقتا طويلا كى يتم الموافقة عليه او رفضه لان كل حاله تدرس بعمق وعلى حده، وقائمة الانتظار طويلة واللجوء الإنساني ليس من أولويات الحكومة الألمانية، وفي أغلب الأحيان يتم الرفض وإصدار قرار بمغادرة البلاد، لذلك أسابق الزمن وأبحث عن وسائل تجعلنى أعمل وأجنى المال (بدون دفع ضرائب) وأتعايش مع المجتمع الألماني، وعندما يصدر القرار لن أغلب في إيجاد وسيلة للبقاء لفترة أخرى، فمثلا تقديمي التماس يضعني مرة أخرى على قوائم الانتظار، أي أنني قد أتمكن من البقاء في ألمانيا لأكثر من 5 أعوام.
وعن ظروف معيشته، يقول: أعمل بلا أوراق، وهذا يسمونه «عمل أسود» وتجرمه الدولة، حيث لا يحق لى كلاجىء العمل إلا بشروط أهمها تعلم اللغة حتى يمكننى الاندماج والتعامل مع الشارع بلغته، وهو أمر صعب على أمثالي كما أنني قد لا أتمكن من البقاء في ألمانيا، لذا فأنا أعمل على الاستفادة من الفترة التى سأمكثها هنا حتى أزيد مدخراتي التى قاربت على الـ80 ألف جنيه من عملى في تركيا وألمانيا حتى الآن.
وببساطة شديدة، يتابع أحمد حديثه قائلا: تركت المدرسة التى أرسلتني إليها الحكومة لتعلم اللغة الألمانية بعد 3 أشهر من التحاقي بها والتى تدفع من الحكومه كامله، وعملت في مطعم بدون دفع ضرائب و بالمخالفة للقانون الالمانى وهذا ما يطلق عليه «عمل أسود»، مضيفا: في البداية، لا يعرفك صاحب العمل ويعرف أنك في حاجة إلى الشغل، فيستغلك ويعطيك راتباً أقل من حقك، لذا اتفقنا على حصولي على 2 يورو في الساعة وفى العادى بتبقى من 5 ل7 يورو فى المنطقه الشرقيه ومن 6 ل8 فى المنطقه الغربيه، وكنت أعمل 8 ساعات، لكن بعد أن رأى مهارتي رفع أجري لـ5 يورو في الساعة مثل باقي العاملين معي، و60% منهم مثلي «عمل اسود».
ويتابع: أصرف في المتوسط 10 يورو يوميا، وأستطيع توفير سكن صغير وبالمشاركه «أسود» بـ150 يورو شهرياً، وأوفر ما يقرب من 30 يورو يوميا، وتعطيني الحكومة 140 يورو إعانة شهرية، كما أني أحيانا أعمل عملا إضافيا بعد المطعم وأدخر شهريا ما يزيد عن الألف يورو، وهو رقم لم أكن أستطيع توفيره في مصر او تركيا.
حلم «أحمد» يراه بسيطا، وهو أن يتمكن من الحصول على حق الإقامة واللجوء وأن يكون له مطعما مملوكا له يديره، مؤكدا أنه قادر على ذلك إذا أتيحت له فرصة البقاء في المانيا. يقول الشاب: «سأعمل بأموال غيرى، وأنشئ مطعما لأن المطاعم تدر أرباحا طائلة فالألمان لا يتوقفون عن الأكل بالخارج، وقد أعمل في الاستثمار العقاري لأنه يدر دخلا كبيرا».
وإذا لم يحصل على الإقامة، يقول الشاب: إذا تم رفض لجوئي سأبتعد عن محل اقامتي، وعندما لن يجدونى، سينظرون أمري مرة أخرى وأدخل قائمه الانتظار، وخلال ذلك سأبحث عن طريق قانونى للبقاء، وتابع: وإذا فشلت في البقاء في ألمانيا، سأكرر التجربة في دولة أخرى من دول الاتحاد الأوروبي، وفي كل الأحوال لن أعود قبل 5 سنوات إلى بلدي وسواء حصلت على اللجوء أم لا سأعود بعد 5 سنوات، فأوروبا لم تعد كما كانت لكنها مازالت الأفضل عالميا.
ومثله مثل كثيرين تتضارب لديهم المشاعر وهو متخبط فى مشاعره فى الحنين الى الوطن: «ساعات أفكر أنىه كان من الأفضل البقاء في مصر لكن عندما أشاهد واسمع قصص أصدقائي فى مصر، وما يحدث معهم وطردهم من عملهم، أعود وأصبر نفسي لأني أرى أن وضعي أفضل منهم»،
أما بالنسبة لمدخراته فيقول: «أقوم بتحويلها من خلال آخرين من المقيميين اقامه شرعيه ويعملون بالابيض».
حاجة «أحمد» للإقامة، لم تدفعه بعد للجوء للحيلة الأكثر انتشارا، وهي الزواج من ألمانيات، يقول: «لم أسع للزواج من ألمانية، لأني أحتقر من يتزوجون من أجل الإقامة، ولا أريد أن يكون لدي ابن من ألمانية، لأنها وقت حدوث أي خلاف سيكون في حضانتها، أنا فقط أريد الحصول على إقامة وأروح وآجي وقت ما أحب».
وفي نهاية حديثه، لخص «أحمد» أزمة البطالة بين الشباب المصري قائلا: «مشكلة الشباب اللي في مصر أنهم لا يريدون العمل ويفضلون أن يمدوا أيديهم لأهلهم، ليتهم يشعرون بإحساس أهلهم عندما يرون أبنائهم بعد سنوات تعليم يجلسون بجوارهم».