أسعار البترول توفر دفعة قوية.. وغياب الإصلاحات التحدى الأكبر
بعد أكثر من عامين من الركود الاقتصادى، أعلنت محافظ البنك المركزى الروسى، الفيرا نابيولينا، أن الدولة، التى تكافح من أجل الخروج من الأزمة الناجمة عن الانخفاض الحاد فى أسعار البترول والعقوبات الغربية، أحرزت نمواً إيجابياً طفيفاً فى الناتج المحلى الإجمالى خلال الربع الحالى.
ومع ارتفاع أسعار البترول تدريجياً، والأمل فى أن الإدارة الأمريكية الجديدة بقيادة دونالد ترامب، يمكن أن تخفف بعض العقوبات، فقد اتخذ بعض المستثمرين الرأى القائل، بأن الانتعاش فى روسيا يمكن أن يستجمع قواه من جديد.
وذكرت صحيفة «فاينانشيال تايمز» البريطانية، أن المستثمرين الدوليين سيحصدون الأرباح من الأسهم الروسية مرة أخرى مع ارتفاع بورصة موسكو، مؤشر السوق الرئيسى، بنسبة 27% هذا العام.
ورغم التفاؤل بشأن روسيا، فإنَّ البيانات الداخلية تؤكد وجود عقبات، إذ يستمر الدخل الحقيقى فى الانكماش.
ومن المتوقع أن يتراجع التضخم أقل من توقعات البنك المركزى أدنى من 5.8% العام الحالى، مقارنة بأكثر من 15% ديسمبر 2015، فى وقت انخفضت فيه مبيعات التجزئة بنسبة 4.4% خلال أكتوبر الماضى.
وقال المسئول السابق فى البنك المركزى، كبير الاقتصاديين فى «رينيسانس كابيتال»، حالياً، أوليج كوزمين، إن الانتعاش الحقيقى سيتحقق على المدى الطويل، وسيكون تدريجياً.
وأضاف أن البلاد لا تخرج من الركود من خلال باب واحد، وإنما من خلال ممر طويل.
جاء ذلك فى الوقت المرجح أن تحدث فيه تغييرات كبيرة فى القيادة السياسية فى البلاد، إذ من المقرر أن تجرى الانتخابات الرئاسية فى مايو 2018، ولم يعلن الرئيس فلاديمير بوتين، حتى الآن ما إذا كان سيرشح نفسه أم لا.
ورغم عدم وجود منافس قوى صاحب مصداقية، فإن البلاد لم تشهد انتخابات تنافسية حقيقية فى أكثر من عقد من الزمان. ويراقب الكرملين الرأى العام عن كثب.
وقال مسئول كبير فى الحكومة: «لن تحدث اختلافات كبيرة فى المستقبل القريب؛ لأننا ما زلنا بعيدين عن أى انتعاش حقيقى، رغم ارتفاع معدل نمو الناتج المحلى الإجمالى».
وأكدّ محللون وعدد من أعضاء فريق السياسة الاقتصادية لبوتين، أن مثل هذا الانتعاش سيظل بعيد المنال، ما لم تحتضن روسيا الإصلاحات الهيكلية.
وأفاد البنك المركزى واقتصاديون مستقلون، بأنه رغم وجود المناخ الاقتصادى الأكثر إشراقاً، وانتعاش الطلب المحلى، فإنَّ روسيا لن تكون قادرة على النمو بأكثر من 2 أو 2.5% على المدى الطويل.
ونقلت الصحيفة عن مصدر مسئول، رفض الكشف عن هويته، أن بوتين، دُعىَّ عدة مرات إلى القيام بإصلاحات جذرية لكنه فشل فى معالجة الأمور المهمة مثل إصلاح سوق العمل وإصلاح نظام التقاعد.. والأهم من ذلك كله السماح للمؤسسات بالقيام بعملها بشكل مستقل.
وأوضح رئيس الاقتصاديين فى «بى سى إس» للوساطة، فلاديمير تيخوميروف، أن تخفيف العقوبات التى فرضت بعد ضم موسكو لشبه جزيرة القرم أوائل 2014 لن يُحدث تغييراً سريعاً فى قواعد اللعبة. ولكن يمكن أن يوفر دفعة مؤقتة، ويخفف الضغط على ميزان المدفوعات، ويدعم ارتفاع الاستثمار.. وكل ذلك لن يضيف أكثر من نصف نقطة مئوية لمعدل نمو الناتج المحلى الإجمالى.
ولكن حققت بعض الصناعات انتعاشاً وأصبحت أكثر قدرةً على المنافسة؛ بسبب ضعف الروبل، إذ استفادت الشركات المصنعة الأجنبية فى البلاد، وانتهزت التكتلات الروسية الفرصة لاستخدام الإيرادات المحققة فى الخارج للاستثمار فى الأصول المحلية الرخيصة، وزيادة الإنتاج فى قطاعات مثل الزراعة والغذاء.
وأكدّ «كوزمين»، أن المصنعين حصدوا مكاسب سهلة عندما تراجع الروبل، مشيراً إلى أن الحكومة ينبغى أن تمنع صعود العملة لمساعدة الشركات المصنعة.