
بعد إعادة اختراع نفسها كقوة رئيسية فى الشرق الأوسط، تحت ضغط القوة فى سوريا، تستخدم روسيا الآن سلاح الطاقة لتوسيع نفوذها فى المنطقة.
وذكرت وكالة أنباء «بلومبرج»، أن سلسلة من الاتفاقيات تسمح لروسيا ودول الخليج، بالتعاون فى المجالات التى تلبى مصالحها رغم الخلاف حول القضية السورية.
وأشارت الوكالة إلى أن روسيا وافقت، الشهر الماضى، على اتفاق صفقة خفض الإنتاج مع منظمة الدول المصدرة للبترول.
وقد استثمرت قطر 5 مليارات دولار فى شركة البترول الروسية العملاقة «روسنفت». وبعدها استحوذت الشركة التى تملكها الحكومة الروسية على 30% من حقل ظهر المصرى بقيمة 2.8 مليار دولار.
وقال رئيس مجلس السياسة الخارجية الروسي، فيودور لوكيانوف، إن موسكو حريصة حقاً على زيادة النفوذ فى الشرق الأوسط من خلال جميع الوسائل.
وأوضحت الوكالة، أن تراجع نفوذ الولايات المتحدة فى الخليج خلال السنوات الأخيرة، دفع روسيا إلى الانخراط فى المنطقة بشكل كبير.
وحققت الشركات الروسية والدبلوماسيون الروس، معظم النجاحات فى أسواق شمال أفريقيا وإيران أثناء الحقبة السوفيتية.
وتكافح موسكو الآن من خلال تجارة الأسلحة وصناعة الطاقة، لإحياء العلاقات السياسية التى ذبلت بعد سقوط الاتحاد السوفييتي.
يأتى ذلك فى الوقت الذى يسعى فيه الرئيس عبدالفتاح السيسى، لبناء علاقات قوية مع روسيا التى تعيد بناء نفسها كقوة كبيرة فى المنطقة.
وقال لوكيانوف، إن طموحات روسيا فى الخليج لا تزال محدودة؛ لأن العلاقات الاقتصادية والأمنية الأمريكية ما زالت راسخة للغاية.
وأضاف أن الدوافع الروسية الأولية لإبرام اتفاقات لتحقيق الاستقرار فى أسعار البترول تستهدف تأمين الوضع المالى لمجموعة «روسنفت» النفطية الروسية العملاقة.
ويرى دبلوماسيون شاركوا فى الاتفاق بين روسيا و«أوبك»، أن توسيع الدبلوماسية النفطية بين روسيا والخليج جاء لفتح قنوات جديدة وضمان تحقيق هدف مشترك يتمثل فى تعزيز أسعار البترول.
وكشفت مصادر للوكالة، أن شراء قطر حصة 19.5% فى شركة «روسنفت» يعزز العلاقات بين الإمارة الصغيرة الغنية بالغاز، وفقاً لشخص مطلع على مفاوضات.
وأضافت المصادر، التى طلبت عدم الكشف عن هويتها نظراً إلى حساسية القضية، أن قطر تنظر للاستثمار كمسار لعلاقات تجارية وسياسية محتملة.
وقال محلل الشئون الخليجية تيودور كاراسيك: «حينما ننظر إلى تحركات روسيا، سنرى أنها لا تدور فقط حول سوريا.. لكن لبلاد الشام ومصر وليبيا ودول أخرى فى شمال أفريقيا».
وأضاف أنه من المرجح أن تقوم موسكو بتسريع نهج تغيير المعاملات والسياسات الخارجية مع رئيس الولايات المتحدة الجديد دونالد ترامب.
وقال المحلل الرئيسى فى شركة «وود ماكينزي»، فالنتينا كرتزاتشمار، إن «روسنفت» ومنافستها «جازبروم» عملاق الطاقة، تحرصان على توسيع أعمال الغاز الطبيعى المسال فى منطقة الشرق الأوسط عن طريق قطر أكبر مصدر للغاز الطبيعى المسال فى العالم.
يأتى ذلك فى الوقت الذى تملك فيه موسكو تاريخاً طويلاً فى الشرق الأوسط، بعد أن خاضت العديد من الحروب مع بلاد فارس والإمبراطورية العثمانية على مدى قرون.
ودعمت موسكو، مصر فى عهد الرئيس جمال عبدالناصر وبعد استعمار الجزائر، وكذلك سوريا والعراق وليبيا.
ويعد انضمام روسيا إلى صناعة الغاز الطبيعى المسال فى المنطقة، جديداً نسبياً، لكن تجارة الأسلحة كانت موجودة منذ سنوات.
فبين عامى 2006 و2015 باعت روسيا أسلحة بقيمة 12.7 مليار دولار إلى دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، مقارنة بـ6 مليارات دولار فى العقد السابق، إذ وقعت مصر على اتفاق بمليارات الدولارات لشراء طائرات روسية وأسلحة أخرى فى عام 2014، فى حين تنمو المبيعات إلى العراق. ولا تزال المفاوضات جارية مع إيران التى تعد سوق أسلحة كبيراً محتملاً للكرملين بعد رفع العقوبات الدولية فى وقت لا تزال فيه الجزائر مستهلكاً ضخماً من الأسلحة الروسية.
ويسعى «بوتين»، لإقامة علاقات مع القائد العسكرى الليبى خليفة حفتر، الذى زار موسكو مرتين فى الأشهر الستة الماضية لطلب الدعم المسلح.