أجندة النمو فى الصين


بقلم: مايكل سبنس وتشيان وان
فى الوقت الذى تستعد فى الولايات المتحدة لمسار أكثر انغلاقاً على الذات فإن الأداء الاقتصادى للصين سيكون أكثر أهمية من أى وقت مضى على الصعيد العالمى.
ويتوقف تحقيق الصين لنمط النمو المستدام فى السنوات المقبلة على عدد من العوامل الرئيسية، وتعتبر واحدة من العوامل الخارجية التى تؤدى تشكيل آفاق الصين هى طبيعة علاقتها مع الولايات المتحدة فى عهد الرئيس المنتخب دونالد ترامب.
فمن الناحية المثالية، فإن الحكومتين من المفترض أن يعملان معاً من أجل التفاوض على اتفاقات التجارة والاستثمارات ذات المنفعة المتبادلة مع حساسية للتحديات التى تواجه كلا الجانبين، ولكن النتيجة العكسية وهى تصاعد الخلافات التجارية والاستثمارية الضارة المتبادلة هى أيضاً احتمالاً واضحاً.
وتعيش أوروبا أيضاً حالة عدم اليقين السياسى بشكل متصاعد، فى حين أن تأثيرها على الصين لن يكون مباشراً مثل إجراءات ترامب التى تعد مصدر المخاطر الكبيرة فى الأجل المتوسط للاقتصاد العالمى بأسره.
وداخل آسيا حيث يوجد العامل الرئيسى لتشكيل الآفاق الاقتصادية للصين وهو التقدم فى اتفاقات التجارة والاستثمار الإقليمية التى تقودها بكين، وعلى وجه الخصوص الاستثمارات فى التنمية الإقليمية عن طريق برنامج «حزام واحد، طريق واحد» وهى المبادرة التى يمولها بنك الاستثمار فى البنية التحتية الآسيوى وهو ما قد ينتج عنه توسيع التجارة والنمو فى آسيا وما وراءها على الرغم من أن الآثار الإيجابية لن تكون فورية.
العامل الخارجى الرئيسى الرابع يتعلق بأسعار الصرف فكما هو الوضع الحالى، حيث يواجه اليوان ضغوط التراجع بشكل ملحوظ الناجمة عن زيادة تدفقات رأس المال.
وفى الوقت نفسه، فإن الدولار الأمريكى يزداد قوة تحسباً للتوسع المالى فى عهد ترامب، وسوف يتحدد أداء الصين جزئياً بحسب كيفية تحرك هذه الديناميكيات.
ولكن فيما وراء حالة عدم اليقين الخارجية والرياح المعاكسة، تواجه الصين عدداً كبيراً من التحديات الداخلية، والتى قد تمثل مخاطر أكبر لاقتصادها.
ومن بين المشكلات المتجذرة إلى حد كبير، الأزمات المتفاقمة فى القطاع المالى وفشل قادة الصين فى التصدى لتلك التحديات بما فى ذلك نقاط الضعف فى الاقتصاد الحقيقى والقطاع الخاص والفوائض المالية والإفراط فى الاستدانة وأسعار المساكن مرتفعة.
وعمل بنك الشعب الصينى على توفير دفعات من السيولة فى السوق أملاً فى تخفيف القيود المالية على الشركات والقطاعات المختلفة، خاصة الإنتاجية، ولكن آلية التحول فى السياسة النقدية تحطمت والسيولة لم تصنع اقتصاداً حقيقياً، وبدلاً من ذلك، مازالت البنوك الصينية تخصص الائتمان إلى حد كبير للشركات المملوكة للدولة ووسائل التمويل للحكومة المحلية.
وينتهى الائتمان المخصص للقطاع الحكومى ليس بالتدفق فى الاستثمارات وبرامج تعزيز الإنتاجية، ولكن فى سوق الإسكان (مما يؤجج فقاعات الأسعار) والقطاعات التى تتمتع بفوائض، مما يزيد الفوائض التى تدفع الشركات لتجنب إجراءات إعادة الهيكلة التى تشتد الحاجة إليها).
وفى حين أن منصات تمويل الحكومات المحلية تستخدم القروض منخفضة التكلفة لبناء البنية التحتية، فإن العوائد الاجتماعية من تلك الاستثمارات منخفضة فى كثير من الأحيان.
وتستخدم الشركات المملوكة للدولة أيضاً النظام المصرفى الموازى غير الخاضع للجهات التنظيمية لإعادة الإقراض بأسعار فائدة مرتفعة على الأموال الرخيصة التى يتلقونها عندما يوجهونها لشركات القطاع الخاص، والتى كان من الممكن أن تقترض بشكل موثوق به من النظام المصرفى الرسمى مباشرة. فى حين أن معدل الفائدة لقرض مدته سنة واحدة فى النظام المصرفى الرسمى حوالى 5%، بلغ متوسط سعر الفائدة لمدة عام فى السوق المصرفية الموازية حوالى 16% فى نوفمبر الماضى.
يهدد هذا الوضع الاقتصاد بأكمله فالبنوك تنقذ الشركات المفلسة فى حين أن الشركات الخاصة وخصوصاً الصغيرة والمتوسطة الحجم تتراجع. وبالنظر إلى أن القطاع الخاص بشكل عام بشكل ملحوظ هو أكثر إنتاجية من الشركات المملوكة للدولة أو الحكومات المحلية، حيث تولد عائدات أعلى بكثير على الاستثمار فيجب معالجة مشكلة عدم وجود قيود على ميزانيات الشركات المملوكة للدولة المتعثرة بشكل واضح.
وبالطبع عرف قادة الصين مؤخراً بالأمر ووضعوا أجندة تسعى إلى إصلاح الشركات المملوكة للدولة، فى حين تطلق العنان لإمكانيات القطاع الخاص، لكنه لايزال العمل جارياً.
ولكى تقتنع البنوك بإقراض الشركات الخاصة بدلاً من الشركات المملوكة للدولة والحكومات المحلية فسوف يتطلب ذلك تحولات هيكلية كبيرة فى الاقتصاد الصينى.
ويبدأ الطريق من تخلص الحكومة فى بكين من التحيز للقطاع العام ببساطة، حيث يعمل القطاع المالى الصينى لصالح الشركات المملوكة للدولة فى حالة مواجهتها للمخاطر.
وحققت الصين خطوات كبيرة فى السنوات الأخيرة فى تنفيذ الإصلاحات التى تعزز الاستهلاك الداخلى الخاص، وعلى الرغم من العوائق التى تواجهها أصبح القطاع الخاص فى البلاد أكثر ابتكاراً وذو ديناميكية عالية للغاية.
وقد جنت ثمار الإصلاحات السابقة وهذا ساعد فى استدامة النمو الاقتصادى، ولكن تحقيق نمو أسرع وأكثر مرونة سيتطلب من الصين القضاء على التحيز وحماية المستثمرين وتوفير ضمانات لصالح القطاع الخاص مثل الشركات المملوكة للدولة.

 

المصدر: بروجيكت سيندكيت
إعداد: ربيع البنا

لمتابعة الاخبار اولا بأول اضغط للاشتراك فى النسخة الورقية او الالكترونية من جريدة البورصة

منطقة إعلانية

نرشح لك


https://www.alborsanews.com/2016/12/28/951073