
قفزات الذهب تخطف أبصار المستثمرين خارج التوقعات
ارتفاع معدلات نمو منطقة «اليورو» يتحدى المتشائمين بتفكك الاتحاد
إذا كان 2016 هو «عام الصدمات»، فما الذى ينتظر محبى المغامرة فى الأشهر الـ12 المقبلة؟
فمع دخول المستثمرين إلى ساحة شهر التوقعات، شهر يناير، فقد حان الوقت مع مدونة «باتون وود» بمجلة «الإيكونوميست» البريطانية التى تقدم وفق تقليد سنوى تحليلها للتنبؤ بالمفاجآت فى العام الجديد.
وبحكم التعريف، فإن المفاجأة هى شيء يحدث خارج توقعات آراء الأشخاص.
ويشير مسح شامل لمديرى صناديق الاستثمار العالميين، قام به بنك «أوف أمريكا ميريل لينش»، حول ما يعتقده معظم الناس بالنسبة لـ2017، إلى أنه بعد انتخاب دونالد ترامب رئيساً للولايات المتحدة يتوقع المستثمرون نمواً اقتصادياً أعلى، وارتفاع التضخم، وزيادة الأرباح. ولذلك اتجهوا للاستثمار بكثافة فى الأسهم، وتراجع التعرض كثيراً عن المعتاد للسندات.
لذلك.. فإنه ليس من الصعب جداً أن نرى كيف أن المفاجأة الأولى تتحقق بالفعل حالياً.
فتوقعات فعالية السياسات المالية لـ«ترامب» مرتفعة بشكل غير عادى. ولكن الأمر يتطلب بعض الوقت لمثل هذه السياسات التى سيتم تنفيذها، لكن ربما يتم تخفيف حدتها من قبل الكونجرس على طول الطريق (وخاصة على صعيد زيادة الإنفاق العام).
وفى الواقع قد يكون جيداً أن التركيبة السكانية والإنتاجية البطيئة تجعل من الصعب جداً دفع النمو الاقتصادى بمعدل 3- 4%، كما يأمل رجال الإدارة الأمريكية الجديدة. فبعد كل شىء لم تفعل الحوافز المالية ولا تعديل السياسة النقدية الكثير لإخراج اليابان من سباتها.
وبالنسبة للأرباح الأمريكية التى كانت تعرضت لانتكاسة فى أوائل عام 2016، يبدو أنه فى حكم المؤكد أنها ستنتعش لا سيما إذا أصرت الإدارة الجديدة على تطبيق سياسة خفض ضرائب الشركات.
وفى الوقت نفسه، إذا استمر مجلس الاحتياطى الاتحادى فى زيادة معدل سعر الفائدة الأساسى فى عام 2017، فربما يدفع ذلك سعر صرف الدولار لأعلى.. لكنه يعنى خفض الأرباح الخارجية للشركات متعددة الجنسيات الأمريكية عند تقييمها بالدولار.
لذلك فإن المفاجأة قد تكون أن بورصة «وول ستريت» لن تحتفظ بأدائها العظيم فى عام 2017.
وبالتالي، قد تكون المفاجأة الثانية أن السندات الحكومية الأمريكية لن تؤدى ذلك الشكل السيئ المنتظر.
وتقترب عائدات سندات الخزانة فئة 10 سنوات، من قمة المدى المتراوح بين 1.5 و3% الذى حققه التداول فى السنوات الأخيرة. وتميل تكاليف اقتراض القطاع الخاص، بما فى ذلك سندات الشركات والرهونات ذات السعر الثابت، للتحرك فى خط موازٍ لعوائد سندات الخزانة.
ومع زيادة تكاليف الاقتراض، فإن ذلك سيكون له تأثير سلبى على النشاط الاقتصادى، ما سيؤدى إلى الارتفاع الحاد فى عوائد السندات.
وفى كثير من الأحيان ستشهد حركة تصحيح ذاتية عندما تسهم البيانات الاقتصادية الضعيفة فى تقليص العوائد.
المفاجأة المحتملة الثالثة لسنة 2017 قد تحدث دون ضجيج.. ولذلك هى مصدر القلق الأكبر لمديرى الصناديق فى استطلاع الرأى المشار إليه آنفاً، وهى تفكك الاتحاد الأوروبي.
ونتيجة ذلك فإن مدراء الأصول يحتفظون، حالياً، بأقل مستوى من مخزونات الأسهم الأوروبية. ولكن الاتحاد الأوروبى قد يمر عليه هذا العام بسلام، إذا هزمت مارين لوبان فى الانتخابات الرئاسية الفرنسية، وأعيد انتخاب المستشارة أنجيلا ميركل فى ألمانيا.
ولا يمكن القول بأن الحركات الشعبوية ستفوز فى كل مرة، كما أظهرت انتخابات الرئاسة النمساوية مؤخراً. وفى الواقع فإن اقتصادات منطقة اليورو ستنمو بشكل معقول يصل إلى 1.6% العام الجديد بحسب توقعات منظمة التعاون الدولى والتنمية. كما تجدر الإشارة إلى أن القارة العجوز تبدو لبعض المستثمرين ملاذاً آمناً؛ نظراً إلى الأحداث المتوترة فى أماكن أخرى.
المفاجأة المحتملة الأخرى فى عام 2017 يمكن أن تأتى من اضطراب كبير فى السوق، فقد كان هناك عدد قليل من هذه الأحداث فى الماضى مثل الحوادث المفاجئة أو القفزات المفاجئة فى عائدات السندات.
وتكون هذه الأحداث نتيجة برامج الكمبيوتر التى تدفع المبيعات عند الوصول إلى نقطة سعر محددة وتراجع البنوك عن التداول، وهو ما يقلل السيولة فى الأسواق.
وتعتبر تريليونات الدولارات التى تتدفق من خلال الأسواق المالية فى كل يوم، هى أيضاً هدف مغرٍ للحرب الإلكترونية وجرائم الإنترنت. والقصة الكبيرة عام 2017، يمكن أن تكون «تحطم غير مبرر»، ولو مؤقتاً، للسوق الهش مثل سندات الشركات عالية العائد.
المفاجأة الأخيرة التى قد تقع، ستكون من وراء المعدن الأكثر غموضاً وهو الذهب.
فتحديد السعر المستهدف للذهب هى «لعبة حظ». فيمكن أن يفهم الخبراء أسباب إقبال المستثمرين على شراء الذهب عندما بدأت البنوك المركزية توسيع ميزانياتها بعد عام 2008. ولكن من الصعب تفسير ارتفاع السعر أكثر من الضعف فى أقل من ثلاث سنوات قبل أن يتراجع منذ عام 2011.
كما أن توقعات نمو التضخم منذ فوز «ترامب» فى الانتخابات الأمريكية من المفترض أن تحشد المستثمرين فى عمليات شراء الذهب. وبدلاً من ذلك انخفض سعر بشكل حاد، ربما لأن المستثمرين يرون المعدن بديلاً أقل أهمية من الدولار المندفع بقوة. ولكن الذهب ليس مجرد أداة تحوط ضد التضخم بل هو ملاذ آمن فى فترات المخاطر السياسية. وفى ظل إدارة «ترامب»، التى على ما يبدو تستعد لاتباع نهج أكثر عدوانية تجاه الصين وإيران، فمن الصعب أن نصدق أن الذهب لن يجد لحظات قليلة للتألق فى 2017.