كشف كريم عوض منصب الرئيس التنفيذي وعضو مجلس الإدارة بالمجموعة المالية هيرميس القابضة عن توقعاته ورؤيته للعام الجديد في حوار مع نشرة إنتربرايز أكد خلاله أن عام 2017 سيكون عام مواكبة التغيير.
ساهم كريم عوض منذ تقلد منصبه عام 2013 في استعادة ربحية الشركة عقب تداعيات ثورة 2011. وعزز عوض من مكانة المجموعة كواحدة من بنوك الاستثمار المصرية الرائدة في المنطقة، ووجه توسعاتها منذ عام 2015 نحو الخدمات المالية غير المصرفية، بما في ذلك التأجير التمويلي والتمويل متناهي الصغر. ويأخذ عوض حاليا المجموعة المالية هيرميس إلى الأسواق المبتدئة. كان عوض رئيسا لقطاع الترويج وتغطية الاكتتاب الذي انضم إليه عام 1998. وقام خلال مسيرته المهنية بقيادة وتنفيذ صفقات استثمارية تتجاوز قيمتها الإجمالية 40 مليار دولار أمريكي.
وفيما يلي أهم ما جاء في حديث إنتربرايز مع عوض : 2017 سيكون عام مواكبة التغيير. يمر العالم بفترة من التغييرات الهائلة، ومنطقتنا ليست بمأمن عن هذا الأمر. مستوى التغيير الذي نمر به غير مسبوق تاريخيا، خاصة في ظل التغيرات العالمية والفترة التي تمر بها مصر والتي يجري خلالها تطبيق برنامج الإصلاح الاقتصادي. ليس هناك شك أن الإصلاحات التي تقوم بها الحكومة صحية للاقتصاد على المدى الطويل، ولكنها ستفرض تحديات على المدى القصير. سيتعين على الشركات التكيف مع بيئة مختلفة تماما عما كانت عليه في عام 2015، أو أي سنة أخرى في التاريخ الحديث. وبعد قرار التعويم الكامل، وخطة رفع الدعم التدريجي، وارتفاع أسعار الخدمات والوقود، وتطبيق ضريبة القيمة المضافة، والضغوط التضخمية، وارتفاع تكلفة العمالة، أنهى الجميع تحليلاتهم بشأن تأثير تلك العوامل على أداء أعمالهم، وسيكون 2017 هو العام الذي سنسعى فيه جميعا إلى تعديل وضبط خططنا للفترة المقبلة.
ويعتبر جذب الاستثمارات هو التحدي الأكبر، سواء كانت استثمارات مباشرة أو غير مباشرة. ويعد الاستثمار المباشر أكثر أهمية في هذا التوقيت، فهو الطريقة الوحيدة لخلق فرص عمل مستدامة، وجعل الاقتصاد ينمو على المدى الطويل. وجرى إزالة بعض العوائق التي كانت تقف أمام جذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة، عبر قرارات شجاعة جدا، والتي تعاملت مع المشكلة ككل. لم يكن الأمر مجرد تعويم، ولكن هناك عقبات أخرى يجب التعامل معها بنفس الطريقة. يعتبر التعداد السكاني الكبير لمصر عاملا لجذب الاستثمارات، ولكن نحتاج إلى أن نتذكر أن المستثمرين غير المصريين والذين لديهم رأسمال أجنبي كبير أمامهم العديد من الوجهات الاستثمارية في العالم للاختيار بينها. نحن بحاجة للتأكد من أننا متأهبين لذلك.
ستكون موافقة مجلس النواب على قانون الاستثمار نقطة انطلاق جيدة جدا، ولكن يجب أن نتذكر أن التواصل المستمر مع المستثمرين هو الوسيلة الرئيسية لجذبهم. يجب أن يكون هناك حوار مستمر بين الحكومة ومجتمع رجال الأعمال. كان هناك خطوات جيدة جدا بهذا الشأن من قبل الوزارات الرئيسية، وهناك حاجة إلى متابعة ذلك. ويجب على الوزارات القيام بحملات ترويجية لتعريف المجتمع الدولي بالتطورات الإيجابية الأخيرة، وهذا سيكون العامل الرئيسي للترويج لمصر كوجهة استثمارية رئيسية.
تحتاج الحكومة إلى مواصلة الاستماع إلى القضايا التي يطرحها المستثمرون ورجال الأعمال. وستعود الفائدة على الحكومة إذا ما قامت بتحديد هذه القضايا والتعامل معها بسرعة وعلى نحو استباقي. نحن بحاجة إلى تهيئة مناخ مشجع للاستثمار.
تواجه صناعتنا العديد من التحديات في عام 2017، يأتي ذلك في الغالب كنتيجة مباشرة لطبيعة التقلب الشديد في مجال الأعمال. وضعنا استراتيجية وأهداف للعمل، ويمكننا دائما السيطرة على التكاليف، ولكن سيطرتنا محدودة على الإيرادات. ورغم أننا نعتبر أكبر شركة وساطة في الإمارات ومصر والكويت على سبيل المثال، ولكن إذا ما تراجعت أحجام التداول في البورصات، فإن هناك وسائل محدودة يمكن من خلالها توليد إيرادات في قطاع السمسرة.
سنقوم بزيادة الرواتب بكل تأكيد، الموظفون في الشركة هم رأسمالها الأساسي. يمكنك تقديم أفضل الخدمات إذا ما كان لديك موظفين مؤهلين لذلك. سنحافظ عليهم عبر معالجة الضغوط التضخمية، ومنحهم فرصة للتدريب خلال العمل، وإتاحة الفرصة لهم للتعامل مع الصفقات، وضمان أن يكون للشباب والمهنيين المهرة الذين التحقوا بالشركة وتدرجوا في مناصبها، أمامهم مسارات واضحة للتقدم. أعتقد أنه من الأمور الصحية دائما أن يتقلد الشباب، الذين تربوا على ثقافة الشركة، المناصب العليا بها، ويأتوا بطاقة وقيادة متجددة.
أكبر الفرص المتاحة في صناعتنا هي تلك التي لها علاقة بالمنتجات. نحتاج إلى أن يتجاوز النمو ما نقدمه حاليا من منتجات. حققنا الريادة في هذا الأمر، عبر استثمار كبير لرأس المال والموارد بتأسيس شركة التأجير التمويلي في 2015، وفي عام 20166، استحوذنا على شركة تنمية، وكل ذلك يمثل العمود الفقري للخدمات المالية غير المصرفية التي نقدمها. وهناك المزيد الذي سنحققه في هذا المجال في عام 2017. كانت إدارة الاستثمار المباشر مبتكرة جدا، بعد قيامها بالاستثمار في أصول الطاقة المتجددة لتوليد العوائد من أوروبا. وأطلق قطاع السمسرة والبحوث منصة شاملة للتداول عبر الإنترنت بالتعاون مع ساكسو بنك. حان الوقت للتفكير خارج صندوق المنتجات التقليدية، لخلق العديد من الفرص لتحقيق أقصى مبيعات من مجموعة متنوعة من المنتجات والخدمات، وتقليص التعرض للتقلبات.
أتوقع أن آفاق الطروحات الجديدة ستكون جيدة في عدة دول بالمنطقة. سيكون انتعاش أسواق المال هو المحرك الرئيسي لهذا المجال، إذ أن أسواق المال القوية تعد أداة لجذب شركات جديدة. تولينا قيادة طرح 10 شركات منذ عام 20144، في سوق دبي المالي وبورصة لندن، وناسداك دبي، والبورصة المصرية. ويعد هذا العدد أكبر مما قامت به أي شركة أخرى في المنطقة. ودخلنا عام 2017، بمجموعة من الطروحات التي نعمل عليها في مصر والإمارات، وهي طروحات ستكون محل اهتمام المستثمرين، إذ أنها توفر الاستثمار في صناعات لا تتواجد بكثرة في أسواق الأسهم، وصناعات أخرى غير متواجدة في البورصة.
بدأنا عام 2017، بنشاط تداول قوي في البورصة المصرية على وجه الخصوص، والأهم من ذلك، أن نوعية وطبيعة المستثمرين تغيرت بشكل كبير منذ 3 نوفمبر. لم نعد نرى فقط المستثمرين الأفراد والمؤسسات المحلية تتداول في السوق، بل نرى أيضا الكثير من المستثمرين الأجانب الكبار يستثمرون بقوة في السوق. ويعد أفضل شيء في هذا الأمر، أنهم يرون أن هناك فرصًا في مصر، ليس فقط بسبب الأسهم الرخيصة، لكنهم أيضا يرون أن سعر الجنيه يتحرك في صالحهم.
ما الذي يطلبه المستثمرون؟ عندما قابلت المستثمرين في مؤتمر وان أون وان في مارس الماضي، تساءل الجميع عن الاقتصاد. وعدد قليل سأل عن المجموعة المالية هيرميس. وفي مؤتمر لندن في سبتمبر الماضي، تغير الوضع 1800 درجة. الآن، يسأل كافة المستثمرين الذين التقيناهم عن هيرميس، وخططنا في العام المقبل. أعتقد أن كل شركة مدرجة في البورصة تواجه نفس الأسئلة حاليا. يبحث المستثمرون الآن عن الفرص المناسبة لأنهم يطمئنون أكثر عندما تكون الصورة الكلية جيدة.
ستشهد مصر العديد من عمليات الاندماج والاستحواذ في 2017، ولدينا أيضا عدد من الصفقات نعمل عليها في دول الخليج. ويعد المحرك الأساسي لذلك الإصلاحات التي تقوم بها الحكومة، والقرار الذي اتخذته البلاد في نهاية المطاف لحل أزمة تقلب سعر العملة. ما نراه اليوم من تقلب في سعر العملة يعتبر قصير الآجل جدا، وذلك عند النظر إليه من قبل مستثمر استراتيجي طويل الأجل. أعتقد أن نسبة كبيرة من الصفقات التي نعمل عليها، عابرة للحدود (إذ سيهتم الأجانب بشراء الشركات المصرية)، ومن المتوقع أن يتم تمويلها ذاتيا أكثر من الاعتماد على القروض نظرا لارتفاع أسعار الفائدة حاليا. سيحقق ذلك إفادة كبيرة للبلد، وسيدعم احتياطي النقد الأجنبي لدى البنك المركزي المصري.
وسيستمر أداء البنوك التجارية على نحو جيد جدا. لا يزال معدل الانتشار في السوق محدود، سواء كنت تتحدث عن قطاع التجزئة أو الخدمات المصرفية للشركات الصغيرة والمتوسطة. ويؤثر كل شيء، سواء أسعار الفائدة المرتفعة، أو عجز الموازنة الحالي للبلاد، والمستوى العالي من السيولة، إيجابيا على البنوك التجارية. ومع بدء تحسن الأداء الاقتصادي، من المرجح أن تجد البنوك فرصا كثيرة في القروض المشتركة، إقراض الشركات، وسيكون هناك مجالا لتنمية الرسوم والعمولات التي تتقاضاها. ويتمثل الجانب السلبي بالنسبة للقطاع المصرفي في القروض الدولارية المتعثرة. ومع ذلك أتوقع ألا نرى حالات كثيرة للتخلف عن السداد، في ظل الشروط الصارمة التي وضعها البنك المركزي لمنح القروض الدولارية لبعض الوقت، والقاعدة الرأسمالية الكبيرة التي تتمتع بها البنوك والشروط الصارمة التي تضعها أيضا لمنح القروض الدولارية. وتعمل البنوك على نحو جيد في دورة الهبوط الحالية في الاقتصاد، وستعمل على نحو أفضل مع الاتجاه نحو تحسن الأوضاع.
لا أستطيع تحديد القطاع الذي سيكون الأسوأ أداء، لكن تضخم التكاليف سيكون تحديا صعبا للغاية أمام أغلب الشركات. سترتفع الأجور، وتكلفة الدين أيضا. سترتفع كافة البنود المتعلقة بالتكلفة في قائمة الدخل على نحو أسرع مقارنة بالإيرادات في عام 20177. وأرى أن أغلب الصناعات ستواجه تحديا في تمرير كامل الارتفاع في التكلفة إلى سعر المنتج النهائي، وبالتالي ستتراجع الهوامش. ولكن المشكلة تكمن، في الشركات التي لديها هوامش محدودة الآن.
لو خيروني أن أبدأ عمل تجاري جديد اليوم، لاخترت مجال المطاعم، ولكن خبرتي محدودة في هذا المجال. أؤمن جدا بأن الأعمال ستتحول إلى الأنظمة الرقمية، واستخدام الإنترنت لتنفيذ الأعمال. ولهذا السبب أطلقنا بوابة التداول الإلكتروني الجديدة “EFG Hermes One“. أتمنى أيضا الاستثمار في شركات التكنولوجيا المالية. أنا معجب كثيرا بشركات مثل فوري، ولدينا الكثير من القدرات الشابة في مصر، إلى الدرجة التي أستطيع أن أفكر في تقديم عدد من المنتجات المبتكرة في مجال التكنولوجيا المالية. أرى أن مجال التكنولوجيا المالية، سواء على المستوى الشخصي كمستثمر، أو من خلال المجموعة المالية هيرميس، مقنع جدا للاستثمار به.
الحكومة تدرك تمامًا حاجتها إلى تشريعات لتسهيل تدفق الاستثمارات إلى مصر. أريد حقا أن أرى حراكا في المنطقة الاقتصادية لقناة السويس، والتي يمكن أن تكون عاملا رئيسيا لتغيير الاقتصاد ككل، ومصدرا ضخما لخلق فرص العمل. من الواضح أن الحجم الأكبر لأعمالنا سيكون محركه الرئيسي الاستثمار في مصر، ولكن المنطقة الاقتصادية لقناة السويس يمكن أن تغير الأمور، عبر تحويل موقعنا الجغرافي إلى مركز رئيسي للخدمات اللوجستية والصناعية والذي سيكون بمثابة بوابة بين أوروبا وآسيا.
ولزيادة إمكانيات التصدير، نحتاج كأمة إلى أن نقرر ما هي الصناعات التنافسية لدينا؟ ما هي المميزات التي نمتلكها مقارنة بدولة مثل بنجلاديش أو دول جنوب شرق آسيا في مجال المنسوجات؟ لماذا علينا التركيز في التكنولوجيا والزراعة؟ وبمجرد تحديد ذلك، يجب أن نقدم حوافز للاستثمار في تلك الصناعات للمساعدة في رعايتها وتنميتها لتكون قادرة على المنافسة عالميا، وتحقيق تدفقات دولارية لمصر.
أتمنى أن يكون السؤال الذي سيتم طرحه في نهاية العام هو هل كنا نبالغ في تجنب المخاطر؟ نحن الآن في خضم العديد من التغيرات والجميع يميل إلى السير بحذر. فكر في ذلك: يعتبر ناصف ساويرس من أذكى رجال الأعمال في مصر. تعهد بتنفيذ برنامج استثماري ضخم في نهاية التسعينيات وبداية الألفينات، عندما كانت مصر تواجه صعوبات اقتصادية. وبحلول عام 20044، اتجهت البلاد إلى مسار جيد. وأراهن أن الكثيرين نظروا إلى ما فعله، وقالوا: “أتمنى لو أنني فعلت نفس الشيء. كنت أتمنى لو لم يكن لدي مخاوف من المخاطر”. سيكون لدينا مشكلة كبيرة إذا أصبحنا في وضع مماثل وطرحنا نفس السؤال في ديسمبر 2017.