قبل أيام من حفل تنصيب دونالد ترامب، رئيساً جديداً للولايات المتحدة الأمريكية، كشفت صحيفة «فاينانشيال تايمز» البريطانية، أن الرئيس المنتهية ولايته باراك أوباما، غادر البيت الأبيض والاقتصاد الأمريكى يشهد تحسنا، وهو الأمر الذى نادراً ما يحدث.
وذكرت الصحيفة أن ترامب، يعد الرئيس الأوفر حظاً بين الرؤساء السابقين، فقبل وصوله إلى ساحة البيت الأبيض دلت جميع المؤشرات على تحسن الأداء الاقتصادى وخصوصاً ارتفاع ثقة المستهلكين، والإنفاق القوى للأسر الذى تم تسجيله نهاية العام الماضى.
وقال أنصار «أوباما»، إن «ترامب»، سيتولى السلطة فى فترة تناقض نظيرتها التى تولى فيها الرئيس المنتهية ولايته قبل 8 سنوات.
فالاقتصاد فى 2009 كان يعانى أزمة شديدة.
وأضافوا أن الرئيس «أوباما»، ترك إرثاً من الانتعاش، إذ زادت الأجور وتراجعت البطالة إلى أدنى مستوياتها فى 9 سنوات، وانتعشت أسواق الأسهم والإسكان التى عانت كثيراً فى 2009.
وأشارت الصحيفة، إلى أنه رغم قوة الاقتصاد الأمريكى فى الوقت الراهن، فلا يزال طريق الانتعاش به عيوب وملئ بمستويات خطيرة من الناحية الاجتماعية بسبب عدم المساواة وتعثر نمو الإنتاجية.
ويخشى بعض المحللين من انهيار إرث ترامب، إذا احتضن الخيارات السياسية الخطيرة ومنها شن حرب تجارية مع الصين.
وأوضحت «فاينانشيال تايمز» أن ترامب، سيرث الأسبوع المقبل بلداً زاد فيه معدل الناتج المحلى الإجمالى للفرد الواحد بنسبة 4%، وهو أعلى من ذروة ما قبل الأزمة متجاوزاً الانتعاش فى بعض الاقتصادات الأخرى ومنها اليابان ومنطقة اليورو.
جاء ذلك فى الوقت الذى سجل فيه نمو دخل الأسرة الحقيقى فى عام 2015 رقماً قياسياً بلغ نسبة 5.2% وسط انتعاش سوق الأسهم وارتفاع أسعار المنازل التى باتت قريبة من استعادة الخسائر التى لحقت بها أثناء أسوأ أزمة إسكان منذ الكساد العظيم.
ومنذ بداية الثمانينيات وصل جميع الرؤساء إلى البيت الأبيض باستثناء جورج دبليو بوش، والاقتصاد يعانى من انخفاض معدل البطالة.
وقال جيسون فورمان، رئيس المستشارين الاقتصاديين فى إدارة أوباما، خلال ديسمبر الماضى إن الاقتصاد الأمريكى كان على شفا الوقوع فى فترة كساد كبير مرة ثانية، لكن السياسات التى تبناها أوباما، حالت دون الوقوع فى ذلك.
فى المقابل، وصف المستشار السابق فى حملة ترامب الرئاسية، كبير الاقتصاديين، ستيف مور، أن فكرة ميراث الرئيس الجديد لاقتصاد قوى ومنتعش، بأنها «عبارة خالية تماماً من الصحة».
لكن بعض خبراء الاقتصاد منهم رئيس مجلس المستشارين الاقتصاديين بالبيت الأبيض آلان كروجر، قال إن مقاييس الاقتصاد الأمريكى تحسنت بشكل كبير خلال السنوات الثمانى الماضية وتفوقت على أجزاء كبيرة من العالم.
وأضاف أنه من خلال الاستفادة من التجارب السابقة، فإن سجل الرئيس الجديد وأداء الاقتصاد ربما يبدو أفضل حالاً من الماضى.
ومع ذلك لا ينكر الاقتصاديون نقاط الضعف التى لا تزال قائمة فى الاقتصاد الأمريكى، وأهمها حالة عدم المساواة.
فقد كشف تقرير أن 1% فقط من سكان الولايات المتحدة يسيطرون على حصة كبيرة من الدخل، فى وقت تراجع فيه نمو دخل الأسرة الحقيقى فى 2015 ولا تزال 95% من الأسر، تملك دخلاً بمعدلات أقل مما كانت عليه فى 2007.
وسيكون من الصعب مواجهة عدم المساواة، وربما تتفاقم المشكلة فى ظل السياسات المقترحة من الرئيس الجديد خصوصاً إذا جرى تفعيل خفض ضريبى على الشركات، الأمر الذى سيجعل الأغنياء هم الأكثر ثراء.
ومن بين المعوقات الرئيسية فى نمو الدخل مستقبلاً، هو ضعف الإنتاجية، إذ يقول دوج هولتز ايكين، المستشار الاقتصادى السابق فى حملة الانتخابات الرئاسية لجون ماكين، أن معالجة أوجه الضعف على المدى الطويل تتطلب خيارات سياسية حذرة.
ويخشى بعض المحللين من تحول ترامب، نحو الحمائية التى يمكن أن تدفع البلاد إلى حرب تجارية تهز الثقة فى قطاع الأعمال.
ووصف إيثان هاريس، الخبير الاقتصادى فى «بنك أوف أميركا ميريل لينش»، تصعيد التوترات التجارية بين الصين والولايات المتحدة باعتبارها أكبر تهديد للاقتصاد العالمى فى 2017.