استولى التوتر السعودى ـ الإيرانى، على عناوين الصحف الرئيسية العام الماضى، بسبب الصراعات القائمة فى جميع أنحاء الشرق الأوسط، والتى انتهت بقطع العلاقات الدبلوماسية بينهما.
وفى الوقت الذى ركزت فيه وسائل الإعلام على الجانب السياسى، أغفلت الجانب الرئيسى فى علاقاتهما وهو الاقتصاد.
وذكرت مجلة «او زد واى» الأمريكية، أن المملكة العربية السعودية وإيران على حد سواء فى مفترق الطرق الاقتصادية، إذ إنهما تدركان الحاجة لتوجيه مسار الاقتصاد من جديد لتجنب المعاناة الاقتصادية.
ونقلت المجلة عن باسم الأحمدى، مستشار شئون الشرق الأوسط فى مجموعة «جلوبال ريسك انسايت» أن طهران استطاعت أن تقنع العالم بالتخلى عن العقوبات الدولية بعد الجهود التى بذلتها بقيادة الرئيس روحانى، انتهت بالتوقيع على الاتفاق النووى وفتح البلاد للتجارة الخارجية والتجارة.
وفى الوقت نفسه، شن ولى ولى العهد السعودى الأمير محمد بن سلمان، حملة لتنويع اقتصاد بلاده بعد تراجع أسعار البترول. ويسعى الأمير الشاب، لإنهاء الاعتماد على النفط من خلال وضع خارطة طريق لتنويع وتحديث الاقتصاد للأجيال القادمة.
ويكمن السؤال الآن عن البلد الذى سيقود عملية إصلاح الاقتصاد، ومن هو المنتصر الذى سيأخذ زمام المبادرة لممارسة نفوذه الإقليمى.
فإيران منذ انتخاب روحانى، عام 2013 حققت إلى حد كبير ما سعت من أجله، إذ تم رفع بعض العقوبات المتعلقة بنشاطها النووى، وبالفعل اصطفت الشركات الأجنبية لدخول السوق البالغ تعداد سكانه 80 مليون نسمة وتم توقيع الكثير من الصفقات التجارية.
ومن المتوقع أن ينمو الاقتصاد الإيرانى بنسبة 5% العام الحالى بعد سعى روحانى، لتطوير البنية التحتية والقضاء على البيروقراطية وإصلاح الدعم والتدابير الاقتصادية الأخرى، التى سوف تساعد على تحسين مناخ الأعمال الإيرانى.
وفى الوقت نفسه أظهر المرشد الأعلى للثورة آية الله خامنئى، علامات دعم الإصلاحات الاقتصادية بعد الموافقة على الصفقة النووية التى ستدعم الاستثمارات الأجنبية ورفضه للمتشدد أحمدى نجاد، لخوض الانتخابات الرئاسية المقررة ربيع هذا العام.
ولكن انتخاب دونالد ترامب، رئيسا للولايات المتحدة قد يكون قصة مختلفة بعد اعتراضه على الاتفاقية النووية إلا أنه سيكون من الصعب للغاية بالنسبة للرئيس الأمريكى تمزيق الاتفاق النووى نهائيا.. لكن من المتوقع أنه لن يتم تخفيف كل العقوبات خصوصا أن المستثمرين الأجانب ما زالوا يستغيثون لرفع الحظر على التعاملات مع إيران.
وعلى الجانب الآخر، تخوض المملكة العربية السعودية معركة اقتصادية صعبة. ففى ربيع العام الماضي، أعلن الامير البالغ من العمر 31 عاما «رؤية 2030» وهى خطة طموحة تهدف إلى تحديث وتنويع الاقتصاد من خلال تقليل الاعتماد المملكة على البترول واستكشاف أصول أخرى وتنفيذ الإصلاحات الهيكلية.
وتم تحديد أهداف محددة وقصيرة الأجل من هذه الرؤية يتم تحقيقها فى 2020، إذ كشف عن برنامج التحول الوطنى، لتحقيق موازنة متوازنة وخلق 450 ألف وظيفة فى القطاع الخاص وجنى أكثر من ثلاثة أضعاف الإيرادات غير النفطية فى البلاد.
وأشار الأحمدى إلى أنه من أجل تنفيذ «رؤية 2030» علينا الإجابة عن السؤال الرئيسى، وهو من لديه القدرة على رسم السياسة الاقتصادية فى المملكة العربية السعودية؟
فبعد تراجع أسعار البترول وتضخم العجز فى الموازنة العامة توقع المجتمع السياسى إصلاح السفينة.
ووعد الأمير محمد، الذى يعد واجهة الطبقة السياسية وقائد الإصلاحات الاقتصادية بتنفيذ خارطة الطريق.
ولذلك تعد «رؤية 2030» فى أيد أمينة. فالأمير يعتزم تحديث اقتصاد المملكة، ويضع أيضا تركيزا أكبر على التخلص من العقبات البيروقراطية وتبسيط السياسة الاقتصادية.. لذلك نتوقع أن نرى قرارات سياسة أكثر جرأة للإسراع فى تحقيق الإصلاحات، التى يجرى تنفيذها بخطى أسرع خلال السنوات المقبلة.
وأشارت المجلة إلى أنه بمجرد التفكير فى المملكة العربية السعودية وإيران، فعلينا النظر إلى فكر الأعمال والفرص المتاحة لجذب الاستثمارات التى تساعد فى التصدى للمخاطر السياسية والتنظيمية.
وأضافت أن سوق السعودية واعد للغاية.. فلديها اقتصاد متكامل مع العالم وأدخلت عليه إصلاحات جريئة.
وعلى الجانب الآخر يظهر الاقتصاد الإيرانى جوانب مشرقة، فى وقت اعترف فيه الإصلاحيون بأن الاستثمار الأجنبى هو العامل الرئيسى للنمو الاقتصادى.