حكومة بكين تسعى لتوجيه البلاد نحو الاستهلاك المحلى
من المقرر أن تتخطى الهند، جارتها الصين، لتصبح الدولة الأكثر اعتمادا على الصادرات للمرة الأولى منذ أن انفتحت بكين، على العالم عام 1979، أى قبل 38 عاما.
وذكرت صحيفة «فاينانشيال تايمز» البريطانية، أن هذا التحول يسلط الضوء على نمو الاقتصاد المحلى فى الصين الذى يمكن أن يجعل الدولة أكثر قدرة على تحمل التوترات التجارية فى عهد الرئيس الأمريكى الجديد دونالد ترامب، بعد تهديده بفرض تعريفات عقابية على بكين.
وصدرت الصين، سلعا وخدمات بقيمة 1.65 تريليون دولار فى الأشهر التسعة الأولى من العام الماضى بتراجع نسبته 7.2% مقارنة بالفترة المقابلة من العام الماضي.
وكشفت بيانات الصحيفة أنه خلال الفترة نفسها، انخفضت نسبة صادرات البلاد من الناتج المحلى 20.2%، مقارنة بـ 38.6% خلال الذروة عام 2006.
وعلى الجانب الآخر، صدرت الهند بكثافة فى الأشهر التسعة الأولى من العام الماضى بنسبة بلغت 19.4% من الناتج المحلي، وتسعى لتجاوز الصين ربما فى وقت مبكر من العام الحالي.
وأشارت الصحيفة، إلى أن اندفاع الصادرات الهندية سيجعل الدولة تتخطى الصين منذ عام 1979.
وقال لويس كويجس، رئيس قسم اقتصاد آسيا فى «أكسفورد ايكونوميكس»، إنه منذ عام 1991 ارتفع التكامل الصينى بين القطاع الصناعى والاقتصاد العالمي.. لكن بدأت تتغير تلك الصورة، حتى قبل الأزمة المالية العالمية.
وتوقع كويجس، أن تستطيع الهند، المضى قدما هذا العام رغم تنبؤات البنك المركزى هناك، بأنها لن تفعل ذلك قبل 2020.
وأضاف: «لم نشهد نموا فى الصادرات فى الوقت الراهن نظرا لتراجع حجم التجارة العالمية».
وقال مارك ويليامز، كبير الاقتصاديين فى «كابيتال إيكونوميكس» الذى يعتقد ان الهند قد تتفوق على الصين هذا العام، ان هذه التوقعات لم تكن بسبب أن الصين، سجلت أداءا متراجعا مقارنة بأجزاء أخرى من العالم.. لكن ناتجها المحلى الإجمالى نما بسرعة كبيرة جدا، وبالتالى تراجعت حصة الصادرات إلى الناتج المحلى الإجمالى كثيرا.
ورغم أن العديد من البلدان الصغيرة أصبح لديها بالفعل نسب تصدير أعلى، إلا أن تراجع الصين خلف الهند يرمز إلى تحول كبير فى الاقتصاد العالمي.
وفى الماضى كان الدافع وراء صعود الصين وتصنيفها كقوة التصدير الأولى، هو الحملة المنسقة لتطوير قطاع التصنيع منخفضة التكلفة، وإدماجه فى الاقتصاد العالمى وانتزاع حصتها فى السوق العالمية.
لكن فى الوقت الراهن، تحاول الحكومة الصينية توجيه البلاد بعيدا عن النمو الذى تقوده الصادرات، إلى الاستهلاك المحلي.
وقال ديفيد لوبين، رئيس اقتصاد الأسواق الناشئة فى «سيتي» إن الصين أطلقت جهدا كبيرا ومتواصلا للتحفيز نهاية عام 2008.
وفى المقابل تسعى الهند جاهدة لتطوير قطاع الصناعات التحويلية، وأصبحت من الاقتصادات الآسيوية الناجحة حقا فى توليد نمو اقتصادى مستدام.
وقال كويجس، إن الهند شهدت زيادة مثيرة للإعجاب فى معدل الصادرات وخصوصا فى الخدمات التجارية وتكنولوجيا المعلومات. واندمجت فى الاقتصاد العالمى بالطريقة التى فعلتها فى الصين قبل عقد من الزمان.
وبلغت صادرات قطاع الخدمات فى الهند حوالى 7.4% من الناتج المحلى الإجمالى العام الماضى، أى ما يقرب من ثلاثة أضعاف الصين العام الماضي.
وارتفعت نسبة الصادرات إلى الناتج المحلى الإجمالى للهند من 5.4% فى عام 1986 إلى 25.2% فى 2013.
لكن قال كويجس، إن الهند تواجه الآن مشكلة مماثلة للصين، فى أن لديها حصة سوقية محلية كبيرة فى العديد من القطاعات وهو ما يقف حائلا أمام محاولات التصدير.
وربما تكون الإيرادات التصديرية للهند، أفضل من الصين بسبب ايرادات البترول وخصوصا بعد توقع صندوق النقد الدولي، ارتفاع الأسعار بمتوسط 20% فى 2017.
وأكدّ وليامز، أن ارتفاع أسعار السلع الأساسية بشكل ملحوظ هذا العام مقارنة بالعام الماضي، سيرفع الهند بالتأكيد فوق الصين.
وأضاف أن قدرة الهند فى صادرات الخدمات، قد تساعد أيضا فى تفوقها على الصين هذا العام، وربما لعدة سنوات قادمة خصوصا وأن الاستهلاك العالمى آخذ فى التحول من السلع إلى الخدمات.