تطبيق برامج تنموية تركز على زيادة الإنتاجية والعنصر على الاجتماعى
شقت الهند طريقاً متفرداً بين الدول النامية يقوم على نقل العلوم الغربية وتطويرها وفقاً لاحتياجاتها المحلية غير أن شبقها نحو التحول إلى دولة متقدمة علميا وتكنولوجيا اصطدم بواقع رسخة التاريخ عبر العقود الماضية وهو أن الدعم الغربى للتنمية فى دول النصف الجنوبى للكرة الأرضية له سقف.
وعلمت الهند أن هناك حاجة لضغط جمعى من الدول النامية على من البلدان المتقدمة للتخلى عن التمييز فى المعاملة والإجراءات التفضيلية التى تمثل ملامح نظم التجارة والتعاون الدولى منذ فترة طويلة.
ومؤخراً كانت ظاهرة دونالد ترامب الرئيس الأمريكى الجديد تتويجاً فجاً للترتيبات التجارية الاقتصادية الإقصائية رغم زيادة تقديم المساعدة للبلدان.
وقال السفير شيام ساران وزير الخارجية الهندى السابق وحالياً رئيس مجلس إدارة نظم المعلومات والبحوث فى البلدان النامية (RIS)، إن هذه الحقيقة خلقت دوافع الفلسفة الهندية للتعاون من أجل التنمية التى تميز تجربتها عن التعاون التقليدى.
وأشار إلى أنه على عكس المساعدة الإنمائية الرسمية التى تقوم على علاقة المانح وموكله، فان التعاون الإنمائى الهندى يرى أنها مسألة تتعلق أكثر بالشراكة.
واضاف انها علاقة بين شركاء على قدم المساواة يتم فيها تحديد الأولويات من قبل الشركاء معاً على أساس احتياجاتهم والتحديات المستقبلية.
وأشار إلى نموذج الهند للتعاون كشف انه حتى مع الموارد المتواضعة، يمكن أن يسهم التعاون فى بناء القدرات عبر نقل المعرفة من خلال الدورات التدريبية وبرامج التعليم المشتركة كما فعلت بلاده مع الغرب لعقود.
من جانبه قال السفير أجيت كومار رئيس بعثة الأمم المتحدة الدائمة لدى الهند، إن نهج الهند للتعاون الإنمائى يقوم على اثنين من الركائز الأساسية للتعاون هما الشراكة من اجل المنفعة المتبادلة والازدهار ومشاركة حقوق الملكية الفكرية مع شركاء التنمية.
وشدد السفير كومار على أن التعاون بين بلدان الجنوب عنصراً مهماً لدعم الجهود الرامية إلى تنفيذ مبدأ الامم المتحدة المتعلق بالحق فى التنمية ومع ذلك فإنه لا يمكن تفسير هذا التعاون بين دول الجنوب على انه بديل للتعاون بين الشمال والجنوب.
وبرزت الهند كلاعب رئيسى فى مجال التعاون الإنمائى ليس فقط بسبب تزايد حجم ونطاق التعاون فيما بين بلدان الجنوب، ولكن يعود ذلك بشكل أكبر لريادتها فى تطوير خطاب التنمية وتوليد المعارف الخاصة بتلك البلدان.
وأشار ساشين شاتورفيدي، المدير العام لـ”RIS”، إلى أن نيودلهى وضعت التنمية البشرية فى مركز الصدارة وجعلت للعمل المشترك من أجل التنمية عناصر رئيسية هى بناء القدرات والمنح وخطوط الائتمان والتجارة والاستثمار.
وأعطى مثالاً على مبادرة الهند فى المؤتمر الوزارى لمنظمة التجارة العالمية فى هونج كونج فى عام 2005، حيث أعلنت عن قرارها منح منتجات الدول الأقل نمواً حرية كاملة فى دخول أسواقها بصفر من الحصص وصفر من الرسوم.
وفى معرض حديثه عن القضايا التى تنشأ خلال التعاون الإنمائى بين بلدان الشمال والجنوب شدد على ضرورة تحقيق العدالة فى شروط التعاون الإنمائى، والتى يجب ان تكون مقبولة من الطرفين.
وتتميز جهود الهند عن الصين فى التعاون الدولى على مدى العقود الماضية بشكل رئيسى على بناء قدرات المنطقة بينما تركز بكين أكثر على البنية التحتية والربط مع المنطقة وأفريقيا.
وأبرزت أنيتا أموريم، رئيسة وحدة الدول الناشئة والشراكات الخاصة فى منظمة العمل الدولية تجربة الهند والبرازيل وجنوب أفريقيا لتأسيس صندوق مكافحة الجوع والفقر مع التركيز على مكافحة عمالة الأطفال.
وقالت الخبيرة فى منظمة العمل الدولية، إن الصندوق مول مشروعات فى هايتى على سبيل المثال منها إعادة تدوير المخلفات الذى استفاد من نقل الهند للتكنولوجيا فى هذا المجال.
ويعد نقل التكنولوجيا أحد أهم روافد التعاون الهندى لمساعدة الدول النامية على النمو معاً وتحقيق تقدم علمى يشكل رافعة لدول الجنوب نحو تطوير البحث العلمى باستقلالية عن الدول المتقدمة.
ولفت ريتشارد كوزيل رايت، مدير شعبة استراتيجيات العولمة والتنمية فى برنامج الامم المتحدة للتجارة والتنمية (الأونكتاد) أن التعاون فيما بين بلدان الجنوب يسعى إلى التغلب على الاختلالات والثغرات الموروثة على مدار العقود السابقة.
ولفت إلى أن خطاب التنمية فى الدول النامية يركز على الاقتصاد الإنتاجى مع زيادة التركيز على العنصر البشرى، مما ينعكس الآن فى مبادرات التعاون بين بلدان الجنوب بالتركيز على رأس المال البشرى والخدمات والبنية التحتية.