الفقر المدقع الوجه القبيح لسادس أكبر اقتصاد فى العالم


الأمية وسوء توزيع الثورة وتركيز التنمية فى المدن وراء الأزمة
فتاة صغيرة سمراء بملامح جميلة، تؤدى رقصات شعبية فى إشارة المرور بين السيارات المتوقفة فى انتظار تحية الجماهير ببضعة روبيات تسد بها جوعها، ومشرد يفترش الرصيف فى درجة حرارة تقترب من الصفر فلا مأوى له، مشهدان يثيران أسئلةً كبيرةً حول سادس أكبر اقتصاد فى العالم الذى نجح، مؤخراً، فى إطلاق بعثة فضائية إلى كوكب المريخ.
فبعد 25 عاماً من بداية الإصلاح الحقيقى تضمنت جهوداً فريدة للحد من الفقر، ما زالت الهند موطناً لأكبر عدد من الفقراء فى العالم 30% منهم أطفال، رغم أنها، أيضاً، موطن لأكبر عدد من الناس الذين هربوا مؤخراً من الفقر.
ويوجد فى الهند 26% من فقراء العالم، والخبر السار هو أن الحكومة فى نيودلهى لديها منهج واضح يقوم على تسريع الحد من الفقر فى المناطق الريفية، وخلق فرص أفضل للتوظيف، وبأعداد أكبر، وتوجيه مزيد من الاهتمام باتجاه المرأة والمناطق القبلية، وتحسين بيئة الإسكان وأخيراً تطوير القدرة الإنتاجية للفقراء لزيادة دخلهم.
ويعد الإسراع من الحد من الفقر الريفى أمراً حاسماً فى مواجهة الفقر؛ لأن أربعة من كل خمسة من الفقراء الذين يعيشون فى الهند يقبعون فى المناطق الريفية من خلال إدخال أنشطة غير زراعية فى هذه المناطق لزيادة الاستفادة من التطوير فى الربط بين المناطق الريفية والحضرية، وبين قطاعات الزراعة والصناعة والخدمات.
ونجحت الهند، كما يقول تقرير جريدة إنديان إكسبريس، فى خلق وظائف أكثر وأفضل، بفضل ارتفاع التحويلات المالية من الخارج وزيادة عائدات العمل، لكن هناك حاجة لخلق فرص عمل فى قطاعات أكثر إنتاجية.
ويعتبر التركيز على المرأة والمناطق القبلية مهماً خصوصاً أن ثلث الجنس الناعم فى سن القوى العاملة، فقط، يعملن بالفعل، ونتيجة ذلك تحتل الهند اليوم الأخير بين دول البريكس، وعلى مقربة من القاع فى جنوب آسيا من حيث المشاركة فى القوى العاملة النسائية.
أضافت الصحيفة، أن إنشاء المزيد من المساكن الجيدة أمر حيوى أيضاً؛ حيث تشكل أماكن المعيشة للناس فرصهم فى الحياة، كما تشجع بيئة الحياة الجيدة الفقراء على بذل مزيد من الجهود من أجل الارتقاء بالمستوى المعيشى لأسرهم للاستفادة من عناصر الرفاهة المحيطة بهم.
وأخيراً، فإن تطوير الموارد البشرية عامل أساسي فى زيادة دخل الفرد نتيجة اكتسابه مهارات عمل أفصل، فلا يمكن افتراض أن النمو الاقتصادى السريع سوف يترجم تلقائياً إلى نتائج أفضل لحياة الناس فمشكلات مثل نقص التغذية والتغوط فى العراء لا تقتصر على الفقراء، ولا تتحسن مع النمو الاقتصادى وحده.
وتشير إحصاءات أوردتها جريدة سوبوكسى الإلكترونية إلى أن الهند لديها 363 مليوناً يعيشون تحت خط الفقر بنسبة 29.5% من تعداد السكان، وفق دراسة استقصائية 2011-2012، مقابل 407 ملايين نسمة بما يعادل 37% فى 2004- 2005.
وبحسب أحدث التقديرات، فإن النسبة هبطت إلى 22% فى 2014 لحوالى 269 مليون نسمة.
لكن تقارير مستقلة تشير إلى أن النسبة لا تقل فى 2013 عن 50% بحسب البرنامج الإنمائى للأمم المتحدة؛ أى نحو 650 مليون نسمة من الفقراء.
ويقر الخبراء بوجود عدة عقبات أمام الهند لاستئصال الفقر بشكل ملائم لحجم النمو الاقتصادى ومنها:
1- عدم المساواة الاجتماعية، ما يؤدى إلى الإقصاء والتهميش
ما زالت الهند تعانى بكتيريا «الانقسام الطبقى»، ما يقوض النسيج الاجتماعى المتماسك، فقد جرت العادة على استبعاد الناس من الطبقات البعيدة عن التيار الرئيسى للمجتمع الذى تحكمه ما يسمى «المجتمعات الطبقية العليا».
ويعيش تاريخياً أبناء القرى والبلدات معزولين فى أسوأ شكل من أشكال الرفض من قبل التيار الرئيسى للمجتمع، وبالتالى تنعزل آثار التنمية عنهم خصوصاً أن 70% من السكان يعيشون فى الريف، ويعانى المجتمع القبلى نفس التهميش، وهو يمثل 8% من السكان.
وتشير تقديرات الأمم المتحدة إلى أن التيار الرئيسى فى المجتمع الذى يستفيد فعلاً من ثمار التنمية لا يتعدى الثلث من السكان.
2- الأمية
كان ارتفاع مستوى الأمية، خاصة فى المناطق الريفية وبين النساء عاملاً حاسماً ليس، فقط، فى تكريس التخلف الاقتصادى، ولكن أيضاً فى ارتفاع معدل النمو السكانى.
ومن الثابت أن محو الأمية بين الإناث يلعب دوراً مهماً فى رفاهية الأسرة فى نواحٍ كثيرة، فعندما تتعلم المرأة، فإنها لا تُسهم اقتصادياً فقط، ولكن أيضاً تربى الأطفال بطريقة أكثر صحية، وتحافظ على حجم الأسرة صغيراً، فالزواج المبكر للفتيات والإنجاب الكثير يرتبطان ارتباطاً وثيقاً بالأمية المرتفعة ويغذيان الفقر.
وفى عام 2010، وجد أن فقط 26.6% من النساء فوق 25 عاماً قد تلقين التعليم الثانوي، فى مقابل 50.4% من الرجال. مقارنة بالصين 54.8% من النساء، و70.4%، وفى الولايات المتحدة كان هذا الرقم 94.7% للنساء، و94.3% للرجال.
3- السكان
فى حين أن معدل نمو السكان انخفض بشكل كبير خلال العقود الماضية، وتسارع انخفاض معدل الخصوبة منذ عام 2011، فإن التعداد يتزايد حالياً سنوياً بمعدل نحو 1.4%. وقد انخفض معدل الخصوبة الكلى بشكل حاد إلى 2.3 طفل لكل امرأة، وينبغى أن يقترب من معدل 2.1 بحلول عام 2020. ويأمل الهنود فى أن سكان البلاد سيستقر تعدادهم بحلول عام 2050 عند حوالى 1.5 مليار، ثم يبدأ فى التراجع.
ومن الطبيعى أن يكون الجهد المطلوب لمحاربة الفقر أكبر مما هو عليه الآن فى بلد يزداد سنوياً تعداده بنحو 18 مليون شخص، وهو ما يلزم الإشادة بالنجاح الحالى فى زيادة معدل إنقاذ المواطنين من الفقر.
4- عدم المساواة بين الجنسين
المساواة بين الجنسين هى الهاجس الأساسى وجزء حيوى من التنمية البشرية، فالنسيج الاجتماعى الهندى ذو الطابع الأبوى للغاية خلَّف مخزوناً كبيراً من التمييز ضد النساء.
ويأخذ التمييز أشكالاً مختلفة بداية من نقص الوعى أو ضعف الوصول إلى أدوات تنظيم الأسرة والزواج المبكر. وقد أدى عدم وجود الوعى بالقضايا الصحية المتعلقة بالحمل، وتربية الأطفال إلى ارتفاع معدل الوفيات، ونقص التغذية، وسوء التغذية بين الأطفال.
وبحسب مؤشر المنتدى الاقتصادى العالمى 2014، فإنَّ الفجوة بين الجنسين وضعت الهند فى المرتبة 114 من أصل 142 دولة.
5- عدم المساواة فى توزيع الثروة
يحدث أن تكون دولة غنية يسكنها الفقراء جداً للأسف؛ حيث ينتشر الفقر المدقع فى الريف، وتتركز التنمية فى المدن، وهو ما دفع الناس إلى اتهام الرأسمالية بأنها وراء بقاء هذه الملايين تحت خط الفقر. وأدى ذلك إلى زيادة عائدات الثروات فى المناطق الحضرية وضعفها فى الريف.
6- الفساد
الفساد والثقوب فى خطط الحكومة على نطاق واسع فى الهند يمهدان الطريق لوحش الفقر ليلتهم المزيد من الطبقات المحرومة. وتشير التقديرات إلى أن ما بين 30 و35% من صناديق الرعاية تصل فعلاً المستفيدين المعنيين، ويتحول الباقى إلى الناس المتصلين بالأجهزة الحكومية المنفذة. ومن أشكال الفساد الشائعة إدراج غير الفقراء فى قوائم مشاريع محاربة الفقر فقط لتمتعهم باتصالات سياسية، والنتيجة النهائية هى أن الفقراء يحرمون من الفوائد.
7- إرث الحكم الاستعمارى
بالفعل وضع الحكم البريطانى الاستعمارى الأساس على المدى الطويل للفقر المزمن فى الهند، ليستمر بعد أن يغادر فقد كان قانون النهب هو أساس الحكم الاستعمارى؛ حيث تتم سرقة كل شىء من الهند لإثراء بريطانيا، وقد نزفت الولايات المستعمرة لتحقيق ذلك.
وعلاوة على ذلك، فإنَّ السياسات البريطانية روجت لاستبدال المحاصيل الغذائية للاستهلاك المحلى، ليحل محلها محاصيل نقدية مثل القطن والأفيون والشاى والحبوب بغرض التصدير لتغذية الحيوانات فى إنجلترا.
هذا التغيير فى نمط الاقتصاد جعل المزارعين الهنود عُرضة للمجاعات فى بعض الأوقات.

لمتابعة الاخبار اولا بأول اضغط للاشتراك فى النسخة الورقية او الالكترونية من جريدة البورصة

منطقة إعلانية



نرشح لك

dnHZKC45 1466680520 155 180359
نظرة بريطانية لجنوب آسيا

https://www.alborsanews.com/2017/02/02/969986