يفترش المشردون ارصفة نيودلهى عاصمة اكبر سادس اقتصاد فى العالم، بينما تكتظ اشارات المرور والمناطق السياحية الأهم فى الهند بالمتسولين، ويبدو الحال أسوأ فى المناطق الريفية التى يتركز فيها 70% من الفقراء الذين تقدرهم الأمم المتحدة بنصف تعداد السكان البالغ نحو 1.25 مليار نسمة وهذا وجه قبيح للاقتصاد الهندى.
لكن التقدم الهندى الهائل يمكن ان تلمس له وجهان، الوجه الأول هو التعاون مع دول الشمال المتقدمة من اجل الحصول على التكنولوجيا المتقدمة والاستفادة من الخبرات العلمية من خلال ارسال البعثات العلمية والدخول فى مشاريع مشتركة تسهل عملية نقل المعرفة والتكنولوجيا الحديثة، غير أن هذا لم يكن كافيا بالنسبة للهند كى تقفز الى مصاف الدول العشر الكبرى نظرا لأن الدول الغربية فى النهاية لها سقف محدود فيما يمكن نقله للغير.
وظهر الوجه الثالث للاقتصاد الهندى مع رغبتها فى القفز فوق الحدود التى رسمتها لها الدول المتقدمة لتحقيق طموحها فتحولت لاستراتيجية تعاون بين الجنوب والجنوب ويقصد بها تعاون الدول النامية فى جميع المجالات الاقتصادية مما يمكنها من خلق ميزان قوى مع الدول المتقدمة، وفى سبيل ذلك اطلقت عشرات المبادرات من الأبحاث المشتركة والبعثات العلمية بداية من تكنولوجيا النانو الى علوم الفضاء وقد نجت مؤخرا فى ارسال بعثة فضائية الى المريخ منفردة.
ويبقى للهند وهى تصارع لكى تصل الى قمة الاقتصاد العالمى ان تعيد تقييم تجربتها الرأسمالية المتهمة بعرقلة جهود القضاء على الفقر المدقع وهو امر يصعب ان يتحقق بدون دعم الملايين من الشركات الصغيرة والمتوسطة المناسبة للعمالة منخفض المهارة، بالإضافة الى التركيز على الحكم الرشيد لاجتثاث جذور الفساد المتأصلة منذ حقبة الاستعمار البريطانى، حيث تلتهم جزءا كبيرا من ميزانية الرعاية الاجتماعية. ويجب ألا تغفل نيودلهى دور المرأة من خلال حقها فى التعليم والرعاية الصحية، الامر الذى سيكون له مردود واسع النطاق فى جهود مكافحة الفقر وتحسين مواردها البشرية.