يمكن من خلال تحليل البيانات تحسين تجربة العملاء، فيكون شريان الحياة الذى يحفظ للبنوك الكبرى هيبتها وسط هوجة متصاعدة من التنظيم المؤسسى الذى يهدف إلى الحفاظ على النظام المالى مزدهراً.
وبحسب تقرير لمجلة راكونتشير البريطانية، فإن البنوك تواجه فى جميع أنحاء العالم مستوى قياسياً من اللوائح والقيود التنظيمية التى تضع باختصار التزامات مؤسسية تجعل المصارف تدفع ثمناً باهظاً لأخطائها.
فى المقابل، تسعى المؤسسات المالية الكبرى لاستيعاب حلول البيانات الكبيرة فى محاولة للتوافق مع لوائح كثيفة فى كثير من الأحيان هدفها الحد من المخالفات التنظيمية.
قال جيمس أرنيت، الشريك فى شركة استشارات الأعمال التجارية والتكنولوجيا (كابكو)، إنه بالنظر إلى أن نمو العديد من البنوك يتم بطريقة العمل الأساسية، ففى كثير من الأحيان يتم ذلك عن طريق عمليات الاندماج والاستحواذ، وبالتالى فإن حجم البيانات الخاصة بها ليست دائماً ثابتة، وليست منظمة تنظيماً جيداً.
ويعتقد «أرنيت»، أن أدوات جديدة يمكن أن تنشأ من خلال تطبيق تحليلات البيانات، والتى ستحول برامج الامتثال فى البنوك من مدونات الدفاتر غير قابلة للتعديل إلى عملية آلية أقل تكلفة.
وأضاف أن هناك فرصة حقيقية للعملاء المصرفيين لاستغلال تحليلات البيانات للرد على الاستفسارات الكامنة وراء التنظيم الاستراتيجى للعمل وليس لعلاج كل مشكلة منفردة.
وتقوم منصات البيانات الكبيرة الناجحة بأكثر من مجرد معالجة جميع أنواع البيانات، بما فى ذلك تحليل المعاملات والوثائق الداخلية وتعليقات العملاء.
ويقول فرانك باليرمو، نائب الرئيس التنفيذى للحلول الرقمية العالمية لاستشارات تكنولوجيا المعلومات فارتيوس بولاريز، إنه يجب أن تكون هناك قدرة عملية ثرية على رصد النماذج التى يمكن استخدامها للكشف عن أنماط السلوك فى العمل بناءً على تقارير مبرمجة تنظيمياً مسبقاً لتحديد المخاطر سريعاً.
باختصار تحتاج برامج البيانات الكبيرة أن تضمن للبنوك أن تدير على نحو استباقى مخاطرها الناجمة عن الامتثال للقواعد التنظيمية الجديدة، بحيث تسخر إمكاناتها الكاملة لاستغلال بياناتها من خلال تحليلها بتقنية دقيقة وسريعة.
وتعتبر تقنية تحليل المعلومات الموحدة واحدةً من أكثر الطرق المبتكرة للمصارف لاستغلال البيانات الكبيرة من خلال الانضمام إلى تنظيم يجمع ملاحظات العملاء مع تعليقات وسائل الإعلام الاجتماعية والبيانات غير المهيكلة الأخرى لإنشاء ملف تعريف شامل للعملاء.
قد تكون هذه البيانات بالفعل يمكن الوصول إليها فى مكانين منفصلين ولكن من خلال الجمع بين جميع البيانات فى قاعدة بيانات واحدة سيكون من الأسهل بكثير للإدارات المختلفة للوصول إليها، وبالتالى فإن أى شكاوى أو قضايا تنظيمية يمكن معالجتها بكفاءة.
تنفذ البنوك، أيضاً، مشاريع بيانات كبيرة للحصول على فهم أفضل للعلاقات بين القطاعات المختلفة من البيانات، التى تجد صعوبة فى تحليل هادف لقواعد البيانات التقليدية.
يمكن لحلول البيانات الكبيرة، أن تقدم للبنوك ما هو أكثر بكثير من مجرد الامتثال التنظيمى الفعال، فتقنيات البيانات التحليلية المتطورة لديها القدرة على كشف- ليس فقط العلاقات المهمة- ولكن أيضاً تضع شبكات ربط للأحداث والأماكن والأفراد، لمساعدة الشركات على أن ترى سياقاً أوسع للأحداث المعقدة.
وأوضح دانيال جوزمان، الأستاذ فى كلية هينلى للأعمال، المؤلف المشارك لتقرير معهد سويفت الحديث حول دور البيانات الكبيرة فى الحوكمة، أنه يعتقد أن هذه التكنولوجيات يمكن استخدامها حيث يخضع سلوك الأفراد للسؤال من قبل الجهات التنظيمية.
على سبيل المثال، فإن تحقيقات المضاربة المرتبطة بالليبور (سعر الإقراض بين البنوك) وسوق تداول العملات شهدت استخدام أدوات مثل «إى ديسكفري» الإلكترونى لتحليل البيانات الكبيرة لتحديد والكشف عن الوثائق؛ للتعرف على ما إذا كانت الشركات متورطة فى نشاط غير قانونى، ويمكن استخدام هذه التكنولوجيات، أيضاً، فى فض النزاعات القضائية.
وتوجد أدوات تحليل بيانات مماثلة يمكن أن تساعد البنوك على إظهار أن التداولات المنفذة نيابة عن العملاء أجريت فى الطريق الأكثر فائدة لهم أثناء الخضوع لاستفسارات الجهات التنظيمية مع القدرة على فحص مجموعات البيانات المتعلقة بصفقة كبيرة، ما يجعل عملية إعداد التقارير للجهات التنظيمية أسرع وأكثر شفافية.
لكن تبنى البنوك حلولاً ناجحة للبيانات الكبيرة يمكنها من تقديم أكثر بكثير من مجرد الامتثال التنظيمى الفعَّال بالاستثمار فى التكنولوجيا المتطورة التى لها تأثير فى العديد من المجالات.
ويرى روان سكرانج، نائب رئيس وحدة أوروبا ومنطقة الشرق الأوسط وأفريقيا لمنصة قاعدة البيانات (كوتشبيز)، أن الاقتصاد الرقمى حيث يتعرض العملاء لكل شيء، يتطلب القدرة على أداء دقيق، ولا يمكن تحقيقه فى الوقت الحقيقى إلا بالتحليل، وهو أمر حيوى لعمليات التوافق مع اللوائح الجديدة والنجاح فى المنافسة.
ويشهد القطاع المالى ثورة فى البرمجيات المصرفية العلنية المتاحة للجهات الرقابية. ويتطلب ذلك من جميع البنوك توفير تطبيق ذكى للعملاء يتضمن تفاصيل عن حساباتهم المعقدة، ويعد ذلك فرصة مثالية لتطوير تجربة العملاء من خلال تحسين حلول البيانات الكبيرة.
ويعتقد «سكرانج»، أن هذه البيئة سيكون الفائزون فيها هم تلك البنوك التى لا تزال تضمن للزبائن ما يجعلهم لا يريدون المغادرة بحصولهم على أفضل تجربة ممكنة سواء من خلال الخدمة السريعة، أو المعاملة الشخصية أو إعطاء أفضل عائد ممكن على استثماراتهم. فالقدرة على التحليل والعمل على بيانات العملاء بشكل شبه فورى سيكون حاسماً فى الوصول لهذا المستوى.