100 مليون ينتقلون للعيش فى الحضر سنوياً بالدول النامية
يجب النظر فيما وراء الاقتصاد العالمى والبيئة عند تحليل أثر الطبقة الوسطى الناشئة على الاعتبارات الاجتماعية والسياسية، فإذا كانت الأمور تسير بشكل طبيعى فإن التغيرات المجتمعية ستكون واضحة، وسياسياً ستحفز وجود نظام عالمى أكثر انفتاحاً وتحرراً.
تقليدياً، منذ عهد الثورة الصناعية تعتبر أهم ثمرات الطبقة الوسطى التى تركز على الحصول على وظيفة ثم تطالب بنقل متحضر وبنية تحتية متطورة وتعليم أكثر جودة خاصة بالنسبة للفتيات وإسكان بأسعار معقولة وغيرها من الضروريات مثل الرعاية الصحية والمعاشات التقاعدية.
ونفس الأمر يتكرر حالياً فالبلدان النامية تبنت نفس الأولويات فالتعليم على سبيل المثال فى الصين تطور بشكل رهيب فلديها حوالى 24 مليون طالب مسجلين فى 3 آلاف مؤسسة تعليم عالى بالمقارنة بالولايات المتحدة التى لديها 21 مليون طالب فى 4700 مؤسسة.
وإذا نظرنا إلى التحضر فهو شىء آخر حيث يهاجر 100 مليون شخص فى البلدان النامية إلى المدن كل عام، 25 مليون منهم فى الصين وحدها، ويحقق المهاجرون زيادة فى الدخل تتراوح بين 200% و300% وذلك بفضل زيادة الإنتاجية.
وترتبط أهم الآثار الاجتماعية بتمكين المرأة ودخولها الى سوق العمل بأجر لتكون مصدر دخل ثانى للأسرة بالإضافة الى أن أطفالها أفضل تعليماً وأكثر صحة، وفى البلدان النامية التى لديها أكبر نسبة من السكان فى الطبقة الوسطى مثل كوريا الجنوبية وماليزيا تحتل النساء وظائف بأجر فى الحكومة وقطاع الأعمال.
وهناك أيضا بعض الأدلة التى نشرت فى نتائج مسح القيم العالمى تقول إن هناك ارتفاعاً لمعتقدات إيجابية بين سكان بلدان نامية مختارة، حيث يعتقدون أن الادخار والعمل الجاد والعزيمة والمثابرة هما الأساس لتحسين أوضاعهم فى الحياة.
وفى هذه البلدان هناك شعور متزايد بالمسئولية الشخصية داخل الأسر من الطبقة المتوسطة، ولكن فى الوقت نفسه، فإن هذه الطبقة تتطلع إلى الحكومة لتوفير دعم السكن، والتعليم، والمعاشات التقاعدية، والنقل، وما شابه ذلك.
كما تريد الاستقرار والقدرة على توقع مستقبل أفضل لهم ولأطفالهم، حيث تشير نتائج الدراسة أيضاً إلى أن الطبقة الوسطى قد لا تدعم ارتفاع الضرائب لدفع ثمن كل ما تطلبه من خدمات.
هذا التوتر داخل الطبقة الوسطى بين الطلب على الخدمات العامة والاستعداد لدفع ثمنها يؤثر فى مجموعة متنوعة من الأشكال السياسية، فلا يوجد أى دليل معاصر لدعم الرأى القائل بأن المجتمعات ذات الطبقة المتوسطة الأكبر سوف تتطور إلى مجتمعات أكثر ديمقراطية كما حدث فى البلدان الأكثر نمواً فى القرنين 19 والـ20.
ويقاس الحكم الديمقراطى اليوم بعدد من المؤشرات لا يرتبط بحجم الطبقة الوسطى بعد الأخذ فى الاعتبار عوامل أخرى.
فالطبقة الوسطى فى مصر وتايلاند، على سبيل المثال تفضل دعم الاستقرار المرتبط بالحكومات الموجودة بغض النظر عن هويتهم أو انحدارهم من خلفية عسكرية، ومن ناحية أخرى، كانت الطبقة الوسطى فى البرازيل، وإندونيسيا، والفلبين لها دور فعال فى الذهاب بعيداً عن الاستبداد.