
يرى العديد من المراقبون أن تداول الذهب هو واحد من أصعب أسواق التداول نظراً لخصوصية الذهب واختلافه الجذري عن العملات والمعادن والنفط في تحركات أسعاره. لكن هذه الصعوبة تأتي بمكافأة أيضاً وهي أن المكاسب تكون مرتفعة للغاية في حال تطابقت التوقعات مع حركة السعر، وهذه التوقعات يمكن تحسينها بالاستناد إلى مجموعة من النصائح التي نحصل عليها من العديد من المستثمرين الناجحين في تداول هذا المعدن الثمين.
لنبدأ مع حجم الصفقة ويوصى المستثمرون بأن يكون صغيراً في الأحوال العادية، وعندما يكون احتمال تصحيح السعر مرتفعاً يجب زيادة الكمية، بالتالي عندما تتداول على المدى البعيد يفضل أن يكون حجم ممتلكاتك ومراكزك كبيراً مقارنة بالمدى القصير الذي تكون الكميات أقل.
هناك عدد كبير من مؤشرات التحليل الفني التي يمكن اللجوء إليها، لكن ليست جميعها بنفس الكفاءة والفعالية، ادرس مؤشراتك نظرياً قبل استخدام أي منها في صناعة القرار. ومن المعروف لدى عامة المحللين أن مؤشر القوة النسبية RSI أثبت فعالية جيدة في جودة التوقعات خلال عدة سنوات، لكن تذكر أن ما يصح سابقاً لا يشترط أن يستمر كذلك دائماً.
وبالحديث عن مؤشرات التحليل الفني لا تنتظر دائماً وصول قيمة مؤشرك المفضل إلى القيمة القياسية، لا بأس ببعض التعديلات. فلو كانت هناك فرصة بيع جيدة لكن مؤشر RSI يعطي قيمة 67 بدلاً من القيمة القياسية 70، حينها يجب عليك إضافة مستويات شراء أو بيع إضافية.
تتبع أسعار الذهب بشكل كبير التغيرات الموسمية لذا يجب أن تكون ملماً ومتابعاً لها جيداً، حيث هناك فترات من السنة يكون الطلب مرتفعاً نتيجة مناسبات وأعياد في دول معينة، وكذلك فترات من الركود، هذه الموسمية الدورية تساعدك بالتنبؤ بشكل أفضل بنقاط الدخول والخروج من السوق.
يفترض بك أن تفكر بصورة عامة ومترابطة أكثر بين الأسواق، مع عولمة الاقتصاد أصبحت أسعار المعادن الثمينة مرتبطة بعوامل أخرى مثل أسواق العملات الأجنبية وتغييرات تداولات أسواق الأسهم ومعدلات الفائدة وتعليقات الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي. من خلال مراقبة حركة أسواق معينة ومقارنة مع حركة الذهب نعرف إن كانت تلك الأسواق لها اتجاهي توافقي أو تعارضي مع سوق الذهب.
على سبيل المثال لو كان سعر الذهب يتحرك بشكل معاكس تماماً لمؤشر الدولار وتنوي فتح مركز جديد وعقد صفقة شراء، بالتالي عندما يصل مؤشر الدولار إلى مستوى مقاومة قريب للغاية ويتم شراؤه بكميات مبالغ فيها، فإن الاحتمالات ترجح أن سعر الدولار وصل لأعلى مستوياته وبالتالي سيؤدي ذلك لخفض أسعار الذهب مباشرة أو من خلال مساهمته في الانخفاض.
ليست تحركات الأسواق وحدها يجب أن تكون تحت شاشة رادارك، بل أيضاً عواطف المستثمرين وميولهم سواء الهجومية برفع الأسعار والشراء، أو الدفاعية بخفض الأسعار والبيع. فلو كان غالبية المستثمرين يفضلون الشراء ورفع الأسعار فهذا يعني أن سعر الذهب اقترب من قمته بالتالي يوصى بالبحث عن مؤشرات تفيد بالبيع وهنا يجب الخروج من المراكز الكبيرة وفتح مراكز جديدة صغيرة.
يتابع العديد من المستثمرين مجموعة من المحللين أو بيوت الخبرة والاستشارات للاستفادة من آرائهم وتوقعاتهم لبناء قراراتهم الاستثمارية عليها، لكن ما لا يعرفه المبتدئين في الاستثمار أن الأسواق تتحرك أحياناً بعشوائية لا تتوافق مع المؤشرات العلمية وهنا يخطئ الكثير من المحللين، لا داعي للذعر عندما يخطئ أحد المحللين في مرة ويصيب في العديد من المرات فلا تقع تحت مغالطة منطقية وتعمم الخطأ وتهمل الصواب. من الطبيعي في التداول أن تخسر بعض الصفقات، والأهم هو أن تكون الصفقات الرابحة أكبر وأكثر وأهم من الصفقات الخاسرة، لذا التزم بمتابعة المحللين الذين ثبت صحة تحليلاتهم في الماضي حتى لو فشلت بعضها.
بحسب استطلاع رأي أجرته بلومبيرغ فإن ميل المستثمرين نحو رفع الأسعار والشراء مدفوعاً بعدة عوامل منها فوز الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وارتفاع معدلات الشراء في أكبر بلدين مستهلكين للذهب الصين والهند. ويتوقع المحللون أن يصل الذهب هذا العام لمستويات أعلى لاسيما بعد أن رفع الاحتياطي الفيدرالي معدلات الفائدة في ديسمبر الماضي ومن الممكن أن يرتفع الذهب 13% هذا العام بصورة عامة حتى لو واجه بعض الهبوط لأدنى من 1100 دولار بفضل البيانات الإيجابية الأمريكية، حسب الاستطلاع.
وتعد أسعار الفائدة الأمريكية واحدة من أكبر العوامل المؤثرة على سعر الذهب، ومن المتوقع أن يواصل الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي سياسة رفع أسعار الفائدة التدريجية ما يؤثر بدوره على الدولار ويرفع من سعره بالتالي تنخفض أسعار الذهب، لكن ما أن تنتهي الحركة التصاعدية ويتشبع السوق بالشراء حتى يبدأ بالتوازن ومن ثم عكس الاتجاه نحو الهبوط بالتالي ترتفع أسعار الذهب,. وكانت جانيت يلين قد أشارت مؤخراً إلى احتمال رفع سعر الفائدة خلال الاجتماع المقبل في مارس وهي فرصة للمستثمرين.