
اقتصادنا يا تعبنا…..الحلقة 38
تابعنا خلال اليومين الماضيين خناقة جامدة على قانون الاستثمار فى البرلمان بين اعضاء الحكومة كوزارات حول تنازع الاختصاصات وكيف ان القانون وفقا لبعض الوزراء يسلبهم العديد من الاختصاصات ويعرقلهم عن اداء مهامهم من حيث تخصيص الاراضى (الاسكان والصناعة والتجارة والاستثمار صراع من جانب).. وصراع اخر على الحوافز الممنوحة للمستثمرين حول النسبة التى توافقت عليها وزارة المالية مع وزارة الاستثمار للخصم من الوعاء الضريبى 40% للفئة أ و30% للفئة ب من المناطق الجغرافية التى يحددها القانون.. وخلاف حول عودة المناطق الحرة الخاصة (صراع بين المالية والاستثمار والبرلمان).. حيث خرجت تعديلات اللجنة الاقتصادية باقرار عودة المناطق الحرة الخاصة وتم رفع نسبة الخصم الى 70% بالمادة 11، والموجهة للقطاع “أ” الخاص بالمناطق الأكثر احتياجا للتنمية، والقطاع “ب” الخاص بالمناطق التى تحتاج للتنمية لتكون 50%، وأضافت قطاعا ثالثا ويسمى القطاع “ج” بنسبة خصم 30%.. مما أثار صراعا بين وزارة المالية والبرلمان حول ذلك حيث تتمسك المالية بالمترح القديم (40% و30%) والغاء المناطق الحرة الخاصة.. هذا الى جانب اعتراض بعض الخبراء على اقتراح اضافة قطاعات مثل العقارات والمقاولات والسياحة..الخ..
لماذا ظهر الخلاف الان؟ ..الم يكن هناك توافقا منذ البداية على مسودة القانون قبل ذهابها للبرلمان كمسودة توافق عليها اتحاد الصناعات ومنظمات الاعمال والوزارات المعنية.. ثم اعتمادها فى اللجنة الاقتصادية لمجلس الوزراء قبل عرضها على البرلمان.. ماهذا التخبط وعدم التنسيق؟؟.. الامر الذى دعا الى تاجيل التصويت على القانون حتى الاسبوع القادم نتيجة الخلافات الجوهرية بين الوزارات المعنية والبرلمان حول الصيغة الاخيرة بعد تعديلات اللجنة الاقتصادية.. الا نستطيع ان نصدر قانونا يليق بدولة كمصر..؟؟
من وجهة نظرى كخبير فى مجال الاستثمار ومن احتكاكى بتجارب دول اخرى اذا كان هذا النزاع قبل اقراره بهذا الشكل فكيف سيكون التطبيق.. عرضنا لقوانين دول اخرى ومنها اقليم كردستان وكيف كان القانون سلسا قصيرا فى مواده وبه كل شيء ومترجم.. اذا كثرة التفاصيل فى القانون وعدم وضوح الصياغة وعدم التوافق عليه بين الوزارات المعنية لهو دليل على كون الجهات الحكومية تعمل بمنعزل عن بعضها وان الاختلافات قبل التطبيق ستطول مواده بعد التطبيق… كان من الاولى ان تكون نصوص المواد لا تتعدى الثلاين مادة واضحة وصريحة تنظم العلاقة بين المستثمر والدولة حقوقا والتزامات وكيفية التصرف حال الاخلال بها..
ان العالم المحيط بنا ينظر الى هذه الخلافات قبل الاقرار فماذا نتوقع منه بعد الاقرار اذا لم يرى الحكومة على قلب رجل واحد فى كيفية صياغة وتطبيق قوانينها.. هذا القانون الذى استمر سنة كاملة ليذهب الى البرلمان بعد توافق الحكومة ومنظمات الاعمال عليه يشوبه حاليا خلاف كبير..
انا مع عودة المناطق الحرة الخاصة فليس هناك ما يمنع وجودها فاذا كان هناك تهريب فعلى الوزارات المعنية التوحد فى وضع الضوابط على الحد منه واحكام الرقابة .. ولا هو نمشي بمبدأ نمنعها وتنريح بالنا.. المناطق الحرة العامة والخاصة يجب اعادة النظر فيها لتكون مصدرا للدولار (من حصيلة الرسوم ومن حصيلة الصادرات) وتراجع بياناتها لتقييم الموقف ومدى تحقيقها للاهداف (مورد للعملة الصعبة والتشغيل) وأن يوجه 80% من صادراتها للعالم الخارجى على الاقل هذا الى جانب كونها تحصل على مدخلات انتاجها من السوق المحلى وهذا به تشغيل لطاقات كامنة فى السوق المحلى وتعميق للانتاج المحلى..
انا مع الصياغة الاولى للمالية بشان النسب ولكن لست معها بشان المناطق الحرة الخاصة.. انا مع ان يفصل القانون فى تداخل وتنازع الاختصاص بين الوزارات المعنية لان هذا به تعطيل واهدار للوقت والتكلفة ومزيد من البيروقراطية.. انا مع ان يحد القانون من السلطة التقديرية للموظف وان يدعو للتحول نحو الميكنة الكاملة باجبار جميع الوزارات على ميكنة خدماتها والربط فيما بينها..
على الحكومة ان تعي ان العمل بروح الفريق وكل له دوره وان التنسيق الجيد بينها سيوفر وقتا ومجهودا فى وقت البلد تحتاج فيه للانطلاق لا ان يشدها احد الى الخلف.. عيب والله؟؟
وما نبغى الا إصلاحا