قالت صحيفة فاينانشيال تايمز إن المستثمرين متفائلون تجاه مصر فى الوقت الحالى رغم أعمال العنف التى تعرضت لها البلاد مؤخرا.
وأضافت الصحيفة أن جميع المستثمرين الذين كانوا يعودون للدولة منذ نهاية العام الماضي، يقتنصون الفرص والصفقات، وارتفعت الممتلكات الأجنبية من أذون الخزانة المصرية، ولكنها لا تزال دون اعلى مستوى وصلت إليه في 2010 عند 11.4 مليار دولار، وفقا لبيانات البنك المركزي.
وقال أنجرو برودينيل، مدير الأسواق الحدودية في “آشمور”، لصحيفة فاينانشال تايمز البريطانية، إنه بالنظر إلى حجم مصر، وتوزيعها السكاني، ومستوى التعليم فيها، وثمار الإصلاحات الدانية، والفرص طويلة الأجل، تعد الدولة واحدة من اكبر الفرص الاستثمارية.
وتستثمر شركة “آشمور” البريطانية في مصر من خلال صندوقها للأسواق الحدودية، وصندوقها لأفريقيا، وصندوق منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا “مينا”، وارتفعت حصة الأصول المقومة بالجنيه المصري في آخر صندوق من 3.8% في نهاية نوفمبر إلى 8.3% في أبريل.
وتقول الصحيفة إن الحكومة لجات إلى صندوق النقد الدولي في نوفمبر الماضي لتخفيف أزمة الدولار بعد فرض ضوابط على رأس مال، وفى النهاية طبقت مطلب الصندوق بتعويم الجنيه الذي كان واحدا من الإصلاحات المؤلمة العديدة التي قامت بها حكومة عبدالفتاح السيسي.
وانتصفت قيمة الجنيه بعد التعويم مباشرة، وتلقت مصر أول دفعة من قرض الصندوق البالغ 12 مليار دولار مقسم على 3 سنوات.
واوضح أخيليش بافيجا، مدير محفظة في صندوق “تشارلي ماجن”، إن تعويم العملة غيّر قواعد اللعب بالنسبة للعديد من المستثمرين، وبعد انخفاض قيمة العملة، أصبحنا متفائلين بشأن مصر.
ويستثمر صندوق “تشارلي ماجن” في مصر منذ اكثر من 10 سنوات، وتبلغ الأصول تحت الإدارة في محافظ افريقيا ومنطقة الشرق اﻷوسط مجتمعة 100 مليون دولار.
وقال بافيجا إنه عندما كانت قيمة العملة غير مناسبة، تشوهت التدفقات الداخلة والخارجة من الدولة، وأضاف أنه يعتقد أن العملة وصلت لمرحلة التوازن وأنها تجاوزت أسوأ الفترات.
وتقول فاينانشيال تايمز إن المواطن المصرى العادى قد لايتفق مع وجهة النظر تلك، نظرا لأن 28% من المصريين يعيشون دون خط الفقر، وملايين أخرى تقترب منه، وتبلغ البطالة بين الشباب 40% وفقا لبعض المقاييس، وارتفع التضخم السنوي إلى 31.5% في أبريل، وقفزت أسعار الغذاء بنسبة 43.6% قبيل شهر رمضان الذي يرتفع فيه الطلب.
وقال سيمون كيتشن، مدير الاستراتيجية الكلية في “إيه إف جي هيرمس:” على المدى الطويل ، ستجد مصر ان خطوة تعويم الجنية كانت الأفضل لها”.
ولا يرى المستثمرون ان استعداد السيسي لمواجهة الاستياء الشعبي المحتمل كمخاطر بقدر ما يرونها مؤشرا على التزامه بالأصلاحات.
وقال توماس فيستر، مدير الاستثمار في “بي إم أو” لإدارة الأصول العالمية”: “قامت مصر، بإصلاحات جريئة للغاية خلال العام أو العامين الماضيين، ويستحق السيسي الثناء، لما يحاول أن يفعله، وقد يقول المرء انه ليس لديه بديل، ولكن هناك دول اخرى حول العالم ليس لديها بديل، ومع ذلك تتصرف بطريقة تزيد الامور سوءا”.
ورفع فيستر استثماراته في مصر من خلال الاستثمار في الشركات الاستهلاكية، ومثله مثل مديري الأصول الآخرين، يرى قطاع البنوك الخاصة في الدولة كمنطقة إيجابية للمستثمرين، ويرى الكثيرون أيضا ان سوق الديون جذاب.
ورغم النظرة الإيجابية، يحذر المحللون من أن التعافي الحالي قد لا يكون مستدام.
ووأضح كريسبن هاوييس، مدير إداري لمنطقة الشرق اﻷوسط في “تينيو انتيلجينس” للاستشارات، أن الاقتصاد المصري حاليا في وضع أفضل من أي مرحلة خلال السنوات الخمس الماضية، ولكنه حذر من أنه لا يوجد دلائل كافية على استمراره بهذا الوضع.
وقال هاوييس إن شهية المستثمرين لمصر انتهازية، ولا تعكس الحاجة لتغيير هيكلي أساسي، ولا الضعف المتوطن في هيكل الاقتصاد.
وقالت فاينانشيال تايمز إن نقاط الضعف تتضمن البيروقراطية غير العملية، ومخاطر العنف التي تعيق السياحة، والبيئة السياسية.
ومع ذلك، لا يزال المستثمرون في الأسواق الحدودية متفائلون بشان هذه التحديات، ويشير بيفاجا من تشارلي ماجن إلى انه رغم الاضطرابات في السنوات الخمس الماضية، إلا أن قيمة صافي الأصول فى ىشركته في أعلى مستوى لها على الإطلاق بفضل الأسهم المصرية ودول خليجية مختارة.
ومثله مثل الكثيرون من مديري الأصول، يعتقد ان حجم اقتصاد مصر ووضعها الاستراتيجي يتفوقون على نقاط ضعفها.
وأضاف بيفاجا ان التوزيع السكاني هو أكثر القوى الفردية دفعا للنمو، وقال: “كدولة، مصر لديها هوية قوية وطويلة، وقد لا يكون المستقبل مثاليا، ولكن التوزيع السكاني سوف يعيد الأمور إلى نصابها”.
