قالت وكالة أنباء «بلومبرج» إن البنوك المركزية حول العالم لم تسبح فى اتجاه واحد حتى الوقت الراهن ولكن على الأقل بدأت الخلافات تتلاشى.
وذكرت الوكالة أن البنك المركزى الأوروبى استبعد الأسبوع الماضى اجراء مزيد من التخفيضات فى أسعار الفائدة فى إشارة إلى أنه يتجه بحذر نحو إنهاء سياسته التحفيزية.
جاء ذلك فى الوقت الذى ينظر فيه مسؤولو البنك المركزى البريطانى فى إزالة التسهيلات المصرفية تدريجياً فى السنوات القادمة على الرغم من أن هذه الخطوة سوف تستغرق وقتاًَ طويلاً.
وأشارت الوكالة إلى أن البنك المركزى اليابانى ليست لديه نية لإزالة سياسة التحفيز قريباً ولكنه يعيد تقييمها حيث يفكر فى كيفية التعامل مع تغيير السياسة بنهاية المطاف.
ومن المتوقع أن يرفع البنك الفيدرالى الأمريكى أسعار الفائدة للمرة الرابعة خلال اجتماعه الذى يعقد يومى 13 و14 يونيو الجارى ويضع خطة لخفض ميزانيته البالغة 4.5 تريليون دولار وهى عملية يتعامل معها بحذر لتجنب الأسواق العالمية.
وفى الوقت نفسه، سمحت الصين للأسواق المالية بتشديد السياسة النقدية، حيث يسعى صناع السياسة إلى الضغط على النظام المالى.
وتتزامن هذه المؤشرات مع تحسن السياسات فى أكبر اقتصادات العالم إضافة إلى تحسن النمو العالمى على الرغم من فشل البنوك المركزية فى الوصول إلى أهدافها بشأن التضخم.
وتوقع صندوق النقد الدولى، أن يرتفع الناتج العالمى بنسبة 3.5% العام الجارى وهو ما يعزز الآفاق الاقتصادية العالمية.
وقال جاى برايسون، محلل الاقتصاد العالمى فى «ويلز فارجو» للأوراق المالية إن العالم يشهد معدلات نمو صاعدة ولذلك ربما لا نحتاج إلى السياسات فائقة التكيف بعد الآن.
وكان التحول التدريجى يشكل تغيراً تاماً، حيث عملت البنوك المركزية على تسهيلات غير مسبوقة وغير تقليدية لإجبار اقتصاداتها على العودة إلى النمو بعد الأزمة المالية العالمية، مما أدى إلى انتشار البطالة على نطاق واسع ومرور عقد من النمو دون المستوى.
وفى بلدان كثيرة ينطوى ذلك على برامج شراء الأصول على نطاق واسع وفى منطقة اليورو واليابان لجأت البنوك إلى أسعار الفائدة السلبية.
وقال جاكوب فونك كيركيجارد، زميل بارز فى معهد «بيترسون الدولى» إن الحديث عن تغيير سياسة البنوك المركزية أصبح أمرا أساسيا للمرحلة المقبلة، حيث تتفاعل بنوك الدول المتقدمة مع الاقتصاد المتعافى.
أضاف أن الدولار شهد ضغوطاً تصاعدية بسبب رفع البنك المركزى الأمريكى والسلطات النقدية الأخرى أسعار الفائدة وهو ما يعنى انخفاض الواردات وتراجع التضخم.
وقال برايسون، «إننا لا نرغب فى هبوط الدولار ولكن انخفاض قيمته سيؤدى إلى ارتفاع التضخم فى الولايات المتحدة وأتوقع أن الاحتياطى الفيدرالى سيكون سعيداً لرؤية ذلك».
ويعتبر هذا التغيير هو أيضاً الخبر السار للدول التى تتحول نحو المخرج، حيث إنه يشير إلى أن الثقة فى الأعمال التجارية تتزايد والمزيد من الناس يعملون وشبح التراجع الاقتصادى بدأ يتلاشى.
وأوضح أندرو كينينغهام، كبير الاقتصاديين العالميين فى «كابيتال إكونوميكس» فى لندن أنه لا يوجد أى من البنوك المركزية العالمية الكبرى تتطلع إلى تخفيف السياسة النقدية ولكن ما تغير هو الخوف من الانكماش التام أو التضخم المتدهور.
وفى اليابان توسع الاقتصاد لمدة خمسة أرباع متتالية وهو أفضل معدل نمو خلال عقد من الزمان بجانب انخفاض البطالة إلى مستويات شوهدت منذ أكثر من 20 عاماً.
ومن أجل مكافحة التضخم سلط بنك اليابان المركزى على برنامج التحفيز فى المستقبل المنظور ولكنه طالب بعض المشرعين بالبحث عن مخرج نهائى.
ومن المتوقع أن يتوصل محافظ البنك اليابانى هاروهيكو كورودا، ومجلسه فى ختام اجتماع السياسة القادم الذى سيعقد يومى 15 و16 يونيو الجارى إلى قرار نهائى.
وفى منطقة اليورو اتخذ رئيس البنك المركزى الأوروبى ماريو دراجى، خطوة صغيرة نحو الخروج النهائى من سياسة التحفيز الاستثنائى بإعلانه الأسبوع الماضى أن المخاطر على النمو الاقتصادى أصبحت الآن متوازنة على نطاق واسع.
ولا يزال من المقرر شراء السندات حتى نهاية العام على الأقل ولكن يتوقع الاقتصاديون أن يتراجع تدريجياً فى عام 2018.
وقال ستيفن بيل، الخبير الاقتصادى فى «بى إم أو جلوبال أسيت مانجمنت» فى لندن إن الخوف يكمن فى أن يعقب التراجع عن شراء السندات مخاوف من تشديد السياسة بسرعة كبيرة وعلى الرغم من ذلك لا نريد الانتظار طويلا إذا كانت الضغوط التضخمية تنمو سريعاً.
وفى المملكة المتحدة أعلن بنك انجلترا المركزى أن استمرار معدل النمو القوى يعنى الحاجة إلى تشديد السياسة النقدية بدرجة أكبر.
ومع ذلك، فإن التوجه العام للاقتصادات المتقدمة هو ترك سياسة التخفيف فعندما رفع بنك الاحتياطى الفيدرالى الفائدة فى مارس تبعه بنك الشعب الصينى بعد ساعات على الرغم من أن الاقتصاديين متشككين فى أنه سيكرر هذا التحرك إذا رفع الاحتياطى الفيدرالى معدلات الفائدة خلال شهر يونيو الجارى.