أثار تحديد البنك المركزى لأول مرة معدلاً مستهدفاً للتضخم عند 13% فى الربع الأخير من عام 2018، تساؤلات حول نجاح آليات البنك المركزى فى السيطرة على مستويات التضخم المتزايدة فى ظل الإجراءات الحكومية برفع جزء من الدعم على الكهرباء والمحروقات والتداعيات التابعة لها.
وسجل التضخم اﻷساسى المعد من قبل البنك المركزى تراجعاً على أساس شهرى ليصل إلى 1.8% فى يونيو بدلاً من 1.99% فى مايو، وزيادة على أساس سنوى إلى 31.95% بدلاً من 30.57% الشهر السابق له.
ويعمل البنك المركزى على ملاحقة معدﻻت التصخم المتزايدة منذ قرار تحرير الجنيه فى نوفمبر الماضى، من خلال رفع أسعار الفائدة 7% ليصل إلى 18.75% للإيداع و19.75% على الإقراض مقابل 11.75% و12.75% على التوالى فى اكتوبر الماضى.
ورهن عدد من الخبراء المصرفيين والمحليين الاقتصاديين الوصول إلى المعدلات المستهدفة من قبل البنك المركزى بحدوث انخفاض ملحوظ فى سعر صرف الدولار أمام الجنيه، وارتفاع التدفقات النقدية الأجنبية والسيطرة على الأسعار وتشديد الرقابة على الأسواق.
قال هانى جنينة، محلل اقتصادى، إن البنك المركزى نجح حتى الآن فى كبح التضخم من خلال سياسة تقييد السيولة، وبناء على التقييم للأشهر الماضية فإن التضخم ارتفع عقب التعويم 5% شهرياً ثم اتجه للانخفاض 1%.
وأضاف أن يوليو يشهد ارتفاعاً كبيراً فى معدل التضخم إلا أن البنك المركزى غير مسئول عن هذا الارتفاع وحده، وإنما يشترك معه وزارات أخرى، متوقعاً استمرار الارتفاع على مدار ثلاثة أشهر يوليو وأغسطس وسبتمبر على أن يشهد نوفمبر المقبل انخفاضاً شديداً فى معدلات التضخم تصل إلى العشرينيات، مقارنة بنوفمبر العام الماضى.
وقال إنه فى حالة استمرار الوضع الحالى بالمعطيات القائمة وثباتها يمكن للمركزى أن يحقق المعدلات المستهدفة للتضخم 13% بنهاية العام المقبل، ولتحقيق ذلك يجب ألا يرتفع معدل التضخم الشهرى عن 1% شهرياً.
واستدل جنينة على ذلك، بالانتهاء من بعض الخطوات والقرارات الصادمة للمستهلك من رفع الدعم عن المحروقات ورفع أسعار الكهرباء ومستهدف رفع الدعم مرة أخرى فى يونيو المقبل، بالإضافة إلى قيام بعض المنتجين فى عدد من القطاعات برفع الأسعار بنسب أعلى من الطبيعى كتعويض عن انخفاض المبيعات وتوقعات باتجاه المنتجين لتخفيض الأسعار مرة أخرى نتيجة عزوف المستهلك عن الشراء كما حدث فى قطاع السيارات، بالإضافة إلى انخفاض الفائدة بنهاية العام.
وتخوف جنينة من حدوث تغييرات فى الأسعار العالمية للبترول والقمح والسلع الأساسية خاصة فى ظل انخفاض سعر الدولار أمام اليورو على مدار ستة أشهر، ما يؤدى إلى اتجاه الدول إلى زيادة الاستيراد وينتج عنها ارتفاع فى سعر السلع.
وقال جنينة إن حدوث تغيرات غير متوقعة لبعض المؤشرات قد يدفع المركزى لإجراءات مشددة فى السياسة النقدية للحد من السيولة فى السوق أو تعديل المستهدف من معدل التضخم، مبرراً تحديد البنك المركزى لمعدل متوسط 13% بزيادة أو انخفاض 3% للتضخم تحسبا لتلك العوامل.
وتوقع كريس جارفيس، رئيس بعثة صندوق النقد لمصر، بعد أيام من موافقة مجلس المديرين التنفيذيين لصندوق النقد الدولى على إجراءات المراجعة الأولى للبرنامج وإقرار صرف الشريحة الثانية من القرض، انخفاض التضخم إلى معدل مقبول مع نهاية العام الحالى، وأن ينخفض بشكل كبير الصيف المقبل، وأن يشعر المستهلكون بفرق واضح، مؤكداً أن تأثير سعر العملة على التضخم مؤقت ولن يستمر.
وتوقع الصندوق أن تصل معدلات التضخم بنهاية العام المالى 2017 – 2018، إلى 16.9%.
وتوقعت شركة مباشر العالمية، أن يرتفع معدل التضخم السنوى فى مصر، فى الربع المالى الأول من العام 2017- 2018 (يوليو – سبتمبر) لما يقارب 34.6%، ثم ينخفض تدريجياً لـ20.8% فى ديسمبر، ليصل إلى متوسط 15.3% فى النصف الثانى من العام المالى (يناير – يوليو 2018).
وقالت سهر الدماطى، العضو المنتدب لبنك الإمارات دبى الوطنى، نائب رئيس مجلس الإدارة، إن التضخم له اسباب بعيدة عن السيولة النقدية فى السوق تتعلق بزيادة التكاليف نتيجة ارتفاع سعر العملة الأجنبية وأسعار المياه والكهرباء والمواد البترولية.
واضافت ان الحكومة تعمل على زيادة المشاريع القومية لزيادة الدخل بالعملة الأجنبية لتخفيض معدلات التضخم.
وقالت الدماطى إن معدلات التضخم اذا بلغت مستويات 14-15% يعد نجاحاً للبنك المركزى مستبعدة ان تصل المعدلات الى 13% بنهاية العام المقبل.
وقال هانى فرحات، المحلل الاقتصادى، إن معدلات التضخم كانت ستشهد ارتفاعات كبيرة إذا لم يقم المركزى برفع أسعار الفائدة واتخاذ اجراءات تقييد السيولة فى السوق متوقعاً نجاح المركزى فى الوصول إلى المستهدف بنهاية 2018 فى حالة استمرار التدفقات النقدية الأجنبية وارتفاع معدلات النمو والتحسن الاقتصادي.
وتوقعت رضوى السويفى، رئيس قطاع البحوث بفاروس، أن تصل معدلات التضخم إلى 14.5% بنهاية العام المقبل.
وقالت إنه بناء على الدراسات التى أعدتها فاروس المستندة إلى الزيادات التى حدثت خلال الفترة الماضية وخطة الدولة المستهدفة لتخفيض الدعم والمعطيات الموجودة بالسوق فإن المركزى لن يتمكن من الوصول إلى 13% بنهاية 2018.
وأضافت أن معدلات التضخم على أرض الواقع تتجاوز المعدلات المعلنة بنسبة تصل إلى 100%، وأن إجراءات البنك المركزى لكبح التضخم لم تظهر حتى الآن.
ورهن أسامة المنيلاوى، مسئول خزانة بأحد البنوك الخاصة، الوصول بمعدلات التضخم إلى المستويات المستهدفة، بانخفاض سعر صرف الدولار أمام الجنيه، بالإضافة إلى حدوث تحسن ملموس وواضح فى الاقتصاد.
وقال إن ارتفاع سعر السلع فى السوق غير حقيقى؛ نظراً إلى ضعف الرقابة على السوق ولن تظهر نتائج الإجراءات التى اتخذها المركزى سابقاً إلا فى حالة انخفاض سعر صرف الدولار.