«بكين» تستورد بضائع بقيمة تريليون دولار خلال 5 سنوات مقبلة وتعقد صفقات بـ33.6 مليار
بعد مئات السنين تسعى الصين مجدداً للحصول على دور أكبر فى ماليزيا لنشر نفوذها الاقتصادى والعسكرى فى جنوب شرق آسيا.
وكشفت وكالة أنباء «بلومبرج»، أن بكين تستثمر المليارات من الدولارات لإعادة تطوير ميناء ملقا، الذى يستخدمه التجار الصينيون.
يأتى ذلك فى الوقت الذى تقدم فيه الصين أموالاً لمشروعات البنية التحتية على الساحل الشرقى لماليزيا، وهى مناطق استثمار رئيسية لرئيس الوزراء نجيب رزاق، قبل الانتخابات التى ستجرى هذا العام؛ حيث يساعد بناء الطرق والجسور الجديدة فى إعادة انتخابه، ولكن المال الصينى يمكن أن يأتى بتكلفة طويلة الأجل.
وقال مصطفى عزالدين، زميل بمعهد «إيساس يوسف إشاك» فى سنغافورة، إن التقارب مع الصين سلاح ذو حدين لرئيس وزراء ماليزيا.
أضاف أنه فى الوقت الذى ستجلب فيه الاستثمارات الصينية النقدية إلى خزائن الحكومة التى ستعزز الاقتصاد لكن المعارضة ستستخدم بطاقة الصين لانتقاد الحكومة لكونها قريبة جداً من الصين، واتهامها ببيع سيادة ماليزيا.
وارتفع الاستثمار الصينى فى ماليزيا منذ تولى «شى جين بينغ» السلطة عام 2012، ووصف الرئيس الصينى العلاقات مع ماليزيا بأنها الأفضل مقارنة بأى وقت مضى.
ونقلت «بلومبرج» عن مصادر رفضت الكشف عن هويتها نظراً إلى حساسية المناقشات أن الرئيس الصينى يستعد لزيارة ماليزيا خلال الأشهر المقبلة.
والتزمت الصين باستيراد بضائع قيمتها تريليون دولار من ماليزيا خلال السنوات الخمس المقبلة، وهى قفزة تقترب من ثمانية أضعاف واردات 2016 كما تستثمر ما يصل إلى 150 مليار دولار فى البلاد.
وعقد رئيس وزراء ماليزيا صفقات بلغت قيمتها 33.6 مليار دولار أثناء زيارته للصين خلال نوفمبر الماضى.
وتجدر الإشارة إلى أن الصين أصبحت أكبر شريك تجارى لماليزيا منذ عام 2009 وهو ما أدى لتراجع دور سنغافورة؛ حيث بلغت قيمة التجارة الثنائية بينهما 83.4 مليار دولار العام الماضى، لتصبح الصين أكبر سوق للصادرات فى ماليزيا.
وأشارت الوكالة إلى أن ماليزيا – مثل سنغافورة – تمتلك صلات تاريخية قوية مع الصين فحوالى ربع سكانها من الصينيين.
وبلغت حصة الشركات الصينية بمشاريع البناء فى ماليزيا خلال عام 2015 حوالى 8 مليارات يوان، وهو ما يعادل 1.2 مليار دولار.
وقال المحلل تشونغ تين سان، لدى شركة «دى بى إس»، إن ما يقرب من نصف القيمة الإجمالية للمشاريع التى تم التوصل إليها كانت من قبل المقاولين الأجانب.
وقال ستيفن سم وونج، نائب الرئيس التنفيذى لمعهد الدراسات الاستراتيجية والدولية فى ماليزيا، خلال مؤتمر حول مشروع «طريق الحرير» الشهر الماضى: «نحن نسير فى طريق الجاذبية الاقتصادية للصين».
ومع ذلك، فإن مخاطر المال محاصرة فى السياسة الداخلية، حيث يقول منتقدو سياسة رئيس الوزراء الماليزى بمن فيهم رئيس الوزراء السابق مهاتير محمد، إن البلاد ستحتاج للتنازل عن نفوذها للصين مقابل أموالها، وإن الشركات المحلية سوف تخسر كثيراً.
وأشار «مهاتير»، إلى أن معظم الأراضى الأكثر قيمة سيملكها، ويشغلها الأجانب وفى النهاية ستصبح هذه الأراضى أجنبية.
ومن جانبه، أعلن رئيس الوزراء الماليزى قبل زيارة للصين، أن الحكومة ترغب فى بناء بنية تحتية عالمية تليق بمستوى ماليزيا مع المحافظة على الملكية المحلية.
وقال بعض المحللين، إن رئيس الوزراء يخاطر بتعزيز العلاقات مع الصين فى وقت تتفاقم فيه الأزمة بين الدولتين فى بحر الصين الجنوبى.
وأوضحت بريدجيت ويلش، محلل سياسى بجامعة «جون كابوت» فى روما، أن تدخلات الصين فى ماليزيا تسهل لها تحقيق المزيد من التوترات العرقية، وعدم الاستقرار السياسى، كما تؤثر على علاقات ماليزيا مع جيرانها فى المنطقة.
ولكن أكد إيشام إسحاق، نائب الأمين العام لقطاع التجارة فى ماليزيا، أن الحكومة ستسعى لتحقيق التوازن فى علاقتها مع الصين.
وأشار «إسحاق» إلى وجود قيمة عادلة من حيث الاستثمارات المتدفقة من الصين إلى ماليزيا من حيث المنتجات والنقدية والعمالة.