يمكن أن تكون تهديدات دونالد ترامب، المتكررة بالانسحاب من اتفاقية التجارة الحرة لأمريكا الشمالية «نافتا»، فرصة لاجتماع الشركاء التجاريين لأمريكا وعلى رأسهم المكسيك والصين.
قالت وكالة أنباء «بلومبرج»، إن الصين والمكسيك هما فى الحقيقة متنافسان أكثر من كونهما متحالفين، إذ يشتركان فى العمالة الرخيصة وتجميع المنتجات لبيعها للمستهلكين فى الدول الغنية.
وعندما تتطلع الصين لشراء السلع من أمريكا اللاتينية، فإنه عادة ما تكون سلعا أساسية مثل خام الحديد من البرازيل، أو النحاس من شيلى فى دعوة لمزيد من التجارة باعتبارها الطريق إلى النمو.
ومن شأن ذلك أن يفسر لماذا توجه الرئيس المكسيكى إنريكى بينا نييتو، إلى الصين حيث اجتمع مع نظيره الصينى شى جين بينغ، فى وقت يختتم فيه المفاوضون الأمريكيون فى المكسيك الجولة الثانية من المحادثات حول «نافتا».
وقال المحلل الاقتصادى فى أمريكا اللاتينية، اريك فارنسورث، إن تحرك الرئيس المكسيكى جهد متعمد لإظهار أن المكسيك لديها بدائل للولايات المتحدة، فى إشارة قوية إلى الحاجة لوجود خطة بديلة.
وأوضحت الوكالة أن صناع السياسة أدركوا مؤخرا أن اتفاقية «نافتا» تراجعت أهميتها فى العقدين الماضيين ولم يتقدموا بما فيه الكفاية مع الدول الأخرى.
ورغم وجود اتفاقيات تجارية مع أكثر من 40 دولة فإن المكسيك لا تزال ترسل 73% من صادراتها الى الولايات المتحدة وفقا لبيانات صندوق النقد الدولى.
وبالإضافة إلى مبادرات المكسيك مع الصين، تعمل الدولة أيضا على تحديث اتفاقها التجارى مع الاتحاد الأوروبى بالإضافة إلى تعميق العلاقات مع البرازيل والأرجنتين، فضلا عن دول أخرى مثل اليابان واستراليا ونيوزيلندا، التى كانت جزءا من اتفاقية الشراكة عبر المحيط الهادئ التى تركها ترامب فى يناير الماضى.
واشترت تلك البلدان 11% فقط من السلع المكسيكية العام الماضي. ورغم أن المكسيك عززت الصادرات إلى الصين بنسبة 12% منذ عام 2012 إلا أنها لا تزال تمثل فقط 10 مليارات دولار سنويا.
وتتنافس الصين والمكسيك على زيادة حصتيهما من واردات الولايات المتحدة، إذ ذكرت وزارة التجارة الأمريكية أن بكين ضاعفت حصتها السوقية فى الولايات المتحدة منذ انضمامها الى منظمة التجارة العالمية عام 2001 واستحوذت على 21% من السلع التى تم بيعها 2016 بزيادة 8% عن مبيعات 2000.
وهذا يقارن مع حصة المكسيك البالغة 13% وهى نسبة لم تتغير كثيرا منذ بداية العقد الماضي.
وافتتح البنك الوطنى للتجارة الخارجية فى المكسيك «بانكومكست» مكتبا فى بكين عام 2014 فى وقت تبذل فيه السلطات المكسيكية جهودا لبيع المشروبات الكحولية للسوق الصينية فضلا عن السيارات والهواتف المحمولة.
وقال فرانسيسكو غونزاليز، رئيس بنك «بانكومكست» فى مقابلة مع وكالة «بلومبرج» يوليو الماضى «علينا تعزيز الفرص فى بكين».
وأضاف أن التغيرات فى الإدارة الأمريكية سوف تفتح الكثير من الفرص بسبب مخاطر ترامب الحمائية ولذلك لن نواصل الاعتماد على شريك تجارى رئيسى واحد فقط.
وفى الماضى واجهت الدولتين صعوبة فى التعاون ولكن فى نوفمبر 2014، منحت المكسيك عقدا قيمته 4.3 مليارات دولار لشركة السكك الحديدية الصينية لإنشاء خط فائق السرعة بين مدينة مكسيكو والمركز الصناعى فى مدينة كويريتارو.
وبلغ الاستثمار المباشر الأجنبى الصينى فى المكسيك 600 مليون دولار منذ عام 1999 مقابل 30 مليار دولار فى كندا و60 مليار دولار لإسبانيا و227 مليار دولار للولايات المتحدة وفقا لبيانات وزارة الاقتصاد المكسيكية.
وهناك علامة على التقدم فى العلاقات تبرز فى قطاع الطاقة حيث دخلت الشركة الوطنية الصينية للنفط البحرى المعروفة باسم «نوك» الى الصناعة المكسيكة من خلال الفوز بحقوق تطوير حقول بالقرب من الحدود البحرية الأمريكية العام الماضى.
وقد يتطلب هذا العقد استثمار ما يصل إلى 4.4 مليار دولار للوصول إلى ذروة الإنتاج.
وكشفت وزارة الطاقة فى المكسيك عن أن الشركة الصينية مؤهلة أيضا لتقديم عطاءات اكتوبر المقبل لتشكيل مشروعات مشتركة مع شركة «مكسيكو» المملوكة للدولة.
ويبدو أن الدولتين ترغبان بالفعل فى تعزيز علاقتهما التجارية والاستثمارية للتحرك قدما والاطلاع على ما يمكن القيام به معا فى المرحلة المقبلة.