صندوق النقد: الضعف مستمر رغم التعافى السريع للاقتصاد العالمى ويهدد مستوى المعيشة
«العريان»: تحسن الاقتصاد العالمى حقيقى لكنه ليس كبيراً ولا مستداماً
يشهد الاقتصاد العالمى أوسع وأقوى ارتفاع له لأكثر من خمس سنوات، ولكن هذا التحسن يقوضه ضعف نمو الإنتاجية.
ذكرت صحيفة «فاينانشيال تايمز»، أن زخم دورة النمو العالمى تظهر أن التوقعات لبقية العام و2018 لا تزال صحية.
وسجل مؤشر معهد معهد «بروكينجز» البحثى الذى يغطى جميع الاقتصادات المتقدمة والنامية المهمة أعلى مستوياته فى خمس سنوات أو على مقربة منها والذى يتعلق بتدابير الاقتصاد الحقيقى والثقة والظروف المالية.
ولكن رغم معدلات النمو العالمية الأقل بكثير من تلك التى كانت قبل الأزمة المالية التى بدأت قبل عقد من الزمان، فإن النتائج تكرر القلق من أن هناك حاجة إلى مزيد من الإصلاحات الاقتصادية للحفاظ على معدلات النمو ومنع حدوث انكماش آخر.
وفى الأسابيع الأخيرة، حثت منظمة التعاون الاقتصادى والتنمية، وزراء المالية والمصرفيين المركزيين على استخدام الفرص التى خلقها الانتعاش بعد الاضطرابات الاقتصادية التى شاهدناها العقد الماضى.
وقال البروفسور إسوار براساد، أستاذ الاقتصاد فى جامعة «كورنيل» والزميل فى معهد «بروكينجز»، إنه على الرغم من أن الانتعاش كان قائماً على قاعدة عريضة وقوى بشكل معقول، فإن صناع السياسات لا يرحبون بالإصلاحات الأوسع والأشد صرامة التى قد تكون ضرورية للوصول بالنمو العالمى لأعلى المستويات، مضيفاً أن الانتعاش من الأزمة المالية ما زال يعوقه ضعف الإنتاجية ونمو الاستثمارات.
ويقارن مؤشر «بروكينجز» العديد من المؤشرات المنفصلة للنشاط الحقيقى والأسواق المالية وثقة المستثمرين بمتوسطاتها التاريخية للاقتصاد العالمى وكل بلد على حدة.
وتشير البيانات إلى أن النمو والظروف المالية والثقة قد تحسنت فى الاقتصادات المتقدمة والأسواق الناشئة فى الأشهر الأخيرة.
وسجل مؤشر النمو المركب أعلى مستوى له منذ عام 2012، ما يشير إلى أن متوسط البيانات الاقتصادية فى جميع أنحاء العالم أقوى بكثير مما كان عليه فى أى وقت خلال تلك السنوات الخمس.
وأوضحت البيانات، أن الثقة قوية بشكل خاص فى الاقتصادات المتقدمة، وقد انتعشت الولايات المتحدة بعد فوز الرئيس دونالد ترامب، فى الانتخابات فى أواخر العام الماضى، بينما تحسنت الثقة فى منطقة اليورو هذا العام.
وقد مكَّن الانتعاش الحاد مصدرى السلع الأساسية من إصلاح الكثير من الأضرار الناجمة عن هبوط أسعار البترول الذى بدأ فى عام 2014.
وعلى الرغم من أن العام الجارى من المرجح أن يظهر تحسناً كبيراً عن عام 2016، فإنَّ هناك مخاوف من أن الاقتصاد العالمى لا يزال لا يولد توسعاً قوياً بما فيه الكفاية لرفع مستويات المعيشة فى العديد من البلدان، وتخفيف بعض الضغوط المالية فى العقد الماضى.
ويتزامن ذلك مع نشر تقرير آفاق الاقتصاد العالمى عن صندوق النقد الدولى والذى قال إن اقتصاد العالم ينمو بوتيرة أسرع من المتوقع. وراجع الصندوق توقعاته للاقتصاد العالمى، وقال إنه سينمو بمعدل 3.6% خلال العام الحالى و3.7% العام المقبل.
وقال التقرير، إن الاقتصاد العالمى يمر بمرحلة صعود دورى إيجابية بعد نمو محبط خلال السنوات القليلة الماضية.
وقالت هيئة اﻹذاعة البريطانية، إن التقرير حذر، أيضاً، من أن تعافى الاقتصاد العالمى يواجه مخاطر.
وأشار الصندوق إلى انخفاض كبير للغاية فى معدلات التضخم فى العديد من البلدان، وهو ما يعنى أن البنوك المركزية ليس لديها مجال كافٍ لاتخاذ إجراءات للتعامل مع أى ضعف اقتصادى مستقبلاً من خلال خفض أسعار الفائدة؛ لأنها منخفضة بالفعل؛ ولأن زيادات الأسعار شديدة الضعف.
وأكد الصندوق مخاوفه المستمرة بشأن ضعف النمو فى الإنتاجية، وهو ما يقوض آفاق رفع مستوى المعيشة.
وعلق الخبير الاقتصادى محمد العريان، فى مقال له، نشرته وكالة بلومبرج على نمو الاقتصاد العالمى اﻷخير، وقال إنه استغرق وقتاً طويلاً ليتحقق، ويحدث فى سياق تراجع غير عادى فى التقلبات المالية.
أضاف «العريان»، أنه من المبكر للغاية القول بأن «المهمة تم إنجازها» والتعافى لا يزال يفشل فى تحقيق النمو الشمولى المرتفع المطلوب لمعالجة قائمة طويلة ومتراكمة من التحديات الاقتصادية والمالية والمؤسسية والسياسية والاجتماعية.
وقال إن القوى المحركة للنمو ليست عميقة أو دائمة بما يكفى، كما أن اﻷسواق العالمية صعدت بمعدلات أكثر مما ينبغى، ولا تزال تتوقع استمرار التحسن، ما يشير إلى اختلالات محتملة فى اﻷسواق المالية إذا تباطأ النمو، كما أن العالم لا يزال يواجه مشكلة الاعتماد على تخفيض أسعار العملات ﻹحراز التقدم.
وخلص «العريان» إلى أن التحسن فى الاقتصاد العالمى حقيقى، لكنه ليس كبيراً ولا مستداماً.