حولت التجارة الحرة بيرو إلى لاعب عالمى فى التجارة الخارجية، فالتجارة والاستثمار أمران حيويان بالنسبة لاقتصاد متوسط الدخل مثل بيرو، الأمر الذى يتطلب الوصول إلى أسواق التصدير وإمدادات متنامية من تدفقات رؤوس الأموال الخارجية من أجل الازدهار، وتعادل التجارة الخارجية لبيرو للسلع والخدمات بالقيمة 48% من الناتج المحلى الإجمالى.
وعلى مدى أكثر من عقد من الزمن، حافظت بيرو على سياسة تجارية واستثمارية مفتوحة تهدف إلى دمج اقتصادها فى الأسواق العالمية، مع شبكة من 17 اتفاقية تجارة حرة كاملة تغطى حالياً 95% من تجارة البضائع وتمثل نحو 80 مليار دولار فى الصادرات والواردات السنوية.
وقد أسهمت هذه الاتفاقات فى جعل بيرو إحدى قصص نجاح أمريكا اللاتينية الكبيرة، وقد نما اقتصادها بمعدل متوسط قدره 6.1% بين عامى 2002 و2013، وعلى الرغم من تباطؤ النمو على مستوى المنطقة، لاتزال بيرو تفوق جيرانها، حيث سجلت نموا بنسبة 2.4% فى عام 2014 مقابل 0.8% لبقية المنطقة وتحسن فى 2016 إلى 3.9%، وقد حقق هذا النمو الاقتصادى مكاسب اجتماعية مهمة، حيث انخفض عدد البيروفيين الذين يعيشون فى فقر بأكثر من النصف بين عامى 2005 و2014.
وقد أصبحت التجارة الحرة حجر الزاوية فى السياسة الاقتصادية لبيرو، وتقوم حكومة بيرو حالياً بتوسيع شبكتها التجارية من خلال المفاوضات داخل وخارج المنطقة التى ستغطى فى نهاية المطاف جميع التجارة العالمية مع الدولة تقريبا. وقد حظيت كل جولة من المفاوضات، بما فيها الجولة الحالية، بدعم العديد من الحكومات من مختلف الأحزاب السياسية على مدى العقد والنصف الماضيين.
ليس هناك غموض لماذا تلقت السياسة التجارية الطموحة لبيرو مثل هذا الدعم السياسى المحلى الواسع، وهو عنصر حاسم فى برنامج اقتصادى واجتماعى يرمى إلى تعزيز رفاه جميع أبناء بيرو وإدماجهم فى المجتمع.
وقد عملت اتفاقات التجارة الحرة على 3 طرق رئيسية: من خلال تعزيز صادرات بيرو وتخفيض تكاليف الواردات؛ عن طريق تشجيع الثقة فى الدولة كشريك تجارى موثوق به؛ والمساعدة على تدعيم الهياكل والمؤسسات المحلية غير الفعالة.
ويؤدى تعزيز الوصول إلى التجارة إلى زيادة قدرة بيرو على المنافسة فيما يتعلق بالبلدان التى ليس لديها مثل هذه الأفضليات التجارية.
وارتفعت الصادرات من 17.1 مليار دولار سنوياً فى عام 2005 إلى 46.4 مليار دولار فى عام 2012 قبل أن تتباطأ فى العامين الماضيين بسبب انخفاض أسعار السلع الأساسية الدولية.
كما ساعدت الأفضليات التجارية بيرو على تنويع أسواق التصدير وزيادة صادرات السلع غير التقليدية ذات القيمة المضافة التى تضاعفت 3 مرات تقريباً فى السنوات العشر الماضية لتصل إلى 11.6 مليار دولار فى عام 2014.
وتشمل صناعات التصدير غير التقليدية الناجحة المنسوجات والفواكه والخضراوات عالية الجودة ومصائد الأسماك والمجوهرات والحرف والمنتجات المعدنية والخشب، وتهدف السياسة التجارية لبيرو إلى جعل هذه المنتجات تشكل حصة أكبر من إجمالى الصادرات.
وتخلق اتفاقات التجارة الحرة فرصاً لمنتجات تصديرية جديدة، كما أنها تعزز الأفضليات التجارية القائمة من جانب واحد ومؤقت، مثل قانون الولايات المتحدة للأدوية المتعلقة بالأفضليات التجارية فى منطقة الأنديز (أتبديا) وخطة الأفضليات المعممة للاتحاد الأوروبي.
ومن اجل عيون تنمية التجارة الخارجية عدلت برو من بينتها التحتية والتشريعية وتطلبت خططها ما يقرب من 100 قانون جديد لدعم بنيتها التحتية المحلية ومؤسساتها فى هذه العملية، وقد عزز الاستقرار القانونى لبيرو من خفض مخاطر الاستثمار لديها.
وتساعد تجربة بيرو الإيجابية مع اتفاقات التجارة الحرة، فضلاً عن خبرة شركائها الإقليميين، على تعزيز فهم أفضل فى جميع أنحاء أمريكا اللاتينية بأن التجارة ليست لعبة صفرية بل الهدف الاساسى لها تبادل المصالح، ويمكن لسياسة تجارية مفتوحة أن تسفر عن فوائد إنمائية ملموسة ترتكز على العمالة، وتعزيز القدرة التنافسية، والتخفيف من وطأة الفقر. وستكون هناك مقايضات وتكاليف تسوية يجب معالجتها من خلال السياسات الاقتصادية والاجتماعية التكميلية المناسبة، غير أن الأثر الإيجابى العام للتجارة الحرة يفوق بكثير أى تكاليف من هذا القبيل.