بقلم: ليام دينينج
منذ عام، كان سوق البترول يواجه قنبلة سياسية ويترقب اجتماعاً مهماً لـ«أوبك»، واليوم يمكنك أن تقول نفس الشىء، إلا أن ما حل محل الانتخابات الرئاسية الأمريكية هو بسط نفوذ سعودى من نوع مختلف تماماً، ومجدداً، سوف تجتمع «الأوبك» نهاية نوفمبر الجارى والفارق الوحيد الكبير هو التوقعات.
ولم يعرف سوق البترول فى الواقع كيف يستجيب لانتخاب الرئيس دونالد ترامب، وغطت المخاوف من أن ينتهى اجتماع «الأوبك» بطريق مسدود بعد فوز ترامب، وكان المزاج العام حينها يتسم بعدم اليقين الذى يشوبه بعض الحيرة، وبصيص من التفاؤل، وبالتالى عندما تمكنت «الأوبك»، بمساعدة روسيا ودول قليلة غيرها، من التوصل لاتفاق لتخفيض المعروض تهلل السوق.
وبعد عام، عاد خام برنت ليرتفع فوق 60 دولاراً للبرميل للمرة الأولى منذ يوليو 2015، وساعد خفض المعروض من قبل المنظمة التى يقع مقرها بفيينا فى تقليص التخمة، وكذلك كان للنمو الاقتصادى فى الأشهر الماضية بعد إعصار «هارفى» مساهمته فى دفع الأسعار.
ووبعيداً عن التشكك، يتوقع المستثمرون أن «أوبك» فى اجتماعها نوفمبر الجارى لن تحافظ فحسب على اتفاقها وإنما سوف تمدده لنهاية 2018، وهذا يعنى ضمناً أن روسيا وغيرها من غير الأعضاء فى «أوبك» سوف يكونوا جزءاً من التمديد.
ويظهر تفاؤل المستثمرين بشكل واضح فى استثماراتهم بالعقود الآجلة، وارتفعت رهانات صناديق التحوط على أسعار البترول أعلى مما كنت عليه بعد الإعلان الأولى لخفض الإنتاج من قبل «أوبك»، وأعلى بكثير من قبيل اجتماع العام الماضى.
كما أن الاستثمارات فى الاستكشاف والإنتاج الأمريكى مختلفة عن العام الماضى كذلك، وتذكرون أن قرار «أوبك» بتخفيض المعروض أعطى للقطاع شريان حياة من خلال رفع أسعار العقود الآجلة للخام الأمريكى لمستوى سمح لشركات الاستكشاف والإنتاج بتحويط إنتاجها لعام 2017، وبالتالى مواصلة النمو، ويتم تداول العقد الآجل حالياً عند 57 دولارًا للبرميل أى أعلى من مستوى 50 إلى 55 دولاراً الذى كان بمثابة عتبة شركات الاستكشاف والإنتاج لتحويط إنتاجهم، وبالتالى دعم المزيد من الحفر والتكسير الهيدروليكى.
وتتمثل الخطورة التى تتحملها «أوبك» فى أن تخفيض إنتاجها سيرفع الأسعار ويشجع المنتجين الأمريكيين على ملء الفراغ وأخذ الحصة السوقية والاستفادة من ارتفاع الأسعار.
ولكن على هذه الجبهة لدى «أوبك» بعض الأنباء المشجعة، وهى أن العديد من شركات الاستكشاف والإنتاج تتعهد بالإنفاق فى إطار تدفق النقدية أو بما يقترب منه وذلك بضغط من المساهمين، ومنذ يناير الماضى، تباطأ إصدار الأسهم، الذى ساعد القطاع على الإبحار خلال أسوأ الفترات عامى 2015 و2016.
وفى نفس الوقت عاد إصدار السندات عالية العائد بمعدلات قوية، وكانت أسهم شركات الاستكشاف والإنتاج الأفضل أداءً فى الأسابيع القليلة الماضية هى صاحبة أعلى أعباء ديون واستدانة، مقارنة بأسعار البترول مثل شركة «كاليفورينا ريسوريز كورب».
ورغم أن العامين الماضيين يطاردان شركات الاستكشاف والإنتاج، فإن الكثير منهم تعلم شيئاً من التجربة، وكذلك تعلمت «أوبك»، كما بدأت مراجعة توقعاتها بشأن تراجع الإنتاج بحدة والمنشورة يوم الخميس الماضى.
وفى اليوم التالى (الجمعة الماضية)، أعلنت عملاقة البترول الصخرى، «كونتيننتال ريسورسز»، عن خطط نمو ثنائية الأرقام العام المقبل، دون أن تتخطى تدفقات النقدية، وعلى افتراض أن أسعار البترول ستترواح بين 50 و55 دولاراً للبرميل، وفى نفس اليوم، أرسلت «كوكو فيليبس» رسالة مشابهة (بشأن مستوى أسعار البترول).
ومن الجدير بالذكر، أن العقود الآجلة للبترول فى 2020 لاتزال متماسكة عند مستوى 50 دولاراً للبرميل، رغم ارتفاع الأسعار على المدى القريب، وهذا يشكل أكبر خطر بالنسبة للمضاربين الذين بتوقعون المزيد من المكاسب من الآن وحتى 2018، وعلاوة على ذلك، تعد المخاطر الجيوسياسية اكثر حدة منذ عام مضى، وليس فقط فى السعودية، وإنما فى فنزويلا وإيران أيضاً.
وأكبر الفروق عن نوفمبر الماضى ليس السياسات أو الأسعار وإنما مراكز الاستثمار، فقد تحولنا من وضع عدم الرهان مطلقاً إلى عودة جميع أنواع الرهانات، بمعنى آخر، إذا كانت وظيفة «أوبك» العام الماضى هى إعادة إشعال التفاؤل، فإن وظيفتها العام الجارى هى تبريره.
إعداد: رحمة عبدالعزيز
المصدر: وكالة أنباء «بلومبرج»