عندما نتسائل عن مستقبل عملة البيتكوين، نجدها تختلف بشكل كامل عن ما يجري في أسهم شركات الإنترنت، حيث إرتفع ثمن عملة البيتكوين ( Bitcoin) بمعدل ست مرات منذ بداية هذا العام، وبعد وقت قليل تخطى حاجز 6000 دولار أمريكي.
الكثير من الخبراء في أسواق العملات الإلكترونية يعتبرون أن هذا التسارع الشديد في التغيرات الكبيرة والعنيفة في أسعارها يؤكد على وجود دليل واضح أن هناك بالون هواء في سوق العملات الإلكترونية سرعان ما ينتهي، وهذا لا يعتبر مثيراً للدهشة. جديراً بالذكر أن السرعة الكبيرة التي تصعد بها أسعار العملات الإلكترونية ظهرت في آخر مرة خلال الضجة الكبيرة التي أحدثها ظهور تكنولوجيا الدوت كوم في نهاية التسعينات.
يبدو أن القاعدة الرئيسية في حالة عملة البيتكوين لا تشابه نهائياً الموجودة في أسهم شركات الإنترنت، ومستقبله المشرق.
الأمر جاد جدًا فيما يخص زيادة الإقبال على عملة البيتكوين ولكنه لا يخلو من المخاطرة كما هو الحال في العاب المراهنات التي زاد الاقبال عليها في مواقع الكازينو في الكويت أو غيرها من الدول العربية بعد أن صارت مقننه ويتم التعامل معها بشكل عادي جدا في غالبية دول العالم، وفيما يلي سنوضح الاسباب وراء سبب كون ارتفاع سعر عملة البيتكوين ليست أمر عارض، ومن أهم تلك الأسباب ما يلي:
أولاً: عملة البيتكوين عملة رسمية للتبادل التجاري
موقف الريبة والحذر الذي يتملك الحكومات والمنظمين الدوليين لحركة المال من أهم العقبات التي تواجهها عملة البيتكوين إلى وقتاً قريب، حيث أنهم يشعرون ببعض التخبط والأرتباك نتيجة طبيعة عملة البيتكوين الغير مركزية وعلاقته بالكيانات الإجرامية في شبكة النيت المظلمة ( دارك نيت) منذ مطلع ظهوره. ولكن رغم هذا تبدل موقف الحكومات بصورة تدريجية، حيث أن حكومة اليابان قد أجازت عملة البيتكوين رسمياً في شهر أبريل كطريقة للتعامل التجاري مما دفع سعر البيتكوين للصعود والإنتشار في أنحاء الدولة. أما في دولة الفلبين فيقوم الأشخاص بإستعمال عملة البيتكوين بصورة أوسع حيث يستعملونها في عمليات التحويلات المالية الصغيرة، وهذا الأمر لم يمر من تحت يد البنك المركزي، حيث أدلى البنك المركزي في شهر أبريل بأنه سوف يتحكم في العملة الإلكترونية، وبهذا الإجراء قد حصلت العملة الرقمية على الوضع الرسمي وتم التصريح بإستخدامها في التحويلات المالية. ربما تصبح عملة البيتكوين هى طريقة الدفع الوحيدة في هذه الدول في الغد القريب ومن بينها دولة الكويت. ومن الممكن أن تظل الأمور في السير نحو هذا الإتجاه إذا وضعنا في حساباتنا كمية الطلبات التي تزيد بصورة مستمرة من قبل التجاريين ورجال الأعمال وأصحاب أنظمة الدفع من خلال الإنترنت على مستوى العالم على عملة البيتكوين.
ثانياً: المحافظة على الثروة
في الدول التي لديها أزمات إقتصادية ومالية من الاسباب التي تؤكد أن عملة البيتكوين ليست بالون هواء، وأن الطلب على العملات الإلكترونية في نمو متزايد في الدول التي بها عقبات إقتصادية. على سبيل المثال في دولة فنزويلا وبوليفيا وزمبابوي تستعمل العملة الرقمية بهدف المحافظة على الثروة المالية، أيضاً تستخدم على أنها طريقة الدفع المتاحة في ظل هبوط قيمة العملة الرسمية للبلاد. والدليل على هذا إرتفاع كم التداول بعملة البيتكوين عكس إتجاه ما يحدث بالنسبة لقيمة العملات الوطنية والنمو الإقتصادي في البلدان التي لديها أزمات إقتصادية ومالية. تمكن عملة البيتكوين المستثمرين والشركات في الدول إستلام التحويلات المالية من خارج البلاد وهذا نتيجة المراقبة الحازمة لحركة رأس المال. وإختصاراً ستجد إزدياد الطلب على العملة الرقمية وسرعة إنتشاره على مستوى العالم حيث ترى المشكلات الإقتصادية فى كل مكان.
ثالثاً: تزايد الطلب على العملة
الأوقات الأولى من بداية ظهور عملة البيتكوين كانت الشركات التجارية يقبلون التعامل بها في بعض المحلات التجارية القليلة ” وفي معظم الظروف كان ملاك هذه المحلات التجارية من المؤيدين للعملات الرقمية”. ولكن في الوقت الحالى قد تبدل الحال بصورة نهائية، حيث يمكن القيام بعمليات الدفع بعملة البيتكوين في الشركات الكبرى للتكنولوجيا والمتاجر المتخصصة في مجال الإنترنت. الصعود الهائل في سعر العملة الرقمية قد لفت إنتباه وسائل الإعلام مع قيام عدة دول مثل اليابان بمنحها الشرعية أدى لزيادة الإهتمام بعملة البيتكوين من جهة الشركات الإستثمارية. الأسباب في مصلحة العملة الرقمية في الإستثمار عن طريق الإنترنت كبيرة جداً، حيث أن العمولة التي تحصل أقل من التي في بطاقات الإئتمان، أما من جهة وجود مخاطر النصب بإسترداد المبالغ التي تم دفعها فهى بنسبة صفر. تمكن عملة البيتكوين الأشخاص المقيمين في بعض الأماكن التي يوجد بها نظام بنكي متأخر بتغطية مشترياتهم، وإستقطاب متعاملين جدد من الجهة الفنية.
وبشكل نسبي كلما إنتشرت العملة الرقمية بصورة أسرع كلما كان كم الطلب عليها أكبر وأكثرثباتاً، وإذا نظرنا لكم إنتشارها المحدود في قطاع التجارة فسيظهر أن إحتمالات نموها بالتأكيد هائلة.
رابعاً: كمية العملة الإلكترونية محدودة ومقننة
يرجع السبب الأساسي لهذا الإرتفاع الهائل في سعر البيتكوين أن أزدياد حجم الطلب يرتطم بحجم العرض القليل المتاح فيها. سبق وتم وضع إستراتيجية للعملات الرقمية بحيث لا تتجاوز كمية تعدين البيتكوين أكثر من 21 مليون. غير ذلك الإسراع في ظهور عملات رقمية جديدة تقلل من الوقت المقرر ان تتم فيه إستكمال كمية البيتكوينات. وهكذا فإن إزدياد الطلب على العملات الإلكترونية يصطدم ليس فقط بالكمية المحدودة، ولكن أيضاً بالعرض الذي يقل بصورة مستمرة. تظهر الأدلة على أن الجدل حول إن كان الإرتفاع في سعر البيتكوين بالون هواء أم لا سيظل قائم. ورغم هذا فلا يوجد وجه شبه في المقارنة بين عملة البيتكوين وأسهم شركات الإنترنت ويرجع ذلك للإختلافات الرئيسية بين هذين النوعين من الأصول.
خامساً: عملة البيتكوين أصبحت معروفة في الآونة الأخبرة لحداً ما
يمكن القول أن عام 2017 أصبح عاماً للبيتكوين في وقت أن تعرف الناس على العملات الرقمية للمرة الأولى. منذ خمس سنوات لو سألت أي شخص عن عملة البيتكوين لوجدته ينظر إليك بإستغراب. أما الآن فأغلب الجمهور سمعوا عن العملات الألكترونية، كما أن البعض منهم يعلمون تمام المعرفة أن قيمة البيتكوين تعد أغلى من الذهب. والآن بعد أن حصلت العملات الرقمية على الشعبية والإنتشار أصبح كم الطلب المحتمل عليها من ناحية التجار كبيراً جداً. بالإضافة إلى أن الشركات الإستثمارية بدأت تفكر بشكل جدى في إستثمار الأموال في العملات الإلكترونية بشكل عام وفي البيتكوين بشكل خاص.