قبل 37 عاماً ورث روبرت موجابى، اقتصاداً متنوعاً بشكل جيد لديه إمكانية ليصبح واحداً من أفضل اقتصادات أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، ولكن اليوم تعتبر زمبابوى الرجل العاجز فى المنطقة، حيث تقلص نصيب الفرد من الدخل الحقيقى بنسبة 15% منذ عام 1980.
وقال ويلشمان نكوبى، رجل الأعمال والسياسى البارز المعارض، إن الاقتصاد أصبح فى وضع سىء للغاية.
أضاف أن الأزمة الاقتصادية وصعوبة دفع رواتب الجنود والموظفين المدنيين تشكل جزءاً من خلفية الاستيلاء العسكرى الأسبوع الماضى.
أشار إلى وجود أزمة سيولة شديدة ففى الوقت الراهن لو كان المرء يمتلك 10 آلاف دولار فى البنك فيمكنه صرف 20 دولاراً فى اليوم الواحد فقط وهو ما يؤكد حقيقة الأزمة.
وذكرت صحيفة «فاينانشيال تايمز» البريطانية، إن طوابير المواطنين على ماكينات الصرافة لسحب الدولار بعد ساعات من تدخل الجيش الأسبوع الماضى يعد أحدث مثال على الحاجة إلى العملة الصعبة، مما يعكس الصعوبات الاقتصادية التى دامت لسنوات، وفى عام 2009 اضطرت زمبابوى إلى التخلى عن عملتها المحلية التى ارتفعت فى جحيم التضخم المفرط واعتمدت الدولار كوسيلة رئيسية للتبادل.
وأشارت الصحيفة إلى أن الدولرة القسرية والتى تعنى جعل الدولار عملة أساسية للتداول والتعامل أدت إلى استقرار الاقتصاد وإحداث انتعاش مبدئى بنسبة 40% فى الدخول، ولكن مع عدم وجود عملة محلية أصبح المعروض النقدى يعتمد اعتماداً كلياً على التدفقات الدولارية وهو الأمر الذى حرم السلطات المحلية من السيطرة على السياسة النقدية.
وفى خطوة يائسة لإدخال السيولة أدخلت الحكومة سندات دين متوسطة الأجل فى العام الماضى وكانت هذه العملات مدعومة من الناحية النظرية بالعملة الصعبة، ولكنها تدهورت بسرعة من حيث القيمة.
وأوضحت الصحيفة، أن المعروض النقدى ارتفع بنسبة 36% فى العام الماضى وانخفضت سندات الدين متوسطة الأجل بنسبة 80% فى السوق الموازى، مما هدد بارتفاع معدل التضخم.
وبالمعدلات السنوية يلغ معدل التضخم أكثر من 14% ويبلغ العجز فى الموازنة 12% من الناتج المحلى الإجمالى وعلى الرغم من دعم التصدير بقيمة تبلغ 175 مليون دولار فإن العجز التجارى يتجاوز 10% من الناتج المحلى الإجمالى، وفى مرحلة ما من المرجح أن تضطر الإدارة الجديدة أياً كان شكلها إلى إعادة إدخال عملة محلية رغم العواقب المؤلمة.
وعلى الرغم من التزام حكومة موجابى بمبادئ الماركسية اللينينية، فى الأيام الأولى من الاستقلال، إلا أنها لم تطبق شىء من هذا المفهوم ورغم تأسيسها لعدد كبير من الشركات المملوكة للدولة، إلا أن جميعها تقريباً أفلست الآن، وضاعفت الحكومة مشاكلها من خلال إعراضها عن المستثمرين الأجانب والاقتراض بشكل كبير لأجل توسيع الخدمات الاجتماعية، خاصة التعليم.
وبحلول أوائل التسعينيات فى أعقاب انهيار الإمبراطورية السوفيتية كان موجابى، متردداً بشأن برنامج التكيف الهيكلى من قبل البنك الدولى والمانحين الغربيين والذى تم تصميمه بشكل ضعيف وبطريقة غير سليمة.
وتوقع مصممو برنامج التكيف الهيكلى، أن تحرير السوق وسياسة التحرر المالى بالإضافة إلى إصلاح الخدمة المدنية والمؤسسات العامة من شأنه أن يدفع عجلة النمو الاقتصادى وسوف تكون الصناعة التحويلية القطاع الرائد.
ومع ذلك، فإن العديد من إصلاحات القطاع العام لم تؤتى ثمارها وسجل الناتج الصناعى فى الوقت الراهن أقل من 10%من الناتج المحلى الإجمالى مقابل ذروة فى أوائل التسعينيات بلغت 25%.
وبعيداً عن سياسة تحفيز الاقتصاد التى وعد بها المانحون والمؤسسات المتعددة الأطراف أدت الإصلاحات السوقية إلى تعميق الأزمة الاقتصادية، مما أجبر موجابى على اتخاذ تدابير يائسة أكثر من أى وقت مضى.
واشتملت هذه التدابير على دفع رواتب غير مدرجة فى الموازنة إلى قدامى المحاربين بسبب غزو زيمبابوى العسكرى لجمهورية الكونغو الديمقراطية عام 1998 وغيرها من التدابير التى عجلت بانهيار العملة والتضخم المفرط فى أوائل العقد الأول من القرن الحادى والعشرين.
وأوضحت «فاينانشيال تايمز»، أن إغفال سياسة الإصلاح الزراعى أدى إلى تسارع التراجع الاقتصادى بشكل كبير حيث انخفض الناتج المحلى الإجمالى الحقيقى بنسبة 45% حتى عام 2009 وانهار الإنتاج الزراعى وبحلول عام 2008 كان حجم الإنتاج الزراعى يمثل ثلثى مستويات الذروة فى عام 2000.
ومع ذلك أعلن تنداى بيتى، الذى شغل منصب وزير المالية فى الفترة من 2009 إلى 2013 أن الاقتصاد يمكن أن يتعافى سريعاً إذا استطاعت زيمبابوى جذب الاستثمارات الأجنبية وأعادت إدراج نفسها فى الاقتصاد الدولى.
وأضاف أنه يمكننا بناء اقتصاد بقيمة 100 مليار دولار فى أقل من 15 عاماً وتسجيل مستوى نمو يبلغ 7% سنوياً، وحاول الجيش الذى تولى مهامه فى الأسبوع الماضى تقديم نفسه كصديق لرجال الأعمال وفى بيان صحفى الأسبوع الماضى، أكد الجيش دعمه لمجتمع الأعمال معرباً عن رغبته فى إقامة دولة هادئة للمستثمرين.
ومن أجل ذلك، ستحتاج البلاد إلى نوع من حزم الإنقاذ الدولية وجذب تدفقات جديدة للمستثمرين، ولكن الدولة لن تكون قادرة على إحداث أى تغيير فى هذا الاقتصاد دون الدعم الدولى.