اقتصادنا يا تعبنا.. الحلقة 61..
والتفكير فى مستقبل الإنسان البشرى فى عصر التحول الرقمى.. والاقتصاد المعرفى الرقمى
إن الإعلان عن تصنيع محمول مصرى (بنسبة 45% مكوناً مصرياً) خطوة جيدة نحو تشجيع صناعة تكنولوجيا المعلومات حتى ولو كانت متأخرة، لكنها خطوة جيدة يجب أن يبنى عليها فى التفكير فى أن يكون لدينا «سيليكون فالى» جديد مقره مصر، يصدّر للمنطقة العربية والأفريقية وغيرهما من الأسواق العالمية.. وخطوة لتشجيع الشركات العالمية لتنتج التكنولوجيا الخاصة بها فى مصر.. لأن الثورة الصناعية الرابعة تتجه نحو التحول الرقمى فى جميع مجالات الصناعة والخدمات (بما فيها الخدمات المالية) والمعاملات لدرجة تنبئ الكثيرين بالأثر السلبى بزيادة معدلات البطالة العالمية مع توقع دخول الإنسان الآلى «الروبوت» كبديل للإنسان البشري.. وهو ما يتطلب إعادة التفكير فى أولويات التنمية، وأثر ذلك على التعليم والصحة ومختلف مجالات الحياة الإنسانية ومواكبة التطورات المستقبلية فى ثورة تكنولوجيا المعلومات، وينبغى على الشركات والأفراد التفكير من الآن فى التحديات التى تواجههم فى مواكبة هذه التطورات..
فانتشار المحمول على مدار السنين الماضية نتيجة تطور التكنولوجيا وزيادة معدلات التحول الرقمى digital transformation خلق مجالات كثيرة للإبداع الرقمى والتكنولوجى، وأصبحت العديد من الشركات تتسابق فى إبداع الجديد من المنتجات..
فخروج نوكيا من السوق يوماً ما كان بسبب عدم قدرتها على التنبؤ الذى حدث فى مجال التكنولوجيا (digital screen impact)، بعد أن كانت تتربع على عرش الإيرادات، وتركت الساحة لشركات مثل سامسونج وأبل لتكتسح السوق بمنتجاتها، ما تتطلب من شركات كثيرة إعادة صياغة استراتيجيتها إذا أرادت أن تبقى فى السوق.. فالعملة الجيدة سوف تطرد العملة الرديئة… انظر إلى حجم التجارة الإلكترونية والتسوق الإلكترونى.. لم تعد فى حاجة إلى الذهاب إلى المتجر أو شركة السياحة أو فى بعض الأحيان البنك.. الخ لتجرى معاملاتك.. حتى الأكل تستطيع طلبه باستخدام أدوات التكنولوجيا الحديثة، ويصلك حيث أنت..
وهو الأمر الذى يجعلنى أتساءل ماذا عن العملات الإلكترونية وتطور عملية التحويل الإلكترونى.. هل سيكون هناك مجال للعملات الورقية يوماً ما، وما حجم التعامل إذا انتشر استخدام الناس للتحويلات الإلكترونية للأموال عبر الموبايل أو الأجهزة المحمولة أياً كان نوعها.. وما التحديات الأمنية التى ستفرضها القرصنة الإلكترونية على هذه التحويلات وهذه الأجهزة.. وماذا فى حالة سرقة هذه الأجهزة المحمولة واختراق بيانات العملاء بها..
كيف ستكون علاقات البشر ببعضهم… لقد ألهى المحمول الناس عن التواصل الطبيعى، لدرجة أن أدوات التواصل هى الرسائل أو التعليقات أو المعايدات والتهنئة عبر الواتس آب أو فيسبوك أو تويتر.. سوف تتغير علاقة البشر ببعضهم البعض، وسينفد صبر الناس مع التعامل البطىء أو البشرى المباشر.. «لأن ريتم الحياة بقى أسرع»..
يجب أن يستعد الناس جيداً لمثل هذه الأمور.. فإن كان للتكنولوجيا أثر كبير على الاقتصاد والحياة الاجتماعية للناس خلال الفترة الماضية.. فإنه يجب علينا أن نفكر كدولة وشركات وأفراد لشكل العلاقات فى المستقبل بجميع صورها.. لم نعد نصبر على قراءة.. لم نعد نصبر على سماع قصص «هرى».. أصبح الحوار انجز أو ابعتلى واتس آب.. لغة الحوار تنحسر تدريجياً إلى لغة رقمية ليس فيها مشاعر أو أحاسيس… انظر إلى أى شخص كبيراً كان أو صغيراً الآن الكل منشغل بهاتفه.. أراه فى بيتى وفى بيت أصحابى وأقاربى وفى كل مكان.. وأراه فى السيارة والطيارة وفى كل مكان..
لا ننكر الإيجابيات الكثيرة للتكنولوجيا ولكن ما أرغب فى قوله، كيف نتعامل مع السلبيات ونضع حلولاً لها.. ونعظم من الإيجابيات..
أصبحت الحياة بالنسبة لنا حياة رقمية (الاقتصاد الرقمى – الخدمات المالية الرقمية – الحياة الأسرية الرقمية.. حتى الوزن للإنسان أصبح تحليلاً رقمياً كام ميه.. كام دهون.. الخ).. نحن نحو الانتقال إلى عصر الإنسان الرقمى.. فكيف سنتعايش.. وكيف أن الأقل حظاً من النمو والحياة الجيدة سيتهمش أكثر وسيكون خارج نطاق منظومة الإنسان الرقمى.. سوف نصل إلى وقت هناك أناس خارج المنظومة الرقمية..
تحولات جديدة فى عالم متغير تدعو إلى التفكير المستقبلى… ارهاصاتى الرقمية المستقبلية تدعونى للتأمل والتفكير فى المستقبل، نحو ماذا سيحدث فى حياة الإنسان البشرى… عن الاقتصاد الرقمى والثورة الصناعية الرابعة أتحدث… عن أهداف التنمية المستدامة التى غيرت فيها الأمم المتحدة، والبنك الدولى لتلائم هذه الثورة الصناعية الرابعة.. فأين نحن من العالم وإلى أين سنذهب.. هل ستزيد الفجوة لدينا داخلياً وخارجياً؟…
وما نبغى إلا إصلاحاً…