
تعد عملية إصلاح منظومة تحصيل الضرائب، واحدة من بين أبرز الملفات التى طالب بها صندوق النقد الدولى فى المراجعة الثانية التى أصدر نتائجها اﻷسبوع الماضى.
وقالت ورقة صادرة عن صندوق النقد الدولى، إن هناك مجالاً أمام الحكومة لتعزيز الإدارة الضريبية بمرور الوقت؛ من أجل تحقيق زيادات كبيرة ومستدامة فى الحصيلة الضريبية.
وأضاف أن مصلحة الضرائب المصرية رغم أنها مسئولة عن ضريبة الدخل والضريبة غير المباشرة (المبيعات)، فإنَّ الإدارة الضريبية لم تدمج بعد بالكامل على المستوى التشغيلى، وتركز المصلحة إلى حد كبير على نوع الضرائب فى إطار هيكل المقر وشبكات المكاتب الميدانية المنفصلة للضرائب المباشرة وضريبة القيمة المضافة التى تستخدم أنظمة تكنولوجيا المعلومات المنفصلة، ما يؤدى إلى ازدواجية الوظائف الأساسية، بجانب إعداد تقارير منفصلة عن الأداء.
وأشار إلى أن العمليات التشغيلية الأساسية لمصلحة الضرائب أقل مما هو مرغوب فيه، لكن بالرغم من ذلك تتمتع ببيئة مكتبية ميدانية واسعة النطاق مع العديد من المكاتب الصغيرة، وامتلاكها قوى عاملة الكبيرة، ما قد يؤدى إلى مخاطر فى الامتثال الضريبى، والإدارة المؤسسية، وتقديم الخدمات، ورصد وكفاءة الإيداع والدفع.
وأضاف الصندوق أن المنظومة الضريبية تحتاج إلى الاستمرار فى الهدف المتواصل على المدى المتوسط للتنفيذ الكامل لهيكل متكامل قائم على القطاعات مدعوماً بنظم وعمليات تكنولوجيا المعلومات.
وذكر أن الإصلاحات فى سياسات مصلحة الضرائب، ينبغى أن تشكل زيادة عدد المكاتب، واعتماد نهج يقوم على أساس الوظيفة بدلاً من العمليات الضريبية فى مكاتب دافعى الضرائب المتوسطة والصغيرة، وترشيد التوظيف يعد أساساً للإصلاحات فى إطار استراتيجية متوسطة الأجل للإيرادات.
وأشار إلى أنه يجب أن يكون لدى مكاتب المصلحة مراقبون وخبراء متخصصون من ذوى المهارات العالية لإدارة التعقيدات التجارية المحيطة بأكبر دافعى الضرائب ومنع التهرب الضريبى.
وقال إنه على المدى القصير، يمكن تطوير نظم تكنولوجيا المعلومات القائمة، وبناء برامج لتقييم المخاطر، والعمل على الجمع بين قواعد البيانات وتحسين المعلومات من أجل اتخاذ القرارات، وتحسين الامتثال الضريبى وزيادة الإيرادات.
قال عمرو المنير، نائب وزير المالية للسياسات الضريبية، إن كل ما ذكر من ملاحظات من قبل صندوق النقد الدولى على الإصلاحات الضريبية تقدمت به الحكومة إلى البرلمان ضمن البرنامج الحكومى الذى يستهدف زيادة نسبة الضريبة للناتج المحلى الإجمالى، وتبسيط الإجراءات، والمحافظة على استقرار السياسة الضريبية وسعر الضريبة.
وتابع أن خطط الحكومة للإصلاح الضريبى تضمن وضع نظام مبسط للمشروعات الصغيرة والمتناهية للصغر بجانب توسيع القاعدة الضريبية.
وذكر «المنير»، أن وزارة المالية ستقوم خلال موسم الإقرارات الضريبية الحالى بوضع نظام مميكن وإلكترونى لكبار الممولين وتقسيمه إلى جزأين بحيث يتم تقديم جزء منه بنهاية أبريل، وإعطاء الممولين مهلة شهرين من تاريخ عمل الإقرار لاستكمال جميع الجداول والبيانات المحددة للشركات، وقال إن الحكومة رصدت 700 مليون جنيه لمكينة المصلحة.
وقال أشرف عبدالغنى، رئيس جمعية خبراء الضرائب، إن هيكلة مصلحة الضرائب لن تأتى بالحصيلة، ومن المطلوب زيادة الحوافز وربطها بإنهاء الخلافات والملفات وليس عمليات الفحص والمراجعة فقط، وتهيئة المناخ للعمل، فضلاً عن التدريب الجيد والمستمر للعاملين.
وأضاف «عبدالغنى»، أن الهيكلة الإجرائية وتوحيد الإجراءات الضريبية المتعاملة بين ضرائب الدخل والقيمة المضافة والعقارية أهم بكثير من الهيكلة الوظيفية.
وطالب «عبدالغنى» بتسريع إنهاء المنازعات وزيادة أعداد اللجان لإنهاء أكبر قدر من الملفات المتنازعة، اﻷمر الذى يسهم فى زيادة الحصيلة.
وقال مصطفى مكرم، الشريك، رئيس قطاع الضرائب بشركة BDO للاستشارات المالية والمراجعة، إن إصلاح المنظومة الضريبية يتم عبر مسارين؛ أولهما تغير فكر المتعاملين بمصلحة الضرائب، وعدم وجود تقديرات جزافية أو مبالغ فيها للملفات، وثانيهما إضافة متعاملين جدد للمنظومة عبر ضم اﻻقتصاد غير الرسمى إلى المنظومة الرسمية.
وقال إن الحكومة متباطئة فى تطبيق نظام مبسط للمشروعات الصغيرة والمتوسطة رغم اﻹفصاح عنه منذ عامين تقريباً.
وأشار إلى أن المتعاملين فى المنظومة غير الرسمية لن يقوموا بالتسجيل بمصلحة الضرائب طواعية؛ انتظاراً لإقرار حوافز ضريبية جديدة؛ ﻷن القانون الحالى لم يعطهم حوافز وفشل فى جذبهم للقطاع الرسمى.
وأضاف «مكرم»، «من الممكن تحصيل حصيلة ضريبية تبلغ 30 مليار جنيه من اﻻقتصاد غير الرسمى حال فرض ضريبة عليه بواقع %10 فى حجم تعاملات 300 مليار جنيه على أقل تقدير».
وطالب رامى جورج، شريك الضرائب فى مكتب ديلويت للاستشارات المالية والمراجعة، بضرورة تغيير ثقافة المتعاملين داخل مصلحة الضرائب لتحسين المنظومة عبر إدخال حوافز لمأمورى الضرائب عن الملفات المنجزة المنتهية، بدلاً من إطالتها داخل اللجان الداخلية ولجان إعادة النظر الضريبى.
وضرب «جورج» المثال بمخصص الإحلال والتجديد بالفنادق الذى تضعه الشركة المالكة ضمن ميزانياتها، لكنَّ مأمورى الضرائب يريدون محاسبة شركة الإدارة عليه.
ونوه «جورج» بوجود مجهود كبير داخل مصلحة الضرائب، لكن غير ظاهر؛ بسبب ضغوطات على مأمورى الضرائب لتحقيق الحصيلة المطلوبة.
وقال «جورج»، «لدينا خلافات مع مصلحة الضرائب مستمرة منذ ما يقرب من 14 عاماً، ولجان الطعن الضريبى تأخذ وقتاً يتراوح بين سنة وسنة والنصف من تاريخ إحالة ملف الشركة للجنة وصولاً إلى مناقشته».
ولفت إلى وجود نسبة كبيرة من المتأخرات الضريبية غير حقيقية؛ نتيجة مبالغة بعض أفراد مصلحة الضرائب فى التقديرات.
وطالب بسرعة إنجاز الملفات المتنازع عليها مع مصلحة الضرائب، فى ظل حاجة الحكومة إلى مبالغ مالية كبيرة لتمويل الإنفاق على الخريطة الاستثمارية والرأسمالية، بدلاً من اﻻقتراض الخارجى المكلف، قائلاً «السهولة فى التطبيق نوع من العدالة الضريبية».