انتقد صندوق النقد الدولى، فى مراجعته الثانية لبرنامج اﻹصلاح الاقتصادى المصرى، ضعف الحصيلة الضريبية، مقارنة بالناتج المحلى اﻹجمالى.
وقال سوبير لال، رئيس بعثة الصندوق إلى مصر، إن منظومة الضرائب بحاجة إلى إصلاحات كبيرة وشاملة وضرورية؛ لزيادة الحصيلة الضريبية إلى %18 من الناتج المحلى اﻹجمالى، بدلاً من أقل من %14 حالياً.
وقال الصندوق، إن حصيلة الضرائب كنسبة من الناتج المحلى اﻹجمالى أقل من المعدل العالمى، كما أنها أقل من الدول المشابهة لمصر.
وتثير تلك التعليقات من صندوق النقد الدولى، بعد ما يقرب من عامين على بدء الإصلاح الاقتصادى، التساؤلات حول قدرة الحكومة على تحصيل ما يكفى من الضرائب، والإجراءات «الشاملة والضرورية» التى يجب اتخاذها للوصول بالحصيلة إلى المعدلات العالمية المطلوبة.
«النقد الدولى»: إعفاءات «القيمة المضافة» تذهب للأغنياء ويجب إلغاء المناطق الحرة مستقبلاً
مصر بحاجة لنظام ضريبى يمنع الشركات الكبيرة من القول إنها صغيرة
«نصر»: لا بد من بذل جهد إضافى لزيادة حصيلة ضريبة المهنيين
«العربى»: نحتاج لتقديم حوافز لجذب الشركات المتوسطة والعالمية
«جورج»: يجب فرض ضريبة اﻷرباح الرأسمالية وتوحيد سعرها والوقت مناسب حالياً
يرى محللون وخبراء ضرائب، أن زيادة الحصيلة تتطلب فرض ضرائب جديدة، مثل الأرباح الرأسمالية، وتوسيع قاعدة دافعى الضرائب، من خلال اتخاذ إجراءات لجذب مزيد من الممولين، خاصة من قطاع المهنيين.
وقال رامى جورج، شريك الضرائب بمكتب ديلويت للاستشارات المالية، إن زيادة الحصيلة يتطلب العودة لفرض ضريبة اﻷرباح الرأسمالية على مكاسب اﻷسهم سواء المقيدة أو غير المقيدة فى البورصة، معتبراً الوقت الحالى مناسباً لتطبيقها فى ظل حالة الانتعاش الحالى لسوق المال مع تبسيط إجراءات تحصيلها.
وقال «لال»، فى المؤتمر الصحفى، إن الصندوق سيركز على ضريبة اﻷرباح الرأسمالية، الفترة المقبلة، مع الحكومة، وكان المجلس اﻷعلى للاستثمار أقرَّ فى وقت سابق بتأجيل تطبيق الضريبة على اﻷرباح الرأسمالية لمدة 3 أعوام تنتهى فى مايو 2020.
واقترح «جورج»، توحيد المعاملة الضريبة لكل من الشركات المقيدة وغير المقيدة لتصبح %10 من اﻷرباح، مقابل %22.5 حالياً على الشركات غير المسجلة.
وتابع «جورج»، «من الممكن أن تقوم شركة مصر المقاصة بتحصيل الضريبة من المنبع، وتوريدها لمصلحة الضرائب عند تطبيق اﻷرباح الرأسمالية لما تملكه الشركة من قاعدة بيانات للمتعاملين، اﻷمر الذى يسهم فى إنعاش الحصيلة الضريبية بشكل كبير».
وذكر أن العديد من البورصات العالمية تطبق الضريبة على الأرباح الرأسمالية كبورصات نيويورك واليابان وفرنسا، ولفت إلى أن مشكلة تطبيقها فى وقت سابق يرجع لعدم وجود آلية واضحة لتطبيقها، وليس بسبب الخلاف حولها.
وطالب «جورج» بتخفيض الضريبة على القيمة المضافة إلى حدود %10 بدلاً من نسبتها الحالية %14، خاصة مع وجود مواد بالقانون تسمح بهذا التعديل، وأشار إلى أن ارتفاع سعر الضريبة يؤدى إلى مزيد من الانكماش بالسوق.
وقال، إن تقليل سعر الضريبة سيخلق حالة من الرواج داخل الأسواق وزيادة المبيعات، اﻷمر الذى يؤدى إلى زيادة الحصيلة الضريبية، علاوة على وجود خدمات أشمل وأكثر بالقيمة المضافة، مقارنة بقانون الضريبة على المبيعات.
وأشار إلى أن الإعفاءات فى قانون الضريبة على القيمة المضافة فى محلها، ولا نستطيع الاقتراب من جدول الإعفاءات فى الوقت الراهن؛ حتى لا نمس الشريحة الأكبر من محدودى الدخل.
وكان تقرير صندوق النقد الدولى الصادر منذ أيام طالب بضرورة مراجعة وزارة المالية تخفيض الإعفاءات الضريبية عن المستويات الحالية.
ونصَّ قانون الضريبة على القيمة المضافة عند إصداره على إعفاء 56 مجموعة سلعية وخدمية من القانون؛ أبرزها ألبان الأطفال، وألبان، ومنتجات صناعة الألبان والمنتجات المتحصل عليها من اللبن، بواسطة استبدال عنصر أو أكثر من عناصره ومحضرات أغذية الأطفال والبيض، عدا المبستر، والشاى، والسكر، والبن، ومنتجات المطاحن فيما عدا الدقيق الفاخر أو المخمر المستورد من الخارج والخبز بجميع أنواعه، علاوة على الأدوية والمواد الفعَّالة الداخلة فى إنتاجها (محلى)، والأدوية والمواد الفعَّالة الداخلة فى إنتاجها (مستورد)، والخدمات التعليمية التى تقدمها الأقسام والمدارس والمعاهد والكليات والجامعات التى تقوم بتدريس مناهج ذات طبيعة خاصة.
كما اقترح «جورج» وضع قانون جديد لضريبة الدخل، بعد إجراء تعديلات كبيرة على القانون الحالى، ووضع نصوص واضحة مفسرة وتصدر لائحته التنفيذية بالتزامن مع تطبيق القانون.
وقال إن الضريبة على القطاع المهنى لا تتناسب مع حجم أعماله، ومن ثم على مصلحة الضرائب ضرورة إلزام المتعاملين بإصدار الفواتير.
وقالت ورقة صادرة عن صندوق النقد الدولى، إن إيرادات ضريبة الدخل الشخصى بلغت نحو %1.6 من إجمالى الناتج المحلى فى عام 2016، وإنها أقل بقليل من متوسط مستوردى النفط فى الشرق الأوسط وشمال أفريقيا والبلدان النامية والنامية، والتى تبلغ %2 و%2.6 من الناتج المحلى الإجمالى على التوالى.
وأوضحت أن انخفاض عوائد ضريبة الدخل الشخصى يعكس التحديات التى تواجهها مصر والمنطقة فى فرض ضرائب على الدخل الشخصى، ووجود حصة كبيرة من السوق غير رسمية.
وذكرت أن تحدى تحسين إيرادات ضريبة الدخل الشخصى يتمثل فى إدراج المزيد من الأفراد فى القاعدة الضريبية.
وقال حسام نصر، شريك الضرائب بشركة أرنست آند يونج للاستشارات المالية والمراجعة، إن زيادة الحصيلة الضريبية ترتبط بمدى قدرة الحكومة على جذب استثمارات، فضلاً عن تحسين بيئة ومناخ اﻻستثمار للمتعاملين، ووجود شفافية بين مصلحة الضرائب والممولين، اﻷمر الذى يؤدى إلى تقوية العلاقة بين الطرفين.
وقال «نصر»، «لا توجد معضلة فى تطبيق الضريبة على اﻷرباح الرأسمالية للشركات المقيدة بعد انتهاء فترة تأجيلها 3 سنوات؛ لأن عدم تطبيقها يمثل تنازلاً من مصر لصالح الدول الأخرى التى يتم فيها سداد الضريبة».
وطالب «نصر»، بوضع آليات واضحة ومحددة فى تطبيق الضريبة على اﻷرباح الرأسمالية للشركات غير المقيدة، وباﻷخص شركات المسئولية المحدودة؛ نتيجة عدم وجود آلية واضحة لها فى الوقت الراهن.
وحول تطبيق الضريبة على المهنيين، قال «نصر»، إن المهنيين المتعاملين مع الأفراد لديهم مشكلات نتيجة وجود صعوبة فى حصر تعاملاتهم التجارية، بينما المحاسبون اﻷقل فى ظل أن غالبية تعاملاتهم تتم مع الشركات، وبالتالى تكون الأتعاب مسجلة.
وأشار إلى أن فئة اﻷطباء يمكن حصر تعاملاتها عبر المستشفيات والعيادات من خلال مراقبة اﻷتعاب التى يحصل عليه الطبيب بالنظر إلى عدد الزوار.
ويقول الصندوق، إن مصر تأتى فى المرتبة الخامسة من حيث الدخل الضريبى، مقارنة بمستوردى النفط فى الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، لكنَّ الأداء أفضل من السودان وأفغانستان وباكستان وسوريا، ولكن نسبة الضريبة إلى الناتج المحلى الإجمالى أقل مقارنة ببلدان لبنان وتونس والمغرب.
وقال أشرف العربى، عضو مجلس النواب، رئيس مصلحة الضرائب الأسبق، إنه لا بد من النظر فى تحسين آليات تحصيل الضريبة فى ظل الاتجاه العالمى، حالياً، للاستثمارات من الشرق إلى الغرب؛ بسبب السياسة الحالية للرئيس اﻷمريكى دونالد ترامب.
وأضاف أن الإصلاح الضريبى لا يجب أن يكون مرتبطاً بالدخل من الإيرادات الضريبة، وانتهاج أمريكا سياسة ضريبية لتخفيض أسعارها للمحافظة على اﻻستثمارات القائمة. ولفت «العربى» إلى أن سعر الضريبة الحقيقى فى مصر فى الوقت الراهن يقارب من %30 وليس %22.5، ومن ثم علينا تقديم حوافز استثمارية لفتح شهية المستثمرين بشكل يضمن جذب الشركات المتوسطة والعالمية للسوق بالنظر إلى الدول المجاورة المحيطة.
وقال إن صندوق النقد الدولى لديه محددات يناقشها مع جميع الدول عند إجراء عملية إصلاح اقتصادى، لكن تطبيقها يختلف من دولة إلى أخرى، فى ضوء توافر المعلومات ووجود آليات للتطبيق.
وذكر أن الضريبة على اﻷرباح الرأسمالية كانت ضمن مفاوضات الصندوق، لكن نظراً إلى تأجيلها تم تطبيق ضريبة الدمغة على التعاملات المالية لتعويض الحصيلة الضريبية، ونتيجة عدم تحقيق الحصيلة من ضريبة الدمغة سيتجه الصندوق إلى إجراء مناقشات أخرى مع الحكومة بشأن الضريبة على اﻷرباح الرأسمالية.
وقال الصندوق، إن مصر تحتاج إلى زيادة الإيرادات الضريبية لخلق مجال للإنفاق الاجتماعى والاستثمار فى رأس المال البشرى والمادى.
وذكر أنه بالمقارنة بين الإيرادات الضريبية فى مصر مع بلدان المنطقة، تشير إلى أن عائدات الضرائب فى مصر أقل من متوسط المنطقة.
وبحسب تحليل البلدان المماثلة، استناداً إلى خصائصها، يمكن لمصر أن ترفع عائدات الضرائب بنسبة تتراوح بين 3 و%4.5 من الناتج المحلى الإجمالى.
وقال الصندوق إن العائدات الضريبية من ضريبة السلع والخدمات فى 2016 بلغت نحو %2.6 من الناتج المحلى الإجمالى، مقارنة بمتوسط قدره %6 من الناتج المحلى الإجمالى فى المنطقة، ومتوسط قدره %5.7 من الناتج المحلى الإجمالى فى البلدان الناشئة والنامية.
وأرجع انخفاض إيرادات ضريبة المبيعات إلى القاعدة الضريبية الصغيرة التى لا تشمل الخدمات، فضلاً عن الإعفاءات الكبيرة فى سلع مثل السلع الأساسية، التى تهدف إلى حماية الفئات الأكثر ضعفاً، مشيراً إلى أن معدل ضريبة السلع والخدمات يبلغ %10، منخفض نسبياً، مقارنة بالمنطقة.
وقالت الوثائق، إن إيرادات ضرائب الدخل على الشركات تبلغ نحو %3 من إجمالى الناتج المحلى فى عام 2016، وإن تلك النسبة أعلى من متوسط مستوردى النفط فى الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، ومتوسط الأسواق الناشئة والنامية التى تصل عند %2.8 و%2.9 على التوالى من الناتج المحلى الإجمالى.
وأضاف أن حوالى %60 من إيرادات ضريبة دخل الشركات، راجع من الشركات المملوكة للدولة مثل الهيئة العامة للبترول وهيئة قناة السويس والبنك المركزى المصرى.
وذكر أن إيرادات ضريبة الدخل الشخصى بلغت نحو %1.6 من إجمالى الناتج المحلى فى عام 2016، وأنها أقل بقليل من متوسط مستوردى النفط فى الشرق الأوسط وشمال أفريقيا والبلدان النامية والنامية التى تبلغ %2 و%2.6 من الناتج المحلى الإجمالى على التوالى.
ويقترح الصندوق إجراءات واسعة النطاق لزيادة الحصيلة الضريبية، تتضمن توسيع القاعدة الضريبية لضريبة القيمة المضافة، وزيادة تغطية ضريبة الدخل، ومراجعة الحوافز الضريبية، ومنع تآكل القاعدة بموجب ضريبة دخل الشركات وتعزيز الإدارة الضريبية بالكامل، وتنفيذ هيكل متكامل قائم على القطاعات المختلفة.
خيارات لزيادة الحصيلة الضريبية:
– السياسة الضريبية
وقالت الورقة الصادرة عن الصندوق، بشأن عدد من المشكلات المحددة فى الاقتصاد المصرى، إن إدخال ضريبة القيمة المضافة يعتبر خطوة جديرة بالترحيب فى زيادة الإيرادات، ولكن قاعدة ضريبة القيمة المضافة لا تزال منخفضة نسبياً، بالرغم من إخضاع الخدمات إلى قاعدة القيمة المضافة، والتى كانت لا تخضع لضريبة المبيعات، لكنَّه بالرغم من ذلك يوجد العديد من السلع المعفاة من القيمة المضافة مثل الغذاء والكهرباء والغاز الطبيعى.
وأضاف أنه بالرغم من أن الإعفاءات تعود بالفائدة على الفقراء، فإنَّها لا تصل للمستحقين بشكل جيد، وتحصل الأسر ذات الدخل المرتفع على حصة أكبر من هذه الاستحقاقات.
وأشار إلى أن معدل ضريبة القيمة المضافة فى مصر ليس مرتفعاً بشكل خاص، مقارنة بالمنطقة، ولكن التحدى الرئيسى لضريبة القيمة المضافة، هو توسيع القاعدة الضريبية بإدراج السلع المعفاة فى القاعدة الضريبية. وأنه يمكن تخفيض أثر ذلك على الأسر الأكثر فقراً من خلال زيادة برامج المساعدة الاجتماعية المستهدفة.
وذكرت الوثائق، أن تحدى تحسين إيرادات ضريبة الدخل الشخصى يتمثل فى إدراج المزيد من الأفراد فى القاعدة الضريبية.
وأوضح أن ضريبة الدخل الشخصى تفرض على أصحاب الدخول والمهنيين مثل الأطباء والمحامين والمحاسبين، لكن لا يوجد التزام بها؛ بسبب الاقتصاد غير الرسمى الكبير وتداول الكاش، حيث يكون الالتزام بالإيرادات الضريبية من المهنيين منخفضاً بشكل خاص؛ نظراً إلى عدم وجود نظام اقتطاع وتسوية.
وقال صندوق النقد الدولى، إنه يمكن تعزيز تدريجى لضريبة الدخل الشخصى عن طريق زيادة معدلات الضريبة، والعمل بالخصم الضريبى للفئات الأقل دخلاً، وتوسيع الفئات الضريبية، والسماح بعمل قاعدة بيانات تلقائية للفئات الضريبية، مشيراً إلى أن الزيادة الأخيرة فى الخصم الضريبى لمحدودى الدخل خطوة جيدة فى هذا الاتجاه.
وعن ضريبة الدخل للشركات، قال إنها سليمة من الناحية الهيكلية، ولكن الضعف الرئيسى يكمن فى الحوافز الضريبية الواسعة، وإن تجنب تلك الحوافز يؤدى إلى تآكل القاعدة الضريبية.
وأضاف: «قانون الاستثمار أتاح حوافز ضريبية كثيرة، مثل المناطق الحرة، ومن الصعب العثور على معلومات عن تكاليفها ومنافعها المحتملة. والقصد من الإعفاءات تشجيع الصادرات، واجتذاب الاستثمار الأجنبى المباشر، ولكن الشركات التى تخضع للإعفاءات غالباً ما تنتج للسوق المحلى أيضاً، ما يشوه المنافسة ويحول دون تكافؤ الفرص».
وأوضح أن قانون الاستثمار الجديد يعد خطوة مرحباً بها؛ لأنه يقيد معايير الأهلية، ويزيد من رسوم الشركات العاملة فى نظام المنطقة الحرة، ويمثل خطوة مهمة أخرى فى تقديم بيانات الدخل للشركات تحت نظام المنطقة الحرة إلى مصلحة الضرائب فى مصر.
وذكر أنه فى المستقبل يجب إزالة نظام المناطق الحرة للداخلين الجدد، ووضع خطة للتخلص التدريجى من أنظمة المنطقة الحرة للشركات القائمة.
وعن الجمارك، قال صندوق النقد الدولى، إن مصر فى حاجة إلى تبسيط هيكل التعريفات الجمركية، والقضاء على السلطة التقديرية لمنح الإعفاءات، وإعادة النظر فى دور الرسوم الجمركية لتشجيع الإنتاج المحلى الذى يمكن أن يعزز الإيرادات والكفاءة الاقتصادية.
وأضاف أن هيكل التعريفة الجمركية معقد، وتتفاوت التعريفات بشكل كبير تبعاً لمجموعة السلع، مشيراً إلى أن التعريفات تعد أعلى بالنسبة للمنتجات النهائية المنتجة فى مصر وبعض المنتجات التى يرجح أن تستوردها الأسر المعيشية الأكثر فقراً.
وذكر أن استخدام الرسوم الجمركية كأداة للسياسة العامة للحد من الواردات، يمكن أن يقوض الكفاءة الاقتصادية، لكنَّ البديل لذلك هو تحسين الشفافية والإيرادات من خلال إلغاء الإعفاءات الجمركية المقدمة على أساس تقديرى.
وحول الضريبة العقارية، قال صندوق النقد الدولى، إنها تتمتع بإمكانية كبيرة لزيادة الإيرادات، وزيادة تقدم النظام الضريبى ككل على المدى المتوسط، لكنَّها تواجه صعوبة فى تقييم الإيجارات.
وأضاف أن الضريبة العقارية تضاعفت من 2015 إلى 2016 ولكن إيراداتها ما زالت عند مستوى منخفض جداً عند %0.1 من الناتج المحلى الإجمالى، ولا تزال غير مستغلة إلى حد كبير.
وذكر أنه يمكن للضريبة العقارية، التى غالباً ما تشكل جزءاً كبيراً من الثروة، أن تعوض وتكمل نظام ضرائب الدخل الشخصية ذات الإيرادات الضعيفة، كما أن لديها ميزة أنه من الصعب التهرب منها؛ بسبب عدم استقرار القاعدة الضريبية، لكنَّ إدارة وتنفيذ الضريبة العقارية فى مصر يتطلب استثماراً كبيراً فى إنشاء الكوادر والبنية التحتية الإدارية.
وقال صندوق النقد الدولى، إنه يمكن تبسيط نظام الشركات الصغيرة ومتناهية الصغر، واستخدام عدة معايير لتصنيف الشركات، ليس بهدف زيادة الإيرادات مباشرة فقط، ولكن فى المقام الأول لمنع الشركات الكبيرة من القول بأنها صغيرة.
أضاف أن هناك مجالاً أمام الحكومة لتعزيز الإدارة الضريبية بمرور الوقت من أجل تحقيق زيادات كبيرة ومستدامة فى الحصيلة الضريبية، متحدثاً عن ضرورة الانتهاء من دمج مصلحتى ضرائب الدخل وضرائب القيمة المضافة، وتقليص اﻹدارات المتشابهة وتوحيد اﻹجراءات.
إصلاح منظومة التحصيل يمهد الطريق لزيادة العوائد
تعد عملية إصلاح منظومة تحصيل الضرائب، واحدة من بين أبرز الملفات التى طالب بها صندوق النقد الدولى فى المراجعة الثانية التى أصدر نتائجها اﻷسبوع الماضى.
وقالت ورقة صادرة عن صندوق النقد الدولى، إن هناك مجالاً أمام الحكومة لتعزيز الإدارة الضريبية بمرور الوقت؛ من أجل تحقيق زيادات كبيرة ومستدامة فى الحصيلة الضريبية.
وأضاف أن مصلحة الضرائب المصرية رغم أنها مسئولة عن ضريبة الدخل والضريبة غير المباشرة (المبيعات)، فإنَّ الإدارة الضريبية لم تدمج بعد بالكامل على المستوى التشغيلى، وتركز المصلحة إلى حد كبير على نوع الضرائب فى إطار هيكل المقر وشبكات المكاتب الميدانية المنفصلة للضرائب المباشرة وضريبة القيمة المضافة التى تستخدم أنظمة تكنولوجيا المعلومات المنفصلة، ما يؤدى إلى ازدواجية الوظائف الأساسية، بجانب إعداد تقارير منفصلة عن الأداء.
وأشار إلى أن العمليات التشغيلية الأساسية لمصلحة الضرائب أقل مما هو مرغوب فيه، لكن بالرغم من ذلك تتمتع ببيئة مكتبية ميدانية واسعة النطاق مع العديد من المكاتب الصغيرة، وامتلاكها قوى عاملة الكبيرة، ما قد يؤدى إلى مخاطر فى الامتثال الضريبى، والإدارة المؤسسية، وتقديم الخدمات، ورصد وكفاءة الإيداع والدفع.
وأضاف الصندوق أن المنظومة الضريبية تحتاج إلى الاستمرار فى الهدف المتواصل على المدى المتوسط للتنفيذ الكامل لهيكل متكامل قائم على القطاعات مدعوماً بنظم وعمليات تكنولوجيا المعلومات.
وذكر أن الإصلاحات فى سياسات مصلحة الضرائب، ينبغى أن تشكل زيادة عدد المكاتب، واعتماد نهج يقوم على أساس الوظيفة بدلاً من العمليات الضريبية فى مكاتب دافعى الضرائب المتوسطة والصغيرة، وترشيد التوظيف يعد أساساً للإصلاحات فى إطار استراتيجية متوسطة الأجل للإيرادات.
وأشار إلى أنه يجب أن يكون لدى مكاتب المصلحة مراقبون وخبراء متخصصون من ذوى المهارات العالية لإدارة التعقيدات التجارية المحيطة بأكبر دافعى الضرائب ومنع التهرب الضريبى.
وقال إنه على المدى القصير، يمكن تطوير نظم تكنولوجيا المعلومات القائمة، وبناء برامج لتقييم المخاطر، والعمل على الجمع بين قواعد البيانات وتحسين المعلومات من أجل اتخاذ القرارات، وتحسين الامتثال الضريبى وزيادة الإيرادات.
قال عمرو المنير، نائب وزير المالية للسياسات الضريبية، إن كل ما ذكر من ملاحظات من قبل صندوق النقد الدولى على الإصلاحات الضريبية تقدمت به الحكومة إلى البرلمان ضمن البرنامج الحكومى الذى يستهدف زيادة نسبة الضريبة للناتج المحلى الإجمالى، وتبسيط الإجراءات، والمحافظة على استقرار السياسة الضريبية وسعر الضريبة.
وتابع أن خطط الحكومة للإصلاح الضريبى تضمن وضع نظام مبسط للمشروعات الصغيرة والمتناهية للصغر بجانب توسيع القاعدة الضريبية.
وذكر «المنير»، أن وزارة المالية ستقوم خلال موسم الإقرارات الضريبية الحالى بوضع نظام مميكن وإلكترونى لكبار الممولين وتقسيمه إلى جزأين بحيث يتم تقديم جزء منه بنهاية أبريل، وإعطاء الممولين مهلة شهرين من تاريخ عمل الإقرار لاستكمال جميع الجداول والبيانات المحددة للشركات، وقال إن الحكومة رصدت 700 مليون جنيه لمكينة المصلحة.
وقال أشرف عبدالغنى، رئيس جمعية خبراء الضرائب، إن هيكلة مصلحة الضرائب لن تأتى بالحصيلة، ومن المطلوب زيادة الحوافز وربطها بإنهاء الخلافات والملفات وليس عمليات الفحص والمراجعة فقط، وتهيئة المناخ للعمل، فضلاً عن التدريب الجيد والمستمر للعاملين.
وأضاف «عبدالغنى»، أن الهيكلة الإجرائية وتوحيد الإجراءات الضريبية المتعاملة بين ضرائب الدخل والقيمة المضافة والعقارية أهم بكثير من الهيكلة الوظيفية.
وطالب «عبدالغنى» بتسريع إنهاء المنازعات وزيادة أعداد اللجان لإنهاء أكبر قدر من الملفات المتنازعة، اﻷمر الذى يسهم فى زيادة الحصيلة.
وقال مصطفى مكرم، الشريك، رئيس قطاع الضرائب بشركة BDO للاستشارات المالية والمراجعة، إن إصلاح المنظومة الضريبية يتم عبر مسارين؛ أولهما تغير فكر المتعاملين بمصلحة الضرائب، وعدم وجود تقديرات جزافية أو مبالغ فيها للملفات، وثانيهما إضافة متعاملين جدد للمنظومة عبر ضم اﻻقتصاد غير الرسمى إلى المنظومة الرسمية.
وقال إن الحكومة متباطئة فى تطبيق نظام مبسط للمشروعات الصغيرة والمتوسطة رغم اﻹفصاح عنه منذ عامين تقريباً.
وأشار إلى أن المتعاملين فى المنظومة غير الرسمية لن يقوموا بالتسجيل بمصلحة الضرائب طواعية؛ انتظاراً لإقرار حوافز ضريبية جديدة؛ ﻷن القانون الحالى لم يعطهم حوافز وفشل فى جذبهم للقطاع الرسمى.
وأضاف «مكرم»، «من الممكن تحصيل حصيلة ضريبية تبلغ 30 مليار جنيه من اﻻقتصاد غير الرسمى حال فرض ضريبة عليه بواقع %10 فى حجم تعاملات 300 مليار جنيه على أقل تقدير».
وطالب رامى جورج، شريك الضرائب فى مكتب ديلويت للاستشارات المالية والمراجعة، بضرورة تغيير ثقافة المتعاملين داخل مصلحة الضرائب لتحسين المنظومة عبر إدخال حوافز لمأمورى الضرائب عن الملفات المنجزة المنتهية، بدلاً من إطالتها داخل اللجان الداخلية ولجان إعادة النظر الضريبى.
وضرب «جورج» المثال بمخصص الإحلال والتجديد بالفنادق الذى تضعه الشركة المالكة ضمن ميزانياتها، لكنَّ مأمورى الضرائب يريدون محاسبة شركة الإدارة عليه.
ونوه «جورج» بوجود مجهود كبير داخل مصلحة الضرائب، لكن غير ظاهر؛ بسبب ضغوطات على مأمورى الضرائب لتحقيق الحصيلة المطلوبة.
وقال «جورج»، «لدينا خلافات مع مصلحة الضرائب مستمرة منذ ما يقرب من 14 عاماً، ولجان الطعن الضريبى تأخذ وقتاً يتراوح بين سنة وسنة والنصف من تاريخ إحالة ملف الشركة للجنة وصولاً إلى مناقشته».
ولفت إلى وجود نسبة كبيرة من المتأخرات الضريبية غير حقيقية؛ نتيجة مبالغة بعض أفراد مصلحة الضرائب فى التقديرات.
وطالب بسرعة إنجاز الملفات المتنازع عليها مع مصلحة الضرائب، فى ظل حاجة الحكومة إلى مبالغ مالية كبيرة لتمويل الإنفاق على الخريطة الاستثمارية والرأسمالية، بدلاً من اﻻقتراض الخارجى المكلف، قائلاً «السهولة فى التطبيق نوع من العدالة الضريبية».
رجال اﻷعمال: الاستثمار وضم القطاع غير الرسمى أقصر الطرق لزيادة الإيرادات
«الجبلى»: نمو الحصيلة يتم عبر زيادة الاستثمارات الجديدة
«خالد»: القطاع الصناعى يدفع %50 من قيمة الضرائب
قال مستثمرون ورجال أعمال، إن تحسين بيئة الاستثمار لتأسيس شركات جديدة، وضم القطاع غير الرسمى، هما أقصر الطرق لزيادة حصيلة الضرائب كنسبة من الناتج المحلى اﻹجمالى.
وقال شريف الجبلى، نائب رئيس جمعية شباب الأعمال، إن زيادة الحصيلة الضريبية يجب أن تكون عبر زيادة الاستثمارات لرفع عدد الشركات العاملة بالسوق.
وأوضح: «مثلاً، تحصيل 100 جنيه ضرائب من 4 شركات أفضل من تحصيل نفس القيمة من شركة واحدة، إذ إن تثبيت الضرائب، وعدم زيادتها يعمل على جذب استثمارات محلية وأجنبية».
وقال محمد المرشدى، وكيل لجنة المشروعات الصغيرة ومتناهية الصغر، رئيس جمعية مستثمرى العبور، إن الدولة لها الحق فى زيادة الحصيلة الضريبية من خلال محاربة التهرب الضريبى، وبعض الإجراءات الأخرى، بما يضمن زيادة حصيلة الدولة من الضرائب.
وتابع «المرشدى»: «يجب أن تراعى الدولة فى حال توسعها فى فرض مزيد من الضرائب أن تكون الضرائب مشجعة للمستثمر».
شدد على ضرورة تحقيق العدالة الضريبية، وعدم تحميل فئة معينة فى المجتمع عبئاً ضريبياً، مقارنة بالفئات الأخرى.
قال محمد فكرى عبدالشافى، نائب رئيس لجنة الضرائب والجمارك باتحاد الصناعات، إن الحل الأمثل لزيادة الحصيلة الضريبية يتمثل فى توسيع القاعدة الضريبية، وليس رفع سعرها على الشركات، وذلك من خلال ضم القطاع غير الرسمى للمنظومة الضريبية.
وتابع: «يعد الاقتصاد غير الرسمى فى مصر من أكبر النسب على مستوى العالم؛ حيث يدفع شخص واحد فقط الضرائب من بين كل 3 أشخاص».
وطالب بضرورة توحيد الجهة المحاسبية لكل أنواع الضرائب، فى إطار عملية إعادة الهيكلة التى تجريها مصلحة الضرائب حالياً.
وحذر «عبدالشافى» من زيادة سعر الضرائب الحالية على الشركات البالغ %22.5 لزيادة الحصيلة الضريبية، وقال إن هذا سيرفع نسب التهرب، وسيقلل قاعدة دافعى الضرائب.
قال طه خالد، رئيس لجنة الضرائب بجمعية رجال الأعمال، إن الحل الأمثل والأوحد لزيادة الحصيلة الضريبية، وتقليل عجز الموازنة هو إدخال الاقتصاد غير الرسمى للاقتصاد الرسمى.
وتابع: «لا يعقل أن يدفع أكثر من %50 من القطاع الصناعى الضرائب ليصرفوا على باقى القطاع، إذاً من سيتحمل تكلفة آلاف الكيلومترات من الطرق التى تقوم الحكومة بإنشائها حالياً».
وأوضح أن ضم نصف القطاع غير الرسمى على الأقل للمنظومة الرسمية سيحل أزمة انخفاض قيمة الحصيلة الضريبية.
وأكد رئيس لجنة الضرائب بجمعية رجال الأعمال، ضرورة تقديم حوافز ضريبية للعاملين بالقطاع الرسمى كدفعهم ضريبة قطعية لمدة تتراوح بين 3 و5 سنوات.
كما رفض، فى الوقت ذاته، زيادة نسبة الضرائب على الشركات، والبالغة %22.5، لتعظيم قدرتها على المنافسة المحلية والأسواق الخارجية.
وتقول وزارة المالية، إنها تعد حالياً مشروع قانون لتبسيط المعاملات الضريبية للمشروعات الصغيرة والمتوسطة، لتشجيع القطاع الرسمى على الانضمام إلى المنظومة الرسمية وزيادة قاعدة دافعى الضرائب.
وقامت الحكومة بعدد كبير من اﻹصلاحات على مدار العامين الماضيين؛ لتحسين بيئة اﻷعمال، وشمل ذلك تبسيط نظام التراخيص الصناعية، وتعديل قانون الشركات، وتنظيم وتبسيط عملية الخروج من السوق من خلال إقرار قانون اﻹفلاس والهيكلة.
وطالب صندوق النقد الدولى الحكومة بتقليص دورها فى الاقتصاد، وزيادة الاعتماد على القطاع الخاص؛ لضخ استثمارات وتوفير فرص العمل، وقال إن هناك عدة عوائق تحول دون ذلك، مثل تقليص صعوبة الحصول على التمويل واﻷراضى.
وطالب الصندوق بتحسين التنافسية وزيادة الشفافية فيما يتعلق بشركاتها التابعة، وهو ما سيسهم فى زيادة فرص القطاع الخاص.
زيادة متوقعة بعائد الضريبة العقارية بعد انتهاء عملية التقييم الدورية
توقعت مصادر حكومية، زيادة الحصيلة من الضرائب العقارية، بعد إجراء عملية الحصر والتقييم الجديدة والتى ستبدأ مصلحة الضرائب العقارية فى تطبيقها بعد موافقة وزير المالية على الخطة.
وأشارت إلى أن قانون الضريبة العقارية عند إصداره فى عام 2013 نصَّ على إجراء مراجعة تقييمية كل 5 سنوات، بشرط أﻻ تزيد نسبة التقييم الجديدة على %30 للعقارات السكنية و%45 للتجارية.
وتابعت المصادر، أنه سيتم التركيز، خلال الفترة المقبلة، على التجمعات السكنية الفاخرة فى مدينة القاهرة الجديدة والساحل الشمالى لزيادة الحصيلة الضريبية.
وذكرت المصادر، أنه لا يمكن إلغاء الضريبة العقارية على أصحاب المصانع لما تمثله من موارد مالية كبيرة للحصيلة بالنسبة للقطاع الصناعى.
وبلغت حصيلة الضريبة العقارية، خلال النصف اﻷول من العام المالى الجارى، نحو 1.3 مليار جنيه.
وكان اتحاد الصناعات المصرية طالب، فى مناقشات سابقة، بإلغاء الضريبة العقارية على المصانع؛ لتخفيف اﻷعباء المالية على أصحابها.
وارتفعت حصيلة الضرائب العقارية بمعدل %60، خلال العام المالى الماضى، لتصل إلى 2.2 مليار جنيه، بدلاً من 1.3 مليار جنيه فى العام المالى قبل الماضى.
وقال صندوق النقد الدولى، إن الضريبة العقارية تتمتع بإمكانية كبيرة لزيادة الإيرادات، وزيادة تقدم النظام الضريبى ككل على المدى المتوسط، لكنَّ هناك صعوبة فى تقييم الإيجارات.
وأضاف أن الضريبة العقارية تضاعفت من 2015 إلى 2016، ولكن إيراداتها ما زالت عند مستوى منخفض جداً عند %0.1 من الناتج المحلى الإجمالى، ولا تزال غير مستغلة إلى حد كبير.
وذكر أنه يمكن للضريبة العقارية، التى غالباً ما تشكل جزءاً كبيراً من الثروة، أن تعوض وتكمل نظام ضرائب الدخل الشخصية ذات الإيرادات الضعيفة، كما أن لديها ميزة أنه من الصعب التهرب منها؛ بسبب عدم استقرار القاعدة الضريبية، لكنَّ إدارة وتنفيذ الضريبة العقارية فى مصر يتطلب استثماراً كبيراً فى إنشاء الكوادر والبنية التحتية الإدارية.