توقعات بتباطؤ نمو محافظ القروض بالبنوك العامة والصغيرة بعد وقف الضمانة الحكومية
«فهمى»: البنوك ستعيد تسعير الفائدة وتقييم المخاطر وزيادة تمويلات القطاع الخاص
«بشاى»: المؤسسات الحكومية تحتاج لإصلاحات هيكلية والاتجاه للأسواق الدولية لخفض تكلفة خدمة الدين
استبعد مديرو ائتمان ومحللون استجابة وزارة المالية لمطالب وثائق المراجعة الثانية لصندوق النقد الدولى بوقف ضمانات وزارة المالية للهيئات والشركات العامة.
وقالوا إن توقف «المالية» عن ضمانة بعض الشركات والهيئات العامة مرهون بقدرة تلك الجهات على تحقيق تدفقات فى الإيرادات تسدد منها التزاماتها وتوسعاتها، وهو ما يستلزم فترات طويلة.
وتعد الشركة القابضة للكهرباء والشركات التابعة لها والهيئة العامة للبترول أكبر الجهات الحاصلة على ضمانة من «المالية» للحصول على قروض أغلبها من البنوك العامة لسداد التزاماتها تجاه البنوك نفسها أو لتنفيذ استثمارات جديدة.
ويبلغ إجمالى قروض الجهات الحكومية 365.4 مليار جنيه من إجمالى قروض القطاع المصرفى البالغة 1.4 تريليون جنيه بنهاية سبتمبر الماضى، وفقاً لأحدث بيانات البنك المركزى.
وذكرت وثائق المراجعة الثانية لصندوق النقد الدولى، أن الحكومة فشلت فى تحقيق خطوة تحجيم الضمانات التى كان مقرراً الانتهاء منها فى ديسمبر الماضى، مطالبة بوقف الضمانات الجديدة فى موعد أقصاه يونيو المقبل مع وضع نظام لتقييم الضمانات التى تقدمها الدولة والبت فيها.
والضمانات المالية هى تعهد من وزارة المالية بالسداد حال تخلف إحدى المؤسسات العامة عن تسديد القروض أو تنفيذ عقود أبرمتها مسبقاً وتعد وسيلة لتسهيل الحصول على التمويل، وتشجيع القطاع الخاص على ضخ استثمارات بمشاريع البنية التحتية.
وقالت نانسى فهمى، محللة قطاع البنوك ببنك الاستثمار بلتون، «فى حالة توقف وزارة المالية عن ضمان قروض الهيئات الحكومية سيحدث تباطؤ فى نمو محافظ القروض بالبنوك العامة والصغيرة والتى توجه حصة كبيرة للهيئات العامة».
أضافت أن ضمانات وزارة المالية تجعل القروض «منعدمة المخاطر»، وهو ما يحفز البنوك على التوسع فى تمويلها.
وتابعت «فهمى»، «وقف الضمانات سيدفع البنوك لإعادة النظر فى آلية منح القروض من حيث تسعير الفائدة وتقييم المخاطر التى سترتفع بالتأكيد».
أوضحت أن ارتفاع مخاطر القروض بشكل عام يدفع البنوك لزيادة المخصصات ورؤوس الأموال التى باتت أحد أعباء البنوك حالياً، وهو ما قد يقلص القروض الحكومية الممنوحة خلال الفترة المقبلة.
وقالت إن بنوك القطاع الخاص الكبرى، توقفت منذ فترة عن إقراض هيئات الكهرباء والبترول ذات الضمانة من وزارة المالية؛ بسبب أنها تحصل على قروض تمثل نسبة كبيرة من رأسمال البنك، وبالتالى تضغط على معيار كفاية رأس المال.
أضافت أنه فى حالة عودة القطاع الخاص للنمو بمستويات جيدة خلال الفترة المقبلة، ستتجه البنوك لتمويل مشروعاته بشكل أكبر مقارنة بقروض الشركات الحكومية التى قد تصبح غير مضمونة.
واستبعد مدير ائتمان فى بنك مصر توقف المالية عن تقديم الضمانات دفعة واحدة؛ لأن البنوك المحلية والخارجية تطلب ضمانات وزارة المالية خاصة مع وجود فجوات مالية لدى المؤسسات العامة تضعف جدارتها الائتمانية، وترفع قيم مخصصات البنوك كما تقفز بتكلفة التمويل.
وقال إن الحل الوحيد لاقتراض المؤسسات الحكومية بضمانات أقل أو دون ضمانات هو حدوث تحسن هيكلى فى ميزانياتها لتكون تدفقاتها النقدية قادرة على تسديد المديونية إلى جانب توسيع قاعدة المقرضين لتشمل جهات محلية ودولية مصرفية وغير مصرفية.
أضاف، «توجد صعوبة فى إحجام المؤسسات العامة عن طلب التمويل خاصة مع حاجتها لتمديد اتفاقات تمويلية قائمة بالفعل، ومنها ما أوشك على الاستحقاق فى ظل تحقيق بعض الشركات أرباحاً طفيفة وأحياناً خسائر لا تمكنها من السداد إلا فى حال اتجاهها لتمويل مشروعاتها بالمشاركة مع القطاع الخاص».
وقال عصام مرسى، رئيس قطاع ائتمان الشركات الكبرى فى بنك التنمية الصناعية والعمال المصرى، إن خفض ضمانات وزارة المالية يرفع الوزن الترجيحى لمديونية الشركات الحكومية بدلاً من كونها صفرية المخاطر، ما يضغط على مؤشرات السلامة المالية للبنوك.
أضاف أن وقف الضمانة يخفض الحد الأقصى المسموح به لإقراض تلك المؤسسات؛ تماشياً مع النسب الإلزامية لكبار العملاء من القاعدة الرأسمالية.
وقال يوسف بشاى، مصرفى أول فى بنك بى إن بى باريبا، إن مصر توسعت فى إصدار الضمانات المالية نتيجة التأخر فى إصلاحات هيكلية خاصة بتحرير أسعار السلع لأكثر من 3 عقود، ما حمَّل المؤسسات العامة عبء الدعم وتحمل فروق التكلفة، الأمر الذى أثر على مراكزها المالية وجودتها الائتمانية لدى البنوك وبالتبعية قدرتها على الاستدانة.
أضاف أن حجم الضمانات الحكومية غير ثابت، وينخفض بالتزامن مع جداول استحقاق سداد الديون.
أوضح «بشاى»، أن المؤسسات الحكومية يجب أن تجرى إصلاحات هيكلية، وترفع أسعار منتجاتها لتستطيع سد الفجوة المالية لديها، وتحسين جدارتها الائتمانية، وتتوجه للأسواق الدولية لخفض تكلفة خدمة الدين والاستفادة من معدلات العائد المنخفضة عالمياً، مقارنة بأسعار العائد التى بلغت ذروتها محلياً.
وتابع «الجهات الحكومية بعد توفيق أوضاعها يجب عليها السعى للحصول على تصنيف ائتمانى خاص بها يمكنها من اقتحام أسواق السندات التى تشترط وجود تصنيف».
ورهن «بشاى» الاستغناء الكامل عن ضمانات وزارة المالية بتحقيق الهيئات العامة لأرباح تشغيلية، وانخفاض نسبة الدين إلى الإيرادات المتكررة، وزيادة الإيرادات التشغيلية، وتعظيم قيمة الأصول المالية.
أوضح أن إعادة تقييم الأصول المالية للشركات العامة بعد الاستثمارات الأخيرة تعزز جدارتها الائتمانية؛ لأن قيمة الأصول أحد المؤشرات المهمة التى تنظر إليها البنوك عند إقراض العملاء.
وقال إن تنظيم الضمانات الحكومية يفتح المجال أمام مشاركة القطاع الخاص فى الشركات الحكومية؛ لتوفير التمويل اللازم للمشروعات من خلال الشراكة بنظام الـppp أو طرح أسهم فى البورصة.