
قالت وكالة «بلومبرج» للأنباء، إن لاتفيا تعتبر مصدر إلهام لنجاح السياسات التقشفية التى أعقبت اﻷزمة المالية العالمية فى عام 2008؛ حيث سجل اقتصادها انتعاشة تعادل تلك التى كان يسجلها قبل عقد من الزمن.
وتشير البيانات اﻷولية الخاصة بالربع الرابع من العام الماضى إلى أن إجمالى الناتج المحلى المعدل وفق التضخم للدولة البلطيقية تجاوز المستوى المسجل فى عام 2007، لتشهد بذلك 7 أعوام متتالية من النمو، تلت الاستقطاعات المؤلمة فى اﻷجور والخدمات العامة، التى تسببت بها عملية الإنقاذ المالى البالغة قيمتها 7.5 مليار يورو «9.3 مليار دولار»، والتى خضعت لها دول أخرى مثل اليونان.
وقال كارستن ستهر، أستاذ التمويل الدولى والعام فى جامعة تالين للتكنولوجيا: «إن السياسات الانكماشية اللازمة للحصول على قرض من المحتمل ألا تقدم أى شىء جيد للاقتصاد»، مضيفاً: «من المثير للقلق قول إن اﻷمر سيستغرق 10 أعوام لاستعادة الانتعاشة الاقتصادية، من جهة، ولكن من الجهة اﻷخرى، كانت ذروة النمو الاقتصاد اللاتفى قبل عشر سنوات غير مستدامة، حيث كان اقتصاد البلاد محموماً”.
وواجهت لاتفيا عقبات حتى بعد أن نجحت فى الانتهاء من تطبيق سياساتها التقشفية واستعادت نموه، حيث أثر التعافى البطىء لمنطقة اليورو، التى تعد شريكاً تجارياً أساسياً للبلاد، بالسلب على صادرات البلاد، بالإضافة إلى الصراع فى أوكرانيا وعقوبات الاتحاد اﻷوروبى التى أعقبت تقييد اﻷعمال مع روسيا.
ويجادل البعض فى صحة المقارنة التى تم إجراؤها بين لاتفيا الآن وما قبل اﻷزمة، حيث سجلت السنوات السابقة للأزمة نمواً هائلاً قائماً على المكاسب غير المستدامة فى أسعار العقارات واﻷجور والإنفاق الاستهلاكي.
وقال مارتينز كازاكس، الخبير الاقتصادى لدى سويدبنك: «لا أعتقد أن عام 2007 أو 2008 يمثلان مؤشراً جيداً، فاﻷمور كانت تسير خلال هذين العامين بوتيرة خارجة عن السيطرة، أما الآن فالاقتصاد ينمو الآن دون أى محفزات».
ولا يجادل أحد فى التأثير السلبى لانكماش السكان فى لاتفيا، حيث تقلصت أعدادهم بالفعل منذ استعادة استقلال البلاد عن الاتحاد السوفيتى، والانضمام إلى الاتحاد اﻷوروبى، فاﻷزمة التى واجهتها البلاد وما تلاها من إجراءات تقشفية أدت إلى اندفاع أعداد كبيرة من السكان إلى خارجها، حيث انخفضت أعدادهم بنحو 12% بين عامى 2007- 2017، ما تسبب فى انخفاض أعداد العمالة.
وفى ظل المعارضة القوية للهجرة الوافدة، قد تتسبب قلة العمالة فى التأثير سلباً على الاقتصاد، الذى أظهر نمواً جيداً، مقارنة بما كان عليه فى السابق. وارتفع إجمالى الناتج المحلى للبلاد بنسبة 4.2%%، خلال الربع الأخير من العام الماضى، وسط انضمام صناعات أخرى، مثل التكنولوجيا، إلى القطاعات التقليدية، بما فى ذلك الخدمات المصرفية وخدمات النقل فى دفع التوسع.
كتب: منى عوض