
فرضت وزارة الصناعة رسوم إغراق نهائية على حديد التسليح «أسياخ ولفائف وقضبان وعيدان» المستورد من دول الصين وتركيا وأوكرانيا لمدة 5 سنوات، بعد أن أثبتت التحقيقات وجود ممارسات إغراق من الدول الثلاث ضد المنتج المحلى.
كانت الواردات ارتفعت بما يمثل 3 أضعافها خلال 3 سنوات حيث ارتفعت من 200 ألف طن فى 2013 إلى 1.7 مليون طن فى 2016، وتراجعت خلال 2017 إلى 300 ألف طن بفعل زيادة سعر صرف الدولار وتطبيق قرار وزارة الصناعة بتسجيل المصانع المصدرة لمصر وفرض رسوم حماية مؤقتة تراوحت بين %10 و%27.
وقدرت غرفة الصناعات المعدنية باتحاد الصناعات حجم الخسائر التى تكبدتها المصانع بثلاثة مليارات جنيه خلال تلك الفترة مع فقدان نسبة من المبيعات والحصة السوقية وهبوط معدلات الإنتاج وتدهور معدل العائد على الاستثمار، فى ظل عدم قدرة المصانع على التشغيل بكامل طاقتها الإنتاجية لزيادة حجم المعروض من المستورد بالتزامن مع ارتفاع تكاليف الإنتاج المحلية.
وما إن صدر القرار حتى أعلنت المصانع عن خططتها التوسعية والاستثمارية المستقبلية لزيادة الطاقات الإنتاجية وتلبية احتياجات السوق المحلى وتصدير الفائض من الإنتاج.
ووفقا لبيانات وزارة التموين والتجارة الداخلية فقد ارتفع حجم الإنتاج المحلى بمعدل 24% من 1.58 مليون طن فى الربع الثانى إلى حوالى 2 مليون طن فى الربع الثالث بعد فرض الرسوم المؤقتة، كما ارتفعت صادرات حديد التسليح بنسبة %230 حيث بلغت 55.5 ألف طن فى الربع الثالث مقابل 16.8 ألف طن فى الربع الثانى.
ووفقا لبيانات غرفة الصناعات المعدنية فإن الدولة حصلت على 100 مليون جنيه فى الفترة من يونيو إلى أكتوبر 2017، عن الواردات التى دخلت فى ظل الرسوم المؤقتة عن 85 ألف طن فى 5 أشهر.
وتصل حجم الطاقات القصوى للمصانع المحلية 11.5 مليون طن سنويا، بينما لم يتعد حجم الإنتاج الفعلى 7.5 مليون طن العام الماضى، وكان حجم الاستهلاك فى 2016 اقترب من 9 ملايين طن، وكان الاستيراد يغطى نسبة العجز بين الانتاج والاستهلاك.
ووفقا لبيانات البنك المركزى فإن حجم الإنتاج المحلى انخفض فى سبتمبر الماضى بنسبة 24% كما انخفضت المبيعات بنسبة %23.3 عن معدلات أغسطس 2017، بينما ارتفع متوسط السعر بمعدل %6.5 خلال سبتمبر.
ما هو مصير 50 مستورد حديد بعد فرض رسوم الإغراق؟
الزينى: نشاط المستوردين توقف.. وهامش ربح التوزيع المحلى لا يغطى التكاليف
الدجوى: الماسية تنتج 300 ألف طن لدى الغير وتدرس الاستثمار فى أحد المصانع
قال أحمد الزينى رئيس شعبة مواد البناء بالغرفة التجارية، إن أكثر من 50 مستوردا للحديد توقفوا عن نشاطهم بصدور قرار فرض رسوم الإغراق لمدة 5 سنوات، خاصة أن الأسعار المحلية لا تمكنهم من التوزيع نظرا لانخفاض هامش الربح الذى يتراوح بين 0.5 و%1 ولن يتجاوز تلك النسبة، التى لا تغطى التكاليف، بالإضافة إلى أن السوق لن يتقبل أى زيادات فى الأسعار.
أشار إلى أن بعض المصانع الصغيرة تعرض على التجار والوكلاء أسعار أقل 100 جنيه من السعر المعلن من أرض المصنع، إلا أن حجم إنتاجها منخفض لا يصل لحجم الأعمال لدى المستوردين.
وأكد الزينى أن المستوردين غير قادرين على الاستيراد مرة أخرى بعد أن تساوت الأسعار بين المستورد والمحلى بفعل رسوم الإغراق التى لن تمكنهم من تحقيق هوامش ربح، مضيفا أن رسوم الإغراق لا تحقق سوى مصالح عدد من رجال الأعمال دون النظر إلى المستوردين والمستهلكين.
وقال إن اﻷسعار ستتراجع بنحو %20 إذا سمحت الحكومة بتسجيل المصانع المصدرة لمصر من دول مثل السعودية والإمارات، لتمتع تلك الدول بأسعار مخفضة واتفاقيات تسهيل تجارية مع مصر.
وأشار الزينى إلى وجود كميات من الحديد المستورد فى السوق متبقية لدى المستوردين تباع حاليا بأسعار أقل من المحلية ب200 جنيه فى السوق.
من جانبه قال خالد الدجوى رئيس مجلس إدارة الماسية لتجارة الصلب، إن الشركة تدرس حاليا الدخول فى استثمارات التصنيع عن طريق شراء أحد المصانع الصغيرة القائمة، وتعتمد حاليا على التصنيع لدى الغير بطاقة 300 ألف طن وتستهدف التوسع خلال الفترة المقبلة.
وأضاف أن الشركة كانت تعتمد على استيراد %30 من الحديد قبل فرض رسوم الإغراق، ونظرا لارتفاع تكاليف الاستيراد، لجأت إلى التصنيع وتستورد البيليت فقط لدرفلته.
وقال، إن حجم العرض سينخفض فى السوق لعزوف المستوردين عن الاستيراد لارتفاع التكاليف، بالإضافة إلى أن عددا كبيرا من المستوردين لن يمكنوا من التحول للتصنيع، فى ظل انخفاض هامش الربح من التوزيع للمنتج المحلى، متوقعا أن يشهد السوق حالة من التوازن بين العرض والطلب، إلى أن يتجه السوق بنهاية العام الجارى إلى ارتفاع حجم الطلب بنسبة %20 بسبب المشروعات القومية الكبرى التى تتبناها الدولة.
وأضاف أن الأسعار المحلية ستشهد ارتفاعا خلال الفترة المقبلة نتيجة زيادة مدخلات الإنتاج، وقد تقوم المصانع بزيادة هامش الربح للتجار بعد ارتفاع حجم الطلب.
هل تحل الواردات السعودية محل الصين وتركيا فى السوق؟
وقالت مصادر لـ»البورصة» إن الفترة الماضية شهدت لجوء جهات حكومية للاستيراد من السعودية، وتحديدا من شركات سابك والراجحى، وذلك لتلبية احتياجات المشروعات الكبرى التى تقوم على تنفيذها، الأمر الذى يشير إلى أن السعودية قد تلعب دورا هاما خلال الفترة المقبلة فيما يتعلق بتصدير الحديد إلى السوق المصرى بعد شبه التوقف الذى حدث جراء فرض رسوم الإغراق على واردات الحديد من الصين وتركيا وأوكرانيا.
ووقعت شركة الراجحى السعودية فى مطلع يناير الماضى اتفاقيات تصدير الحديد إلى مصر مع شركة حديد العشرى المصرية ووكيل مجموعة سابك السعودية فى مصر، فى إطار التعاون الاقتصادى المشترك بين مصر والسعودية انطلاقا من رؤية المملكة 2030 التى من أهم أهدافها زيادة نسبة الصادرات السعودية غير النفطية من %16 إلى %50.
وتتمتع السعودية بمزايا نسبية فى صناعة الحديد تفتقدها المصانع المصرية أهمها انخفاض سعر الغاز للمصانع، حيث تحصل المصانع السعودية على المليون وحدة حرارية بسعر 1.7 دولار بينما تحصل المصانع المصرية عليه بسعر 7 دولارات للمليون وحدة حرارية، كما تتمتع المصانع السعودية بوجودها على موانئ البحر الأحمر مباشرة مما يقلل من تكاليف النقل والشحن.
وأبدى أحد مصنعى الحديد تخوفه من تحول دفة الواردات من دول تركيا والصين وأوكرانيا إلى السعودية، خاصة أن المصانع المصرية اعتمدت مبيعاتها خلال العام الماضى تحديدا على التوريد إلى المشروعات القومية، الأمر الذى قد يمثل تهديدا واضحا للمصانع المحلية.
وقال خالد الدجوى رئيس شركة الماسية للصلب، إن الاستيراد من السعودية فرصة للمستوردين خاصة أن السعودية لديها هدف زيادة صادراتها فى ظل تراجع حجم الأعمال الداخلية، وتوافر المخزون لدى المصانع السعودية، كما أن استيراد الحديد السعودى يسمح بالمنافسة مع الحديد المحلى ويؤثر على السوق إيجابيا.
من جانبه قال محمد حنفى مدير غرفة الصناعات المعدنية، إن ورادات الحديد السعودى لا تمثل خطرا على السوق المحلى، حال استيرادها وفقا للقواعد الرسمية المنظمة للعملية التجارية، إضافة إلى أن سعر الحديد فى السعودية والإمارات وكذلك قطر وعمان يتجاوز 600 دولار، أعلى من السعر المحلى.
وأضاف: أنه على الرغم من أن المصانع السعودية تحصل على الغاز بسعر مخفض عن نظيرتها المصرية، إلا أن تكنولوجيا المصانع فى السعودية لا تعتمد بشكل مباشر على الغاز، وإنما على صهر الخردة والبيليت باستخدام الكهرباء، كما أنها تعتمد على استيراد مستلزمات الإنتاج، ونفس الوضع بالنسبة للإمارات.
وقال أحد كبار المصنعين إن دخول الحديد السعودى تم فى ظرف استثنائى لا يمكن القياس عليه بمنافسته للحديد المحلى، حيث تعاقدت الهيئة الهندسية للقوات المسلحة من خلال أحد المستوردين على استيراد 150 ألف طن، فى الوقت الذى تعثرت فيه المصانع المتعاقدة على التوريد للمشروعات التى تنفذها الهيئة نتيجة ارتفاع الأسعار عن القيم المتعاقد عليها.
فرص ضعيفة للتصدير وتطلعات لإعادة إعمار ليبيا
%1 زيادة فى صادرات «الصناعات المعدنية» وتسجل 3.9 مليار دولار
تواجه المصانع المصرية عددا من المعوقات التى تحد من فرصها التصديرية، على الرغم من إعلان اللاعبيين المحليين نيتهم زيادة الطاقات الإنتاجية لتلبية كافة احتياجات السوق المحلى وتوجيه الفائض منه للتصدير.
وتتمثل أبرز تلك المعوقات إلى اعتماد صناعة الحديد فى مصر على استيراد أكثر من %80 من مستلزمات الإنتاج، مقارنة بدول الصين التى تستحوذ على %50 من الإنتاج العالمى، بالإضافة إلى دول أوكرانيا وروسيا وقطر والسعودية والإمارات التى تحصل على الغاز بسعر منخفض، كما تحصل المصانع التركية على دعم حكومى وتقع مصانعها على الموانئ مباشرة.
وتتطلع الشركات المحلية المنتجة للحديد إلى إعادة إعمار الدول العربية المنكوبة إلا أن الفرصة تتعاظم مع بدء إعمار ليبيا خاصة المنطقة الشرقية منها ﻷن مصر تمثل المنفذ الوحيد لتلك المنطقة.
أعلن البنك المركزى الليبى عن تخصيص 10 مليارات دولار لتلبية احتياجات الجزء الشرقى من ليبيا الذى تسيطر عليه قوات الجيش الليبى، وتمثل الاحتياجات أدوية ومواد غذائية وحديد وأسمنت، وتعد فرصة حقيقية للشركات المصرية لعدم وجود منفذ آخر لهذه المنطقة سوى السلوم.
وقال ناصر بيان رئيس الجمعية المصرية الليبية، إن الصادرات المصرية إلى ليبيا تعانى بطئا شديدا نتيجة للظروف الأمنية الصعبة، وأن الصادرات المصرية تصل حتى بداية مدينة طبرق فقط، التى تشهد أعمال عنف، وتتولى الشاحنات الليبية والتجار الليبيون نقل الشحنات إلى داخل المناطق الليبية من بعد تلك النقطة.
أضاف أن الأوضاع الأمنية أدت إلى انكماش الصادرات إلى ليبيا بشكل عام وليس صادرات الحديد فقط، وأن حدوث هدوء فى الحالة الأمنية سيؤدى إلى زيادة الطلب ولكن بنسبة منخفضة، خاصة أن الحكومة تتحرك طبيعيا إلا أن الأمن فى الشارع الليبى لم يتحسن ويصعب معه تحرك الشاحنات.
ووفقا لبيانات المجلس التصديرى لمواد البناء فإن صادرات الحديد الصلب والصب بلغت 863 مليون دولار بنهاية 2017 وما يعادله بالجنيه المصرى 15.37 مليار جنيه، وتشمل صادرات الحديد الصلب والصب منتجات الصلب المسطح والمجلفن والكمر والزوايا والقطاعات والأسلاك والمنتجات نصف جاهزة ونسبة منها حديد تسليح.
وحققت ارتفاعا بنسبة %97 مقابل 438 مليون دولار فى 2016، بينما بلغت إجمالى صادرات قطاع الصناعات المعدنية 3.9 مليار دولار محققة زيادة %1 عن العام الماضي.
وتراجعت الصادرات المصرية من منتجات الحديد الصلب والصب إلى ليبيا بشدة فى 2017، حيث بلغت قيمتها 305 آﻻف دولار مقابل 2.676 مليون دولار فى 2016، بينما فى 2015 سجلت قيمتها 1.628 مليون دولار.
نشاط متوقع للاستحواذات الفترة المقبلة
حنفى: القطاع يشهد تشغيلا للطاقات المتوقفة لكن لا وجود لرخص جديدة
استبعد محمد حنفى مدير غرفة الصناعات المعدنية، دخول استثمارات جديدة للقطاع لعدم نية الحكومة طرح رخص جديدة خلال الفترة المقبلة، بالإضافة إلى أن حجم الطلب حتى الآن مازال أقل من الطاقة اﻹنتاجية للمصانع بنحو 3 ملايين طن تقريبا.
وأضاف أن ما يشهده القطاع فى الوقت الحالى لا يعد سوى تشغيل للطاقات الحالية التى توقفت خلال الفترة الماضية، إما عن طريق استحواذ بعد الشركات على المصانع الصغيرة أو لجوء بعض المستوردين إلى التصنيع لدى الغير.
وقال إن عدد المصانع التى توقفت خلال الفترة الماضية نتيجة للظروف التى مر بها القطاع أثرت على الإنتاج، يبلغ 8 مصانع لا يتعدى إجمالى طاقتها مليون طن حديد تسليح.
وكان القطاع شهد خلال الفترة الماضية عددا من الاستحواذات، أبرزها شركة المدينة المنورة لتجارة الحديد على مصنعى «قوطة» فى العاشر من رمضان، وحديد المصريين على مصنع «مرغم بالإسكندرية» و«إسكندرية للصلب».
وقال محمد مجدى محلل قطاع الحديد فى برايم، إن تكاليف إنشاء مصنع دورة متكاملة حاليا تصل إلى 12 مليار جنيه بما يعادل حوالى 700 مليون دولار، وأن إنتاج مليون طن حديد تسليح فقط يتكلف 300 مليون دولار، وفى الفترة الحالية يصعب ضخ تلك الاستثمارات خاصة مع صعوبة توفير التمويل البنكى بالعملة الصعبة، ﻷن البنوك بطيئة فى التمويل الأجنبى على الرغم من حل أزمة الدولار نسبيا.
أضاف أنه على المدى القريب لن تدخل استثمارات جديدة ولكن ستشهد الفترة المقبلة عددا من الاستحواذات، مشيرا إلى أن جهاز الخدمة الوطنية دخل فى قطاع الحديد عن طريق الاستحواذ على مصنع السويس للصلب وليس من خلال استثمارات جديدة لارتفاع التكاليف.
وقال إن زيادة حركة الاستحواذات خلال الفترة المقبلة ترجع إلى رغبة الشركات الكبرى فى زيادة حصصها السوقية، إضافة إلى عدم قدرة المصانع الصغيرة على تحمل تكاليف التمويل البنكية لدعم رأسمالها.
وأضاف أن دخول لاعبين جدد فى القطاع عن طريق تشغيل المصانع لن يؤثر على حصة حديد عز وإنما يأكل من حصص الشركات الأخرى العاملة فى السوق، نظرا لتمتع «عز» بأكبر حصة سوقية فى الإنتاج والتوزيع وكذلك ثقة المستهلكين فى المنتج، على الرغم أن منتج الحديد لا يختلف من شركة ﻷخرى.
أشار إلى أن أزمة الطاقة تمثل عاملا مهما فى صناعة الحديد خاصة أنها تسببت فى تأجيل تشغيل عدد من الرخص خلال السنوات السابقة، بالإضافة إلى أن السوق المحلى لا يحتاج إلى طرح رخص جديدة نظرا لوجود طاقات إنتاجية فائضة.