حمائية ترامب تزيد العجز التجارى الأمريكى


بقلم: مايكل بيتيس

أستاذ التمويل فى كلية جوانجوا للإدارة بجامعة بيركينج فى بكين
أعلنت حكومة دونالد ترامب عن تعريفات جديدة على الألواح الشمسية والغسالات، وأشارت إلى المزيد من التعريفات على منتجات أخرى، ويتمثل الهدف من وراء هذه الإجراءات تقليل العجز التجارى الأمريكى خاصة العجز الكبير مع الصين، وبالتالى سيستفيد الاقتصاد الأمريكى.
وبدلا من التسليم بافتراضات واشنطن، ينبغى أن ننظر إلى تأثير الحمائية على التدفقات الرأسمالية.
ويتجاهل صناع السياسة التأثير غير المباشر على التدخلات فى التجارة على رأس المال، ولكن ماذا سيحدث للتدفقات الرأسمالية هو ما سيحدد بالأخير كيف ستؤثر هذه التدابير على الاقتصاد.
وإذا نظرنا إلى حالة الصين كمثال، فإذا تسببت التدابير الحمائية فى خفض الفائض التجارى الصينى مع أمريكا، فهناك 3 سيناريوهات هى أما أن تظل التدفقات الاستثمارية الصينية للولايات المتحدة مستقرة، أو أن تنخفض أو ترتفع.
فى الحالة الأولى، سوف يبقى العجز التجارى الأمريكى مع العالم كما هو حيث سيتحول جزء من عجزها مع الصين، ببساطة إلى دول أخرى، وبالتالى سيكون للتعريفات الجمركية نتائج عكسية، ولكن إذا أرسل المصدرون الصينينون نفس قدر رأس المال الحالى إلى الولايات المتحدة، فإن التأثيرات الناتجة على الاقتصاد، والدولار، وأسعار الفائدة، ومعايير الاقتراض ةغيرهم، سوف تبقى العجز مرتفعا كما هو دون تغير فى مستوى الديون أو البطالة الأمريكيين.
وفى الحالة الثانية، إذا قلصت التدابير الحمائية الصادرات الرأسمالية، فسوف يتراجع العجز الرأسمالى والفائض التجارى الصينى، وكذلك سينخفض الفائض الرأسمالى والعجز التجارى الأمريكى، وهذا سوف يتسبب فى تراجع فى إجمالى العجز التجارى الأمريكى والمدفوع إما بالديون الأقل أو معدل البطالة الأقل.
وفى الحالة الثالثة، قد تؤدى التدابير الحمائية إلى زيادة الصادرات الرأسمالية الصينية إلى الولايات المتحدة، وحينها سوف يتراجع الفائض التجارى الصينى مع الولايات المتحدة، ولكن سيرتفع عجز الولايات المتحدة مع دول أخرى بقدر أكبر، وهو ما سيرفع عجزها التجارى الإجمالى أكثر من المستوى الحالى، مدفوعا هذه المرة إما بديون أعلى أو بمعدل بطالة أعلى.
ويبدو أن حجة السياسة التجارية لترامب تفتقر النقطة الأساسية وهى أن أى تأثير للتدابير التجارية على الاقتصاد يعتمد على كيف تؤثر هذه التدابير على رأس المال، ويفترض صناع السياسة أن التدفقات الرأسمالية تستجيب ببساطة إلى التغيرات ف التجارة، وكان هذا صحيحا خلال معظم التاريخ الحديث، ولكنه لم يعد كذلك منذ أكثر من 5 عقود.
وتتأثر التدفقات الرأسمالية العالمية الضخمة حاليا بالقرارات المستقلة لملايين المستثمرين فى الولايات المتحدة وفى الخارج، ونظرا لأن الأرصدة الرأسمالية والتجارية يبنغى ان تتوازن بالأخير عند الصفر، فإن التأثير المباشر للتدخل يندرج تحت التأثيرات غير المباشرة على التدفقات الرأسمالية.
فما هى إذن تداعيات السياسة التجارية الحالية؟
وبالطبع، قد تؤثر التدابير الحمائية على التجارة الثنائية، ولكن إذا ارتفعت التدفقات الرأسمالية الداخلة لأمريكا، فسوف يصعد العجز التجارى الإجمالى، وهذا يعود إلى أن التدفقات الداخلة الأعلى سوف تتسبب فى تعديلات فى الاقتصاد تتمثل فى انخفاض الفائدة على كروت الائتمان، وارتفاع الدولار، وتراجع معايير الإقراض، وارتفاع البطالة، وصعود أسواق الأصول، وهذه التراكمية تتسبب فى تراجع المدخرات وتجبر العجز الإجمالى على الارتفاع، حتى مع هبوط العجز مع الصين.
ولماذا قد تتسبب التدابير الحمائية فى زيادة التدفقات الرأسمالية الداخلة للولايات المتحدة؟ لأنهم إذا تسببوا فى زيادة عدم اليقين المالى والاقتصادى فى الصين، فإن هذا سوف يتسبب فى هروب رؤوس الأموال من الصين بحدة، كما أن تحسن آفاق الاقتصاد الأمريكى قد يعزز التدفقات الرأسمالية إلى الولايات المتحدة.
ومن الأهمية أن ندرك أن الاختلالات التجارية العميقة التى أصابت الولايات المتحدة فى السنوات الأخيرة تعود بشكل أساسى إلى استغلال الدول الاخرى سهولة الوصول إلى حسابها الرأسمالي، وتعد الأسواق الرأسمالية فى الولايات المتحدة عميقة ومرنة ومفتوحة تماما، ما يجعل من السهل على الدول التى تهدف إلى إدارة فوائض تجارية إلى إيداع مدخراتها الزائدة هناك.
ونتيجة لذلك، تعد الولايات المتحدة مجبرة على امتصاص حوالى نصف المدخرات الفائضة للعالم، وبالرغم من أن الشركات الأمريكية تتمتع برؤوس أموال رخيصة وتجلس على نقدية هائلة غير مستخدمة، فإن الأموال لا تزال تصب فى الولايات المتحدة وتجبر فائضها الرأسمالى على الفيضان، وبالتالى ليس لديها خيار سوى العجز التجارى.
وبدلا من التدخل المباشر، الذى لن يفعل سوى تقويض التجارة العالمية وتفاقم تلك الاختلال، يتعين على واشنطن معالجة دورها فى امتصاص رأس المال العالمى، فهذه هى الطريقة الوحيدة لحل العجوزات التجارية لأمريكا.
إعداد: رحمة عبدالعزيز. المصدر: وكالة أنباء «بلومبرج».

لمتابعة الاخبار اولا بأول اضغط للاشتراك فى النسخة الورقية او الالكترونية من جريدة البورصة

مواضيع: الصين

منطقة إعلانية



نرشح لك


https://www.alborsanews.com/2018/02/05/1082681