مارتن وولف: هناك حاجة إلى مزيد من الإصلاحات التجارية والقانونية
قال الكاتب الصحفى والمحلل الاقتصادى مارتن وولف، إن الهند أصبح لها أهمية بالغة فى الوقت الراهن وسوف تكون أكثر أهمية فى المستقبل.
وأوضح الكاتب أن اقتصاد الدولة ينمو سريعا فى الوقت الذى أصبحت فيه على مشارف أن تكون البلد الأكثر اكتظاظا بالسكان فى العالم.
وتساءل الكاتب الصحفى فى صحيفة «فاينانشيال تايمز» هل أحدثت حكومة نارندرا مودي، التى كانت تعمل منذ مايو 2014 فرقا حاسما فى المسار الاقتصادى للهند.
وكانت الإجابة أن الدلائل تؤكد أنها لم تحدث فارقا بعد ولكن الإصلاحات التى أدخلتها قد تحدث فرقا ملحوظا فى السنوات المقبلة.
وكشفت البيانات حدوث تحول حاسم فى السياسات والأداء الاقتصادى للهند بعد أزمة العملة الأجنبية التى نشبت عام 1991.
ورفعت النسخة الهندية من «الإصلاح والانفتاح» الصينى متوسط نمو الناتج المحلى الإجمالى للفرد إلى ما يقرب من 5% سنويا بين عامى 1992 و2017 وبلغ متوسط نمو الناتج المحلى الإجمالى للفرد 7.2% فى الخمس سنوات المنتهية بعام 2007 قبل أن يتباطأ إلى 5.8% فى السنوات المنتهية بعام 2017.
وذكر الكاتب أنه رغم هذا التباطؤ المخيب للآمال فإن استمرار هذا المعدل يعنى أن الناتج المحلى الإجمالى لكل فرد سيتضاعف كل 12 عاما ومن شأن ذلك أن يكون تحولا ليس فقط بالنسبة للهند بل للعالم بأكلمه حيث توقعت الأمم المتحدة أن يصل عدد سكانها إلى 1.6 مليار نسمة أى نسبة 17% من المجموع العالمى بحلول عام 2040.
ويكمن السؤال الأهم عن معدل النمو فى الهند حال استمراره فى الانخفاض أو استقراره أو الارتفاع مرة أخرى.
ومن القضايا الحاسمة فى الوقت الحالى هو الانخفاض الملحوظ فى معدل الاستثمار فى هذا البلد من ذروة بلغت 40% من الناتج المحلى الإجمالى فى عام 2011 إلى 30% فى العام الماضى.
وأشارت الصحيفة إلى أنه حال بقاء معدل الاستثمار عند المستوى الأخير فمن غير المرجح أن يصل نمو الناتج المحلى الإجمالى إلى ما يزيد على 8% سنويا.
يأتى ذلك فى الوقت الذى كانت فيه معدلات الاستثمار المرتفعة فى أوائل العقد الأول من القرن الماضى غير مستدامة.
ويخلص التحليل فى دراسة الحالة الاقتصادية إلى ضرورة إحراز مزيد من التقدم فى تخفيف تكاليف ممارسة الأعمال التجارية من خلال خلق بيئة ضريبية مستقرة وبيئة تنظيمية واضحة وشفافة.
وأكدّ رئيس الوزراء على ضرورة تنفيذ الإصلاحات الهيكلية الحيوية فى خطاب ألقاه الشهر الماضى أثناء الاجتماع السنوى للمنتدى الاقتصادى العالمى فى دافوس.
وأوضحت الصحيفة أن جدول أعمال مودي، أثار إعجاب الكثيرين حيث أفادت الدراسة الاستقصائية للحالة الاقتصادية بأن تباطؤ الاقتصاد الهندى فى عام 2016 وأوائل عام 2017 قد انتهى بالفعل فى الوقت الراهن.
وأشارت إلى أنه يمكن أن يكون هناك رهان معقول بأن يستقر النمو فى ما بين 7 و8% سنويا شريطة أن تظل البيئة العالمية داعمة إلى حد كبير.
وعلى وجه العموم ينبغى للهند أن تستعيد لقب الاقتصاد الكبير الأسرع نموا فى العالم من الصين العام الجارى.
ولكن يبقى التساؤل عن التحديات طويلة الأجل حيث من المهم أيضا إزالة العقبات أمام زيادة الاستثمار وتشجيع زيادة المدخرات.
وتلاحظ الدراسة الاستقصائية أيضا أن الهند قفزت 30 مركزاً فى تقرير ممارسة أنشطة الأعمال التابع للبنك الدولى لعام 2018.
وأوضح وولف، أن هذا نتاج طبيعى للإصلاحات ومع ذلك لا تزال الهند متخلفة 22 مركزاً خلف الصين كما جاءت فى المرتبة 164 من حيث فعاليتها فى إنفاذ العقود الأمر الذى يعكس عدم كفاءة النظام القانونى ولكن يمكن للهند بل ينبغى لها أن تفعل أفضل من ذلك بكثير.
وفى المقابل فإن إمكانية تحسين السياسات والمؤسسات فى الهند ينبغى أن يخلق الثقة فى أن النمو السريع سوف يستمر.
ولكن كشفت الدراسة أن الهند لا تزال تفشل فى اللحاق بركب أغنى بلدان العالم وسلطت الضوء على بعض العقبات التى لم تكن موجودة فى الماضى والتى تشمل رد الفعل الحالى ضد العولمة وهو الأمر الذى قد يضعف نمو الصادرات.
وأشارت إلى تحديات أخرى والمتمثلة فى رفع مستوى الموارد البشرية والأثر السلبى لتغير المناخ على الإنتاجية الزراعية إلى جانب قضية التعليم حيث لا تزال الهند تفشل فى توفير التعليم الكافى لجزء كبير من أطفالها وهو فشل يؤثر على نوعية القوة العاملة خلال العديد من العقود المقبلة.
وأوصت الدراسة بضرورة زيادة الجهود العلمية الهندية وتعزيز الإنفاق على البحث والتطوير خاصة فى القطاع الخاص.