اقتصادنا يا تعبنا… الحلقة 69:
فى آخر بيان للبنك المركزى تخطى الاحتياطى من الدولارات الـ 38 مليار دولار.. الرقم ممتاز جداً وصحى جداً إذا كان ملكاً للدولة ولا يمثل ديوناً أو التزامات واجبة السداد… وبالتالى يكون عليها أن ترده لكل جهة أو مؤسسة دولية أو دول أقليمية ساهمت فى وجوده.. والأفضل أن يعبر هذه الرقم عن ملكية خاصة للدولة لا أن يكون بمثابة ديون والتزامات واجبة السداد وبفوائد تجعل من خدمة الدين عبئاً كبيراً يزيد من اوجاع عجز الموازنة.
لأن الاحتياطيات الدولية الرسمية أو الاحتياطيات الدولية هى وسيلة للوفاء بالمدفوعات والالتزامات الدولية الرسمية للدول، ويحتفظ به فى البنك المركزى بمختلف احتياطى العملات، ومعظمهما من الدولار الأمريكى، ومنها باليورو والجنيه الإسترلينى وغيرها من العملات الدولية، وهى مؤشر مهم على القدرة على تسديد الديون الخارجية وضعف أو قوة العملة، كما يستخدم لتحديد التصنيفات الائتمانية للدول..
وهنا نشير إلى الصناديق الحكومية الأخرى التى تحتسب ضمن الأصول السائلة التى يمكن استعمالها لوفاء الديون فى أوقات الأزمات وتشمل صناديق تثبيت الأسعار (Stabilization fund)، والمعروفة أيضاً باسم صناديق الثروة السيادية، وتعتبر النرويج ودول الخليج العربى على رأس القائمة، وصندوق الإمارات بقيمة 1.3 تريليون دولار وجهاز أبوظبى للاستثمار هى فى المرتبة الثانية بعد الصين، ولدى سنغافورة أيضاً صناديق حكومية قوية تشمل شركة تيماسيك هولدينجز (Temasek Holdings) وحكومة سنغافورة للاستثمار (GIC)، كما تخطط دول عديد من الدول النامية مثل الهند لإنشاء شركة استثمار أو صندوق سيادى خاص بها من احتياطياتها من النقد الأجنبى.
هل هناك ارتباط وثيق بين سعر الصرف والاحتياطى النقدى؟.. نعم… حيث يمكن لكمية احتياطى النقد الأجنبى أن تتغير عندما يطبق البنك المركزى سياسة نقدية ما، وقد ويواجه المصرف المركزى الذى يطبق سياسة سعر الصرف الثابت وضعا معينا حيث يدفع العرض والطلب قيمة العملة لتهبط أو ترتفع (زيادة أو نقصان الطلب على العملة من شأنه أن يرفع من قيمتها أو ينقصها)… ففى نظام سعر الصرف المرن، تحدث هذه العمليات تلقائيا، حيث يقوم البنك المركزى بإزالة أى زيادة فى الطلب أو العرض عن طريق شراء أو بيع العملة الأجنبية.
أما أنظمة سعر الصرف المختلطة «dirty floats» أو «target bands» أو اختلافات مماثلة قد تتطلب استخدام عمليات صرف للعملات الأجنبية معقمة (أى بتعويض صرف العملات) أو غير معقمة للحفاظ على سعر الصرف المستهدف ضمن الحدود المقررة (وقد اتهمت الولايات المتحدة الصين مراراً وتكراراً بالقيام بذلك).
وتؤدى عمليات صرف العملات الأجنبية غير المعقمة إلى توسع أو تقلص كمية العملة المحلية فى التداول، مما يؤثر مباشرة على السياسة النقدية والتضخم، وسعر الصرف المستهدف لا يمكن أن يكون مستقلا عن هدف التضخم، لأن البلدان التى لا تستهدف سعر صرف محدد يقال أن لديها سعر صرف عائم، وتسمح للسوق بتحديد أسعار الصرف، والبلدان ذات أسعار الصرف العائمة تفضل عموماً أدوات أخرى للسياسة النقدية وقد تحد من نوع وحجم تدخلات النقد الأجنبى؛ حتى تلك البنوك المركزية التى تحد بشكل صارم من تدخلات النقد الأجنبى، تواجه غالباً أسواق عملات متقلبة ويمكن أن تتدخل لمواجهة اضطراب تحركات قصيرة الأجل.
وللحفاظ على نفس سعر الصرف فى حالة الزيادة فى الطلب، فإن البنك المركزى يمكن أن يبيع المزيد من العملة المحلية ويشترى العملات الأجنبية، الأمر الذى سيزيد من مجموع الاحتياطى من العملات الأجنبية، وفى هذه الحالة تتقهقر قيمة العملة المحلية حيث سيزداد عرض العملية المحلية (بطبع المزيد من المال)، وهذا سيؤدى الى زيادة التضخم المحلى (تنخفض قيمة العملة المحلية نسبة إلى قيمة السلع والخدمات).
ولأن كمية احتياطى النقد الأجنبى المتاح للدفاع عن ضعف العملة (نتيجة ضعف الطلب على العملة) محدودة، فقد تنتهى بأزمة فى التحويل إلى النقد الأجنبى أو انخفاض قيمة العملة Devaluation.. وفى الواقع العملي، هناك العديد من العوامل مثل (الطلب المحلي، والإنتاج والإنتاجية، والواردات والصادرات، والأسعار النسبية للسلع والخدمات، الخ) الى جانب معدلات التضخم المرتفعة سوف تؤثر على النتيجة النهائية لدور البنوك المركزية فى تحقيق الاستقرار النقدى.
عندما نتحث عن استقرار اقتصادى ينبغى ان تعمل جميع السياسات (مالية- نقدية- استثمارية- صناعية – زراعية..الخ) فى نظام متناسق ومتسق لتحقيق التحسن الاقتصادية والتنمية الاقتصادية المستدامة فى ظل وضوح رؤية اقتصادية لما يجب ان يكون عليه الاقتصاد مستقبلاً.
وما نبغى إلا إصلاحا وتوعية.