بقلم: جوناس الميراجى
محلل سوقى كبير فى شركة «أجورا فاينانشال»
بعد حركة التصحيح القوية الشهر الجارى، بدأت تتحسن المؤشرات الرئيسية فى الأسواق، وارتفعت بحوالى 7% من أدنى مستويات وصلت لها الأسبوع الماضى، ويضيف مؤشر «ستاندرد أند بورز» لغنائمه، مرتفعاً لليوم الخامس على التوالى يوم الخميس الماضى.
ويترك هذا التحول فى اتجاه أسواق الأسهم الكثير من المستثمرين يحكون رؤوسهم حيرة مما يقود هذه العودة إلى المزاج الصعودى، ولكن أسباب تعافى الأسواق ليست كلها خفية، بل إنها تشير إلى المزيد من الارتفاع فى السوق بشكل عام فى 2018.
ولكى نفك شفرة ما سوف يحدث فى أسواق الأسهم فى الفترة المقبلة، يتعين أن ننظر إلى 3 أسباب لصعود السوق مجدداً.
السبب الأول: الأسواق فى حالة السوق الصاعدة.
ارتفع مؤشر «ستاندرد آند بورز» بنسبة 15% العام الماضى، وبحوالى 80% فى السنوات الخمس الأخيرة، وهذا ما يعرف بالسوق الصاعدة، وهو ليس بالضرورة علامة على فقاعة تلوح فى الأفق، بل إنها ظاهرة طبيعية للأسهم، فبين عام 1950 و2013، قضى «ستاندر آند بورز» حوالى نصف جلساته يتداول بما يبعد عن أعلى مستوى له على الإطلاق بنسبة 5%، والتداول على مسافة قريبة من أعلى المستويات على الإطلاق هو أمر يحدث عادة للأسهم على المدى البعيد، وكذلك تعد حركات التصحيح أمراً طبيعياً فى الأسواق الصاعدة.
وتعد حركات التصحيح ظاهرة صحية، فهى ما تبقى على استمرار الارتفاع فى الأسواق، وعندما يتواصل الصعود فى الأسعار يحين موعد موجة التصحيح، وقبيل شهر فبراير، كان مؤشر «ستاندرد آند بورز» قضى 511 يوماً بدون أن يتراجع بنسبة 2% فى يوم واحد، وهذا أمر غريب قليلاً.
وتلعب المعنويات السائدة فى السوق دوراً رئيسياً فى حجم التراجع، وبعد قضاء فترة طويلة دون أى تصحيح ذو معنى، وطّن المستثمرون أنفسهم على الاتجاه الصعودى المهيمن فى 2017، ونسوا ببساطة أن الأسهم تتراجع أيضاً، وبالتالى عندما بدأت التقلبات فى الارتفاع، بدأ الناس يشعرون بالفزع.
وبمعنى آخر، وفى سياق حركات التصحيح فى الأسواق الصاعدة، لم تكن موجة البيع التى شهدناها الشهر الجارى غير طبيعية.
والسبب الثانى: موجة التصحيح لم تكن غير طبيعية إحصائياً.
ليس من الغريب إحصائياً أن نرى الكثير من الأيام الحمراء فى مؤشر «ستاندرد آند بورز» الشهر الجارى، ورغم أن الأيام التى شهد فيها المؤشر موجة بيع تسببت فى تراجعه بنسبة 3% تشكل حوالى 1% من جميع جلسات تداوله، فقد ازدادت احتمالات تعرض المؤشر لخسائر بنسبة 3% أو أكثر خلال 20 جلسة نتيجة موجة بيع مشابهة فى الحجم بمقدار 60 مرة.
وهذا ما حدث بالفعل، ولايزال تراجع مؤشر «ستاندرد آند بورز» العام الجارى فى نطاق متوسطات حركات التصحيح بعد أزمة 2008، وبالنظر إلى ان السوق بشكل عام يضع بعض المسافة بين مستواه الحالى وأدنى مستوياته، فإن حركات التصحيح ستتكرر على الأرجح.
والسبب الأخير: الأسس الاقتصادى والآفاق الفنية تدعم المزيد من الارتفاع فى أسعار الأسهم.
من جانب الأسس، كان موسم نتائج الأعمال قوياً بشكل غير معقول الربع الجارى ونمت كلٌ من الإيرادات والربحية، وارتفع إجمالى الأرباح فى الربع الرابع للـ362 شركة التى أعلنت عن نتائج أعمالها من أصل الـ 500 شركة مدرجة فى «ستاندرد أند بورز» بنسبة 14.5% مقارنة بنفس الفترة العام الماضي، فى حين صعدت الإيرادات بنسبة 9%، وهزمت 78.2% من هذه الشركات تقديرات ربحية السهم، و75.4% تجاوزوا تقديرات الإيرادات.
وعولاة على ذلك، فإن خطة الضرائب الجديدة سيكون لها تأثير ثنائى حيث سوف تعزز ربحية السهم بقدر كبير، كما ستعطى حافز كبير للشركات لاستقدام أرباحهم من الخارج.
وعلى الجانب الفنى، يعد الاتجاه الأساسى فى السوق فى شكل جيد، فقد لامس مؤشر «ستاندرد آند بورز» الحد الأدنى للقناة الصاعدة فى تراجعات الجمعة قبل الماضية، ثم تعافى بحدة من هذا المستوى متمسكاً باتجاهه الصعودى على المدى الطويل حالياً.
وما حدث فى الأسواق كان موجة تصحيح طبيعية للغاية، وهذا لا يعنى أن الأسواق لن تتراجع مجدداً، وإنما يعنى أننا شهدنا آخر موجة بيع يمكن أن تحدث فى فبراير، موضحاً أننا لانزال فى مرحلة شراء الأسهم بأسعار منخفضة، وان جميع الأسباب تدعم ارتفاع أسعار الأسهم.
إعداد: رحمة عبدالعزيز
المصدر: موقع «ذا ستريت» الأمريكى المتخصص فى الأنباء الاقتصادية