الاقتراض غير المسئول من الولايات المتحدة والصين والهند يعرض النمو للخطر
تتباهى الحكومات الأمريكية والصينية والهندية بقوة اقتصاداتها، ولكنها فى نفس الوقت تقترض بشكل مكثف وهذه الحالة ليست متناقضة فحسب، بل ستثبت أيضاً ضرراً بفرص قيادتهم العالمية فى المستقبل.
وقال ديريك سيزورس، باحث فى معهد المشاريع الأمريكية، فى مقال نشرته صحيفة «فاينانشيال تايمز» البريطانية، إن الاقتصاد القوى يعنى أن الحكومة ينبغى أن تقدم القليل من الإنفاق دون الحاجة إلى الاقتراض على الإطلاق.
وفى البلدان الثلاثة – أمريكا والصين والهند- يبدو أن صناع السياسات غير ملمين بعواقب الفشل فى هذه الثغرة.
وذكر سيزورس، أن عدداً قليلاً من الناس يعتبرون الهند فاعلاً عالمياً، ولكنها فى غضون السنوات الـ 20 المقبلة ستكون صاحبة أكبر عدد من سكان العالم وصاحبة أكبر قوة عاملة وسيكون من الصعب أن نتخيل صحة الاقتصاد العالمى فى عام 2040 إذا لم يكن الاقتصاد الهندى كذلك.
ومن الواضح أن هناك طريقاً طويلاً ينبغى أن تقطعه الدولة الآسيوية قبل ذلك حيث أن الهند لا تسير فى الاتجاه الصحيح فحكومة رئيس الوزراء ناريندرا مودى، مهووسة بعبارة «الاقتصاد الأسرع نمواً» وتصر على أن الهند سوف تستعيد هذا اللقب فى 2018 أو 2019.
ولكن هناك مشكلة كبيرة تلوح فى الأفق وتتمثل فى الاقتراض الحكومى المركزى الذى سيرتفع العام الجارى كنسبة من الناتج المحلى الإجمالى مقارنة بالمعدل الحالى الذى يعد كبيراً بالفعل.
وأوضح سيزورس، أن البلدان التى تنمو بسرعة مع قوة عاملة شابة لا ينبغى أن تتقترض بهذ المستويات والأهم من ذلك أن البلد الفقير الذى يسعى إلى توليد جيل كامل من هذا النمو لا ينبغى أن يقترض بهذه المستويات، لأن ذلك سيعرقل النمو المستقبلى.
وأشار إلى أن الكثير من الناس يعتقدون أن الصين تعد قائداً بالفعل وهى دولة مؤهلة بالفعل من حيث الحجم والأداء.
واعترف العديد من المحللين أن نمو الناتج المحلى الإجمالى الصينى قد تباطأ على سبيل المثال بمقدار النصف فى السنوات العشر الماضية غير أنهم أشاروا إلى أن هذا أمر طبيعى مع توسع حجم الناتج المحلى الإجمالى.
وكشف بنك التسويات الدولية، أنه ليس من الطبيعى أن يكون سجل الصين سيئ بالنسبة للديون حيث أن جميع مقاييس الاقتراض والمتمثلة فى المستهلك والحكومة والشركات قد ارتفعت كنسبة من الناتج المحلى الإجمالى على مدى العقد الماضى.
وتخطت الصين مرحلة كونها دولة صاحبة مستوى ديون منخفض فى عام 2007 لتصبح صاحبة ديون أسوأ من الولايات المتحدة فى عام 2017 على الرغم من أن الولايات المتحدة قد اقترضت بمعدلات كبيرة.
وهيمنت الشركات على نصيب الأسد من الديون الصينية ولكن معظم ديون الشركات قد تكبدتها الشركات المملوكة للدولة، وتقترض هذه الشركات بالكامل تقريباً من المصارف المملوكة للدولة.
وأشار سيزورس، إلى أن الحكومة المركزية الصينية قد سمحت للديون بالتراكم لمستويات مهولة خلال عشر سنوات حتى أثناء محاولة إقناع العالم بأنها تقدم نموذجاً متفوقاً للتنمية.
وتطمئن الخيارات السيئة للصين أولئك الذين يفضلون قيادة أمريكا للعالم، ولكن خيارات أمريكا نفسها أصبحت مثيرة للقلق.
وتواجه الولايات المتحدة بالفعل التزامات إنفاق هائلة فى شكل برامج استحقاق حيث بلغ الإنفاق الحكومى الوطنى الموحد على الرعاية الصحية تريليون دولار فى عام 2015 ومن المتوقع أن يصل إنفاق الضمان الاجتماعى إلى مبلغ إضافى قدره تريليون دولار العام الجارى.
وبلغ إجمالى العجز فى الموازنة الحكومية للعام الماضى 650 مليار دولار ومن المتوقع أن يرتفع مع مرور الوقت.
كما خفض الكونجرس والحكومة الأمريكية معدلات الضريبة على الشركات بمبلغ 1.5 مليون دولار ولم تكن هناك زيادة فى ضرائب فى قطاعات أخرى لتعويض هذا المبلغ، وبذلك يمكن أن يصل العجز الفيدرالى إلى تريليون دولار العام الجارى وإذا لم يكن هذا العام سنصل الى هذا الرقم فى 2019.
وعلى الرغم من وجود مشاكل فى القوى العاملة وعدم المساواة، إلا أن البطالة تبلغ 4.1% وأضاف الاقتصاد الأمريكى 7 ملايين دولار من الثروة على مدى العام الماضى ولكن من المتوقع أن يرتفع الدين الوطنى.
وذكر سيزورس، أنه لا يوجد أى مبرر للاقتراض الحكومى فى الولايات المتحدة وإذا كانت الصين تخبر الحقيقة عن اقتصادها، فليس لها أى عذر لدينها التجارى وإذا كانت الهند تريد مستقبل مشرق، فإنه لا يمكن الرهان عليه الآن، وأوضح أن استمرار الحكومات فى الثلاث بمثابة السير فى الرمال المتحركة، وقد يسحبون الجميع معهم.