الغندور: منظومة التعليم الفنى فى مصر لا تراعى التخصصات التى يطلبها الاقتصاد

الدكتور عبدالوهاب الغندور أمين صندوق تطوير التعليم فى ندوة «البورصة»:
هيكلة التعليم تتطلب تكهين بعض الكيانات وإنشاء أخرى دون الاستغناء عن العمالة
3 محاور للمناهج والمعلم والبنية التحتية دون تحميل الدولة مزيداً من القروض
«التعويم» رفع تكلفة تطوير المدارس من 25 مليوناً إلى 40 مليون جنيه للمدرسة
526 مليون جنيه استثمارات الصندوق 2018 – 2019 معظمها عبر مبادلة الديون
تمديد الاتفاق مع إيطاليا لتنفيذ مجمع تكنولوجى فى «أبوغالب» بـ115 مليون جنيه
ألمانيا وفرت 20 مليون يورو تمويلاً لمجمع بأسيوط.. ونسعى لتعميم هذه النماذج
«المالية» طلبت عدم تحمل مصروفات تشغيل 27 مدرسة فنية بعد تطويرها

قال الدكتور عبدالوهاب الغندور الأمين العام لصندوق تطوير التعليم التابع لمجلس الوزراء إن المنظومة التعليمية الفنية فى مصر لا تراعى التخصصات التى يطلبها الاقتصاد المصرى.
أضاف الغندور، خلال ندوة نظمتها جريدة «البورصة»: «يوجد 1500 مدرسة تعليم فنى تابعة لوزارة التربية والتعليم 50% منها مدارس فنية صناعية و30% فنى تجارى و10% زراعى وأقل من 5% تعليم سياحى والنسبة المتبقية لتخصصات أخرى».
أوضح أن التوزيع لا يخاطب سوق العمل المصرى ويتنافى مع التوجهات المستقبلية للدولة واحتياجاتها، ويتم الإنفاق وفقاً لنظام لا يراعى حاجة سوق العمل لأن الاقتصاد المصرى ليس بحاجة لكل هذه المدارس الصناعية.
وشدد الأمين العام للصندوق، على أن التعليم المصرى بحاجة لدراسة سوق العمل وحاجته من التخصصات، وإلا سننتهى إلى نوع جديد من البطالة وهو توافر خريج مؤهل لا يتوافر عمل مناسب له.
وقال إن دراسة احتياجات سوق العمل تتطلب تنسيقاً بين مختلف الجهات لتجنب إقامة ازدواج النفقات.
وأشار إلى أن الصندوق بصدد وضع تصور لهذه الدراسة، من خلال تحالف يضم وزارات التربية والتعليم والتخطيط والصناعة والمالية والاتصالات والاستثمار والتعاون الدولى والتعليم العالى.
أضاف أن هذا التنسيق قادر على هيكلة منظومة التعليم فى مصر عبر تكهين بعض الكيانات وإنشاء كيانات جديدة ولا يعنى ذلك الاستغناء عن العمالة الموجودة بهذه الكيانات.
وطالب الغندور، بضرورة فصل مقدم الخدمة التعليمية عن الذى يقيمها ولا ينبغى أن تقيم وزارة التربية والتعليم الخدمات التى تقدمها حتى لا يتم إثقالها بالأعباء.
أوضح أنه من الأفضل وجود كيان منفصل للتعليم وآخر لتقييم الخدمة والمعيار هو كفاءة الخريج وهذا النظام موجود فى كل دول العالم.
ووقع صندوق تطوير التعليم بروتوكول تعاون مع وزارة التربية والتعليم لتطوير 27 مدرسة بإقامة تجمعات تكنولوجية متكاملة فى كل مدرسة بالمحافظات المختلفة وتم الانتهاء من الشق التصميمى للبروتوكول ويبدأ التنفيذ فى 3 مدارس وقال الغندور «الكلام النظرى جيد لكن التطبيق صعب».
أضاف أن قرار التعويم للجنيه فى نوفمبر 2016 رفع تكلفة تطوير المدارس من 25 مليون جنيه للمدرسة الواحدة إلى 40 مليوناً والصندوق سيمول تكلفة التطوير.
أوضح أن تطوير المدارس قد يستغرق نحو 10 سنوات، على أن يتم التمويل من برنامج مبادلة الديون مع الدول الأجنبية أو عبر موارد الصندوق.
وقال «توجد عقبة أخرى تواجه المدارس المطورة وهى مصروفات التشغيل بعد التطوير إذ أن المدرسة الواحدة قبل التطوير تتكلف نحو 2.5 مليون جنيه سترتفع إلى 4.5 مليون جنيه فى العام الواحد، ونائب وزير المالية لشئون الخزانة العامة الدكتور محمد معيط أخبرنى بأن موازنة الدولة لا تستطيع تحمل ذلك».
وبدأ صندوق تطوير التعليم نشاطه بمنحة من الولايات المتحدة الأمريكية بقيمة 500 مليون جنيه تم إنفاق 400 مليون منها وفقاً للغندور.
ويستهدف الصندوق استثمارات بقيمة 526 مليون جنيه خلال العام المالى المقبل يتم تمويلها عبر برنامج مبادلة الديون مع الدول الأجنبية مثل ألمانيا وإيطاليا، ويخصص 431 مليون منها للمجمعات التكنولوجية بواقع 70% عبر تبادل الديون و30% من الحكومة المصرية.
أضاف الغندور أن صندوق تطوير التعليم بصدد وضع نماذج تعليمية جديدة فى قطاعات التمريض والترسانة البحرية والغزل والنسيج والتشييد والبناء سواء بالتعاون مع مؤسسة «الأغاخان» أو دولة كوريا الجنوبية.
أوضح أن الصندوق سيعمل خلال العام الجارى على تعميم نماذج المجمعات التكنولوجية على مستوى المحافظات.
وتأسس صندوق تطوير التعليم فى 2004 لتصميم نماذج لقطاعات التعليم المختلفة، ويتم من خلاله توفير حلول مباشرة للتعليم بطريقة عملية عبر المشاركة مع الدول الأجنبية لرفع كفاءة العملية التعليمية وتوفير خريج مؤهل لسوق العمل.
وقال أمين عام صندوق تطوير التعليم إن النماذج التى يصممها الصندوق تتم بالتعاون مع دول متطورة بقطاع التعليم لإنشاء نموذج مصرى يعمل على معالجة العيوب الموجودة.
أضاف أن الصندوق لا ينقل نموذجاً معيناً لمصر ولكن ما ينقله هو «know how» للوصول إلى نماذج تعليم يمكن تعميمها فى المستقبل.
ويراعى فى إنشاء هذه النماذج التعليمية العمل على محاور البنية التحتية الخاصة بالمدرسة وكذلك المدرس والمناهج دون أن يكون العمل على محور بعينه حتى لا يتم إهدار المال العام.
أوضح أن النموذج يراعى فيه خلق كوادر مصرية قادرة على إقامة نماذج أخرى فى قطاعات تعليمية متنوعة عقب تخارج الشريك الأجنبى.
أشار إلى أن الهدف خلق نواة للمستقبل عقب تخارج الشريك والذى يتحول إلى رقيب سواء على الفصل الدراسى أو العام بالكامل.
ووفقاً للغندور، فإن خريجى النماذج التعليمية التى ينشأها الصندوق يحصلون على اعتماد من الدولة المشاركة فى النموذج لضمان حصول الخريج على فرصة عمل مناسبة فى السوق المصرى أو بالخارج.
ويتضمن النموذج 70% من البرامج التعليمية للمهارات والبرامج العملية و30% شقاً نظرياً يخدم الجوانب التطبيقية.
ويستهدف الصندوق من اتفاقيات الشراكة مع الدول الأجنبية، اكتساب المهارات لدى الطلاب خلافاً لأسلوب التلقين المعمول به فى المدارس المصرية.
وقال الغندور «نسعى أن يكون الخريج قادراً على التعامل مع سوق العمل عبر حصوله على قسط وافر من المعلومات وليس حصوله على التلقين السائد فى منظومة تعليمية شكلية».
ويتم الاستعانة بمعلمين من وزارة التربية والتعليم وتدريبهم من أجل العمل فى هذه النماذج، وتمثل الحلقة الأولى فى النموذج توفير معلم كفء قادر على تحويل النموذج لتجربة يمكن تعميمها، وتطوير المناهج بما يتلاءم مع سوق العمل وحاجته وتطوير البنية التحتية من ورش ومعامل ومبانى.
ويرى الغندور، أن العنصر البشرى فى هذه العملية مهم للغاية، فأحد شركات القطاع الخاص شاركت فى تطوير البنية التحتية لأحد المدارس بتحديث ورشها ومعاملها ورغم ذلك بقيت دون استخدام لعدم توافر العناصر القادرة على التشغيل.
ونجح صندوق تطوير التعليم فى إقامة نموذج مدارس النيل المصرية فى 2009 وكذلك المجمعات التكنولوجية المتكاملة عبر الشراكة مع الدول الأجنبية لتوفير الدعم المالى أو الفنى.
وفى حالة مدارس النيل تم التأسيس الشراكة مع جامعة «كامبريدج» لتطوير المناهج التعليمية وفى المجمعات التكنولوجية فتم التعامل مع الحكومة الألمانية والإيطالية لتوفير الدعم المالى والفنى.
أضاف أن مجمع الأميرية التكنولوجى المتكامل تأسس بالشراكة مع هيئة «بيرسون» البريطانية، وتم الاتفاق مع حكومتى ألمانيا وإيطاليا على الشراكة فى إقامة مجمعين تكنولوجيين آخرين.
أوضح أن إيطاليا شاركت بالدعمين المالى والفنى لإقامة مجمع بمحافظة الفيوم وتم الاتفاق مع ألمانيا لإقامة مجمع آخر فى أسيوط.
وقال إن الصندوق يسدد مبالغ مالية مقابل الدعم الفنى إلا أنه خلال السنوات الماضية أصبحت الشراكة مالية وفنية عبر برنامج مبادلة الديون مع تلك الدول بما لا يحمل الصندوق أى التزامات مالية أو قروض لتمويل النفقات.
أضاف أن تكلفة مجمع الفيوم التكنولوجى بلغت 145 مليون جنيه بالشراكة مع إيطاليا والتى تتحمل نحو 65% من النفقات وتتحمل مصر القيمة المتبقية لتطوير البنية التحتية حيث يخصص التمويل الأجنبى للمناهج وتدريب المعلمين وتجهيز الورش والمعامل.
وذكر أنه تم توقيع الاتفاقية مع إيطاليا لتكون مدتها من 2012 حتى نهاية 2017 والحكومة المصرية لا تتحمل أعباء مالية مقابل هذه الشراكة.
ونجح صندوق تطوير التعليم فى تمديد الاتفاق لعمل المجمع التكنولوجى المتكامل بمنطقة «أبو غالب» بطريق القاهرة – اﻹسكندرية الصحراوى بتكلفة 115 مليون جنيه.
ويرى الغندور، أن إقبال الدول الأجنبية على الشراكة مع الصندوق مكسب كبير لها ولاستثماراتها فى مصر عبر توفير خريج مؤهل يعمل فى الاستثمارات الإيطالية أو الألمانية على سبيل المثال بدلاً من توفير عمالة أجنبية يتم سداد أجورها بالعملات الصعبة بما يحمل المستثمر المزيد من النفقات.
وقال إن نجاح التجربة خلال السنوات القليلة الماضية عبر توفر خريج مؤهل جعل الدول تقبل على الشراكة مع الصندوق، وهو ما أدى للاتفاق على إقامة مجمع جديد فى أسيوط بالشراكة مع ألمانيا التى توفر الدعمين المالى والفنى للمشروع.
وتبلغ قيمة اتفاقية الشراكة لمجمع أسيوط التكنولوجى 20 مليون يورو، ويتم الحصول على التمويل وفقاً للمراحل المنفذة.
ويقوم الأساس التعليمى فى المجمعات التكنولوجية على علوم الميكانيكا والكهرباء وتخصصات فرعية أخرى منها الطاقة الجديدة أو البناء والتشييد وغيرها من العلوم.
ويضم مجلس إدارة صندوق تطوير التعليم 7 وزراء معنيين بالتعليم والذى يراه الغندور غير كاف إذ يطالب بالتعامل مع كافة الوزارات المختلفة لأن قضية تطوير التعليم ليست مسئولية وزارة بعينها بل هى مسئولية كافة الجهات التنفيذية المختلفة وكذلك القطاع الخاص.
وقال أمين عام الصندوق «هذا الكيان هو مفرخة للنماذج، ولابد من اشتراك مجلس النواب خاصة فى الجوانب التشريعية وكذلك الكيانات الصناعية الخاصة وعبر هذه التحالفات يمكن التنسيق لتنفيذ الروئ الخاصة بتطوير التعليم المصرى».
ويرى أن معيار النجاح فى تلك النماذج هو توافر طالب قادر على التعامل مع سوق العمل، وهو ما بدا واضحاً فى ملتقى التوظيف الأخير فى الفيوم والذى حضره السفير الإيطالى وبلغت نسبة الشركات 80% من الحضور منها شركات إيطالية.
وقال إن عدد الطلاب فى المجمع التكنولوجى الواحد لا يتعدى 140 طالباً، لكن الطاقة الاستيعابية فى المجمع لا تزيد فى الوقت الحالى على 1000 طالب.
أشار إلى أنه وفقاً لهذا النموذج فإن الصندوق جعل من التعليم الفنى مساراً مساوياً للتعليم العالى الجامعى وليس مسار رسوب بأن يتم إلحاق الطلاب متدنى الكفاءة فيه إذ يشترط لقبول الطالب فيه أن يحصل على 220 درجة فى الشهادة الإعدادية على الأقل وأن يكون ملماً بالقراءة والكتابة واللغة الإنجليزية.
أضاف «فى بعض الأحيان نوفر كورسات تتضمن علوم الفيزياء والرياضيات لرفع مستوى الطلاب قبل الالتحاق بالمجمعات ثم عقد امتحانات لتحديد المستوى لتوفير خريج قادر على الاستيعاب».
أوضح أنه فى الاتفاقيات الأخيرة طلب الشريك تعليم اللغات الأجنبية كالإيطالية من أجل أن يكون الطالب قادراً على التواصل مع السوق الإيطالى أو المصانع الإيطالية القائمة فى مصر.
أشار إلى أن مدة الدراسة فى المجمع التكنولوجى 3 سنوات ثم عامين ثم عامين آخرين لمن يرغب فى الحصول على درجة البكالوريوس معتمدة من المجلس الأعلى للجامعات.
وقال إن الخريج يحمل شهادة عليا بتخصص تنفيذى وبالتالى نحل مشكلة عدم توافر التنفيذيين فى المشروعات الصناعية.
ويعترف الأمين العام للصندوق بوجود مشاكل تقابل خريجى المجمعات التكنولوجية التى انشأت فى 2009، حيث لا توجد جامعة لها.
وتوقع صدور قرار جمهورى بإنشاء جامعة تكنولوجية خلال الشهور القليلة المقبلة، من أجل مخاطبة تلك المجمعات بقانون الجامعات وليس بقانون الخدمة المدنية، حتى يمكن منح درجات الماجستير والدكتوراة «لا يمكن منح هذه الدرجات إلا من خلال الجامعة وبالتالى نحن فى حاجة لتعديل تشريعى».
ويرى الغندور، أن المجمعات التكنولوجية تقابلها مصاعب تتعلق بعدم وجود جامعة تكنولوجية وعدم معرفة سوق العمل بخريجى هذه الكيانات الجديدة وتابع «أول دفعة خرجت من مجمع الأميرية ذهب طالب للعمل فى أحد المشروعات وأخبر صاحب العمل أنه حاصل على بكالوريوس تكنولوجى إلا أنهم طالبوه بالعمل كفنى».
وقال إنه طلب من المهندس إبراهيم محلب رئيس الوزراء السابق ومستشار رئيس الجمهورية للمشروعات القومية دعم التجربة، ومساندة الدولة لتعريف سوق العمل بالخريجين حتى لا يصبحوا كائنات مجهولة الهوية.
أضاف أنه خلال الملتقى التوظيفى الأول والذى عقد بالفيوم وظفت شركة واحدة 30 خريجاً من المجمعات التكنولوجية.
ويرى الغندور أن النماذج التعليمية سواء التى نفذها الصندوق أو من الخارج خلال السنوات الماضية اصحبت أهدافاً ولم تعمم مثل المدارس التجريبية أو مدارس المتفوقين وغيرها.
أوضح أن التعميم هو الهدف الأساسى لهذه النماذج، عبر الاستدامة الفنية وتوفير الكوادر القادرة على إدارة التجربة عقب انسحاب الشريك الأجنبى والاستدامة التشريعية وهذه تتطلب تعديلات فى البنية التشريعية.
وقال الغندور «إدارة صندوق التطوير تعمل مع لجنة التعليم بمجلس النواب فى هذا الجانب التشريعى».
أضاف «الاستدامة المالية يقابلها عقبة التمويل إذ أن التعليم الجيد مكلف وليس رخيصاً، وعند تصميم أحد النماذج التعليمية لم نكن ننظر إلى المصروفات الاستثمارية فهذه تمولها الدولة ولكن واجهنا عقبة تكاليف التشغيل بعد التطوير وهى ترتفع بنسبة تتراوح بين 50 إلى 100%».
أوضح أنه فى دولة مثل ألمانيا، مصروفات التشغيل الإضافية يتحمل القطاع الخاص نحو 85% منها والباقى تتحمله الحكومة.
ويرى أنه يمكن اشتراك القطاع الصناعى بالمشروعات التعليمية الجديدة بجانب مؤسسات المجتمع المدنى على أن تتحمل المدارس نسبة صغيرة من النفقات عبر مشروع المدارس المنتجة.
وقال الغندور «تبلغ تكلفة الطالب فى المجمع التكنولوجى نحو 7 آلاف جنيه فى العام لا يتحمل منها سوى 400 جنيه، ومؤخراً حصلنا على منحة من أحد رجال الأعمال لـ30 طالباً، ثم ارتفعت إلى 90 منحة».
أضاف «نريد مشاركة حقيقية بين القطاع الخاص والنماذج التعليمية من خلال التدريب فى مصانعهم لتوفير العمالة المؤهلة على العمل وفقاً للتكنولوجيا الحديثة بدلاً من استقدام عمالة من الهند أو بنجلاديش».