أقر الرئيس اﻷمريكى دونالد ترامب بفرض رسوم بنسبة 24% على واردات الصلب، و10% على اﻷلومنيوم، وذلك فى مساعٍ منه للحفاظ على اﻷمن القومى لبلاده، والضغط على الصين لإصلاح ممارساتها التجارية، ولكن هذه الطريقة مروعة لتنفيذ طموحات الولايات المتحدة، فالنتيجة المحتملة لهذه الخطوة ستكون ارتفاع اﻷسعار، وإعاقة النمو، وتهديد الوظائف، ووضع مزيد من العبء على دافعى الضرائب، والتشجيع على الثأر، وزعزعة استقرار نظام التجارة العالمية.
ووصفت مجلة «بيزنس نيوز ويك»، التابعة لوكالة أنباء بلومبرج الفكرة بأنها أسوأ فكرة تجارية للرئيس الأمريكى، كما أنها تسببت فى إجماع نادر بين العديد من الخصوم فى العاصمة اﻷمريكية (واشنطن)؛ حيث عارض معظم وزراء الحكومة اﻷمريكية اﻷمر، وهذا ما فعله، أيضاً، معظم خبراء الاقتصاد، بينما وصفتها المجموعات الزراعية بأنها خطأ ناتج عن قصر نظر، بينما وصفتها الشركات الصناعية بالكارثة.
وحذر التقرير الاقتصادى الرسمى لـ«ترامب»، الذى تتم قراءته بعناية فائقة دون أدنى شك، من إمكانية عرقلة هذه الحواجز لحرية توزيع رأس المال.
ومن المؤكد، أن صناع الصلب، على أقل تقدير، سيشعرون بالامتنان تجاه هذه الحماية الإضافية، ولكن اﻷمر لا يسير بهذه السرعة، فهناك العديد من المنتجين الذين يشعرون بالقلق إزاء التضخم، ونقص المدخلات، واضطرابات الموردين، بيد أن آفاق الصناعة تتحسن وتسير مشروعات البنية التحتية الكبيرة فى طريقها.
ولا تفكر وزارة الدفاع اﻷمريكى (البنتاجون) كثيراً فى دوافع اﻷمن القومى؛ حيث يصل إجمالى الطلب العسكرى على الصلب والألومنيوم إلى نحو 3% فقط من الإنتاج المحلى، ما يعنى أن الاعتماد على الواردات لا يعد خطراً ملحوظاً، ولكن فرض تعريفات واسعة قد يكون له تأثير سلبى على الحلفاء الرئيسيين للولايات المتحدة.
وفى الوقت نفسه، لن تتأثر الصين كثيراً بهذه التدابير، خاصة أنها تخضع بالفعل إلى رسوم مكافحة الإغراق، ورسوم تعويضية على منتجات الصلب الأساسية، ومن ثم توفى أقل من 3% من إجمالى الواردات الأمريكية، وبالتالى سوف يتمثل التأثير الحقيقى لفرض التعريفات الجديدة فى اتخاذ إجراءات انتقامية ضد المصدرين الأمريكيين.
وتعد هذه الخطوات التى تتخذها الحكومة اﻷمريكية مألوفةً وغير مثيرة للجدل، فعلى مدى عقود من الزمن، حاولت الحكومة حماية صناعة الصلب، ولكن جهودها المبذولة استمرت فى إضرار المستهلكين وتقويض المصنعين، وإعاقة النمو وعرقلة الابتكار، دون إبداء فوائد واضحة، وتعد المبادرة التى أطلق عليها اسم (الضمانات)، والتى فرضتها إدارة الرئيس اﻷمريكى السابق جورج بوش عام 2002، أكثر اﻷمثلة إيضاحاً على ذلك، فهى رفعت التكاليف ولكنها دمرت، أيضاً، نحو 200.000 وظيفة.
وقد أثار نزاع تجارى مختلف اهتمام «ترامب»، وهو يتعلق بالملكية الفكرية، ونهج الصين فى نقل تكنولوجيا الشركات، حيث أفادت الإدارة بأنها تعمل مع الحلفاء للضغط المشترك على الصين فى منظمة التجارة العالمية، وهو ما يعد نهجاً صحيحاً ومنظماً وهادفاً للحد من الصراع، كما أنه قد يعمل بشكل جيد بمرور الوقت، ولكن لا يمكن قول الشىء نفسه عن التعريفات الجديدة التى فرضها الرئيس اﻷمريكى، فهذه التعريفات ستضر الاقتصاد ولن تساعده.
كتبت – منى عوض