سوق الاقتراض الخارجى يعرضها لمخاطر الاضطراب الدولى
200 مليار دولار حجم الديون الأفريقية
نشطت الحكومات فى جميع أنحاء أفريقيا السمراء أسواق الديون الدولية بشدة وبسرعة فى محاولة للتغلب على ارتفاع تكاليف الاقتراض، مما دفع مستويات الدين فى المنطقة إلى مستويات قياسية جديدة.
وقد اقترضت نيجيريا 5.5 مليار دولار على مدى الأشهر الثلاثة الماضية، وترغب كينيا فى اقتراض ما لا يقل عن 1.5 مليار دولار، وتتصاعد إصدارات أنجولا وساحل العاج وغانا والسنغال جميعها.
وتضيف بيانات بنك التسويات الدولية أن موجة الإصدار تضيف إلى رصيد الديون المسجلة بالفعل لأفريقيا جنوب الصحراء الكبرى التى تضاعفت إلى أكثر من 200 مليار دولار من أقل من 30 مليار فى عام 2007.
وقال كيفين دالى مدير الأصول فى صندوق ستاندرد لايف أبردين إنه إذا كان هناك الكثير من الإصدارات فى فترة قصيرة من الوقت فهذا له مدلول مالى مهم.
ولفت إلى أن الحكومات الافريقية ربما تدرك أن تكاليف الاقتراض الخاصة بها من المرجح أن تقفز على مدار العام الجارى مع استمرار ارتفاع عائدات الخزانة الأمريكية ورفع أسعار الفائدة من قبل بنك الاحتياطى الفيدرالى الأمريكى مجدداً.
وأوضح تقرير لوكالة أنباء رويترز، أن الحكومات تسعى لطمأنة المستثمرين المشغولين بتقييم اتجاه أسعار الفائدة الأمريكية مستقبلاً، والتركيز الآن على تاثير ذلك على هشاشة الاستثمار فى المنطقة، خاصة مع كومة كبيرة من مواعيد الاستحقاق للديون التى تلوح فى الأفق أيضاً.
وتشير بيانات صادرة عن وكالة التقييم الائتمانى موديز إلى أن غانا لديها 4.5 مليار دولار من السندات المستحقة بين 2020-2026، ويصل هذا الرقم إلى مليارى دولار فى الجابون فى الفترة بين 2022-2025 وزامبيا لديها 3 مليارات دولار بين 2022-2027.
وفى الوقت نفسه، من المقرر أن تسدد أول دفعة من سندات اليوروبوند فى كينيا بقيمة 750 مليون دولار، والتى تمثل نحو 1% من ناتجها الاقتصادى السنوى أو الناتج المحلى الإجمالى، فى يونيو من العام المقبل، يليها مليارى دولار فى عام 2024.
وقالت موديز فى تقرير لها، إنه بالنسبة للجهات الحكومية التى ليس لديها سجلات تاريخية طويلة لسداد السندات الدولية، فان هذا سيمثل اختباراً مهماً لها، مضيفة أن الزيادة فى إصدار الديون الدولية تعنى أن المقترضين من أفريقيا فى جنوب الصحراء أصبحوا أكثر عرضة لتحولات المخاطر العالمية وظروف التمويل الخارجى، مؤكدين على مخاطر ارتفاع تكاليف الاقتراض.
وتمضى نيجيريا أكبر اقتصاد فى أفريقيا قدماً بغض النظر عن القلق فى السوق الدولية، وقد وضعت الميزانية المؤقتة للبلاد لعام 2018 خططاً لجمع نحو 2.8 مليار دولار هذا العام.
ويريد وزير المالية كمى اديوسون أيضاً رفع نسبة الديون بالدولار إلى 40% من الناتج المحلى من مستواها الحالى البالغ 27% ليحل محل سندات نايرا فئة 10 سنوات المكلفة بمعدلات فائدة تصل إلى 14%.
وقالت نيجيريا فى وقت سابق، إنها تركز على خفض تكلفة محفظة ديونها وضمان أن يكون لديها المزيج الأمثل بين الدين المحلى والدولى، مضيفة أن عائدات إصدار الدولار ستستخدم فى إعادة تمويل الدين المحلى مرتفع الثمن وقصير الأجل من خلال ديون دولية أقل تكلفة لكنها ذات فترة أطول.
ولاتزال مستويات الدين فى المنطقة منخفضة بالمقارنة مع أجزاء أخرى كثيرة من العالم، وقد تجاوز متوسط الدين العام فى أفريقيا جنوب الصحراء 50% من الناتج المحلى الإجمالى فى عام 2017، وفقاً لمعهد التمويل الدولى.
بيد أنه حدث انفجار منذ عام 2005 عندما قامت الدول الغنية للمرة الثانية منذ عقد من الزمن بقطع مليارات الدولارات من مساعدات القارة لإجبارها على التخلص من فخ الديون.
وجاء جزء من الارتفاع الكبير الأخير فى مستويات الديون بسبب تراجع أسعار السلع الأساسية، خاصة لدول مثل نيجيريا وزامبيا وأنجولا، مما أجبرها على الاستدانة لسد عجز الموازنة الذى ارتفع بنسبة 75% بعد أن هبطت أسعار البترول وبعض أسعار المعادن الرئيسية بين عامى 2014 و2015.
ومع تأثر معدلات النمو بأزمة صادرات السلع الاساسية أدى ذلك إلى انخفاض كبير فى التصنيفات الائتمانية السيادية فى المنطقة، فقد انخفضت تصنيفات ستاندرد آند بورز جلوبال فى الدول الأفريقية جنوب الصحراء الكبرى منذ عام 2008 من BB- إلى B.
ومازالت بعض البؤر القارية متوترة ففى عام 2017، تعثرت 3 بلدان على الأقل وهى موزمبيق والكونغو برازافيل وتشاد فى التفاوض بشأن الديون أو حاولت إعادة التفاوض بشأنها وأعلنت أنجولا أنها تريد تمديد آجال استحقاقها فى عام 2018.