انخرط قادة 44 دولة أفريقية فى محادثات إطلاق كتلة تجارية إقليمية طموحة تهدف إلى إزالة الحواجز أمام التجارة داخل القارة السمراء وتوفير فرصة لتحقيق النمو الاقتصادى.
وفى الوقت الذى يعد فيه إنشاء منطقة تجارة حرة للقارة الأفريقية أخباراً سارة لأفقر قارات العالم إلا أن مدى الفائدة التى ستثبتها الاتفاقية سيحتاج إلى مناقشات مفتوحة.
وذكرت صحيفة «فاينانشيال تايمز»، أن الاتحاد الأفريقى، أفاد بأن الاتفاقية ستؤدى زيادة التجارة البينية الأفريقية بنسبة 53% من خلال إلغاء رسوم الاستيراد.
وعلى الرغم من هذه البيانات المثيرة للإعجاب يقدر مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية أو ما يعرف بـ«الأونكتاد»، أن إجمالى الربح السنوى سيكون 4.6 مليار دولار فقط أو 0.2% من الناتج المحلى الإجمالى القارى حتى لو تم إلغاء جميع التعريفات على الرغم من أن هذا سيزيد إلى 16.1 مليار دولار أى بنسبة 0.7% من الناتج المحلى الإجمالى إذا تم السماح بالاستثمار عبر الحدود دون وضع قيود.
وعلاوة على ذلك فإن هذه السيناريوهات غير مضمونة فقد التزم الموقعون بخفض التعريفات على 90% من السلع مما يوحى بأن بعض أكثر الضرائب العدائية قد تظل قائمة.
ولكن بالنظر إلى أن إلغاء التعريفات بشكل كامل من شأنه أن يقلل من إيرادات الحكومة الأفريقية بنسبة 9.1% فإن هذه الخطة قد تثبت أنها طموحة.
وقال كولين إليس، المدير الإدارى لاستراتيجية الائتمان فى وكالة «موديز» للتصنيف الائتمانى «هناك إمكانات كبيرة لمزيد من التكامل التجارى فى أفريقيا ويمكن أن يؤدى ذلك إلى تحسين البيانات الائتمانية للمنطقة بالنظر إلى مزيد من الاستقرار والتطور الذى يمكن أن تقدمه التجارة البينية مقارنة بصادرات السلع التقليدية إلى بقية العالم.»
وأوضح جون آشبورن، الخبير الاقتصادى فى أفريقيا لدى «كابيتال إيكونوميكس» الاستشارية أن تعزيز الروابط الإقليمية البينية من شأنه أن يؤدى إلى خفض تكاليف التجارة ومساعدة الشركات الأفريقية على الوصول إلى أسواق أوسع.
وأضاف أن العديد من الاقتصادات الأفريقية لديها روابط اقتصادية أقوى مع القوى الاستعمارية السابقة مقارنة مع جيرانها المباشرين ويمكن أن تعالج الاتفاقية حال نجاحها مشكلتين متأصلتين أولها أن مستويات التجارة المطلقة فى أفريقيا ستصبح منخفضة بمقاييس المعايير العالمية.
كشفت بيانات صندوق النقد الدولى، أن 19.9% من الصادرات الأفريقية متجهة إلى دول أفريقية أخرى وهذا أقل بكثير من نسبة 64% من صادرات دول الاتحاد الأوروبى التى تذهب إلى أعضاء آخرين فى تلك الكتلة، فضلاً عن الأرقام المقابلة لكتل تجاه عملاقة مثل «نافتا» اتفاقية التجارة الحرة لأمريكا الشمالية واتفاقية التجارة الحرة لمنطقة جنوب شرق آسيا.
وتظهر أرقام الأمم المتحدة، أن التجارة داخل القارة السمراء قد ارتفعت وهى الآن تتماشى مع عمليات التطوير فى أمريكا وأوروبا الناشئة على الرغم من أنها لا تزال بعيدة من المستويات المذهلة للتكامل التى شهدتها آسيا النامية.
وبالفعل، تجاوزت التجارة البينية الأفريقية خلال العقد الماضى ذلك مع الولايات المتحدة لتصبح أكبر عنصر منفرد فى الصادرات والواردات مقارنة بمستويات التجارة مع الصين.
وارتفعت التجارة البينية الأفريقية 11 ضعفاً منذ عام 1990 حتى مع زيادة إجمالى الصادرات الأفريقية أربعة أضعاف.
وقال تشارلز روبرتسون، كبير الاقتصاديين فى بنك «رينيسانس كابيتال»وهو بنك استثمارى يركز على الأسواق الناشئة أن التجارة البينية الأفريقية فى السنوات الأخيرة كانت تعادل 7% من الناتج المحلى الإجمالى للقارة حيث ارتفعت من نسبة 5% فى التسعينيات ومن المتوقع زيادتها إلى مستويات أعلى بكثير.
وتتمثل المشكلة الثانية فى أن انخفاض مستويات التجارة البينية الأفريقية يؤدى إلى تفاقم التصدير بالنسبة للعديد من الدول الأفريقية ويجعلها أكثر عرضة للتقلبات الاقتصادية.
وكان أكثر من 75% من صادرات أفريقيا إلى البلدان غير الأفريقية سلعا استخراجية مثل البترول والمعادن بين عامى 2012 و 2014 وفقاً للاتحاد الأفريقي.
وعلى النقيض من ذلك استأثرت عمليات الاستخراج بأقل من 40% من التجارة البينية الأفريقية خلال الفترة نفسها.
وتمثل السلع المصنعة 20% فقط من صادرات القارة إلى بقية العالم خلال تلك الفترة ولكن 43% من الصادرات كانت من نصيب دول أفريقية.
وإذا كان من الممكن تشجيع الصادرات فسيؤدى هذا إلى توفير المزيد من فرص العمل للشباب فى أفريقيا.
وأوضح إليس، أن التقلبات فى النمو الاقتصادى للقارة يمكن أن تنخفض أيضاً إذا ما انطلقت التجارة المحلية نظراً لأن السلع المصنعة ليست معرضة بشكل مفرط لتقلبات أسعار السلع الأساسية.
وقال آشبورن، إن منطقة تجارة حرة أفريقية ناجحة ستكون محفزًا قويًا لاقتصادات القارة نظرًا للحجم الصغير للعديد من الأسواق فى المنطقة.
لكن العقبات لا تزال قائمة فقد أشار آشبورن، إلى أن المناقشات داخل الاتحاد الأوروبى وكتل الآسيان غالباً ما تكون لصالح الاقتصادات الأكثر ثراءً ضد الاقتصادات الأكثر فقراً وقد يجعل هذا الأمر من الصعب على الـ 44 عضواً فى أفريقيا التمسك بوضع جداول التعريفة المفصلة فى ظل التباين الكبير فى مستويات التنمية بين الدول الأعضاء.
وعلاوة على ذلك، تعوق قواعد التأشيرات المعقدة حرية حركة رجال الأعمال عبر القارة فى حين أن حركة البضائع مقيدة أيضاً بحواجز غير جمركية مثل البنية التحتية الضعيفة.
وأكد آشبورن، على أنه بالرغم من أن احتمالات تدفقات تجارية أقوى داخل أفريقيا يمكن أن تشجع الاستثمار فى البنية التحتية إلا أن التحسينات ذات المغزى ستستغرق سنوات لتجسيدها.
وعلى الرغم من العقبات الكثيرة فإن القادة الأفارقة متفائلين خاصة بعد أن بدأوا تنفيذ خطة تقودها 23 دولة لإطلاق سوق طيران موحد فى يناير الماضى وهناك أيضاً مقترحات لإطلاق عملة وجواز سفر أفريقى موحد.