د/حسن سلامة.. أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة
الانتخابات الرئاسية لم تكن تنافسية ولكنها صفعة في وجه المؤامرات
غياب الطوابير دليل على حسن تنظيم الانتخابات ” ووجودها دليل سوء إدارة “
أكاديمية الشباب ستعيد الروح للحياة السياسية في مصر
الهيئة الوطنية للانتخابات أدت علمها بكل نزاهة
الوفد من الأحزاب القليلة التي تدرك معنى الممارسة السياسية
بعد 25 يناير أصبح الكلام في الشأن السياسي مشاعًا بين الجميع، حتى انتشرت الجملة الشهيرة ان مصر بها 100 مليون محلل سياسي، ولان هذا الأمر لا يستقيم فالسياسة علم له أصوله وقواعده ومحدداته، فنحن نلجأ دائمًا إلي المتخصصين والعلماء للحديث فيما هم اهل له .
ولهذا كان حوارنا مع د/ حسن سلامة أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة والمركز القومي للبحوث الاجتماعية وعضو في العديد من الهيئات السياسية التي تقدم رؤية لصانع القرار.
حاورناه عن الانتخابات الرئاسية ودلالات النتائج وماذا بعدها وكيف نستطيع تخريج أو تأهيل كوادر شبابية تسطيع المنافسة وتعيد الروح للأحزاب الذي أوشكت على الموت فإلي نص الحوار
1- بعد إعلان فوز الرئيس السيسي، كيف تصف المشهد الانتخابي؟
مشهد الانتخابات الرئاسية أظهر مدى تماسك الشعب المصري ووعيه والاصطفاف الوطني هو عنوان المصريين في اللحظات التاريخية والانتخابات الرئاسية كانت عنوان حقيقي للديمقراطية.
2- ما دلالات الإعداد التي أعلنت الهيئة العليا للانتخابات مشاركتها في التصويت ؟
الأعداد التي خرجت عكست درجة عالية من التماسك الوطني الذي ينحاز لدولة 3/ 7 والتي تمثل المشروع الوطني والذي يتعارض مع مشروع خوارج العصر والمشروع الامريكي ومن يدور في فلكه
أيضأ يجب ان نوضح ان كل الدعاوي التي تم الترويج لها بالمقاطعة تم تجاهلها من المواطنين ولم يفلح أيضأ التخويف الذي حاول الإرهابيين أن يشيعوه قبيل عملية التصويت والذي ظهر في محاولة اغتيال مدير أمن الإسكندرية .
وبعده خرج اهل الإسكندرية بمظاهرات حاشدة رفضًا للإرهاب .
3- هل أرقام المشاركة سوآءا كانت تصويتًا أم ترشحا معيار أكثر أهمية في تقييم الحياة السياسية ؟
بالطبع هي كذلك، فالانتخابات باختلافها محك حقيقي لدرجة انتماء المواطن لهذا البلد، والانتخابات الرئاسية الأخيرة مثلت اختبارا حقيقيا لمعالم البناء الديمقراطي الذي أفرزته ثورة الثلاثين من يونيو المجيدة وما تبعها من ارتفاع درجة الوعي الشعبي بخطورة ودقة المرحلة التي تمر بها الامة المصرية وحتمية التكاتف صفا واحدا في وجه المؤامرات والاجندات التي تستهدف شق الصف واحداث الانقسام .
و في وقت تحارب فيه مصر العنف والارهاب نيابة عن العالم وتسعى في ذات الوقت الى الاستمرار في معركة التنمية عبر شبكة من المشروعات التنموية العملاقة التي تعكس رؤية استراتيجية بعيدة المدى لم تعرفها مصر سنوات طويلة .
4- وكيف ترد على ما أثير عن غياب المنافسة الطبيعية في تلك الانتخابات ؟
لا يمكن النظر لتلك الانتخابات على انها انتخابات تنافسية بين مرشحين، ولكني نظر إليها على انها إعلاء لقيمة الديمقراطية ودولة القانون وإرسال رسالة للعالم كله باننا دولة تحترم الدستور والقوانين .
ولا يجب ان نحصر نفسنا في نسب وارقام المشاهدة، ولكنها أظهرت صورة حضارية للمواطن المصري وانه يدرك بالفعل أن صوته له قيمة وأنه على قلب رجل واحد ولن تفلح المؤامرات الخارجية والداخلية في الفت في عضده أو إسقاطه .
5- وكيف نقيم أداء الهيئة الوطنية للانتخابات ؟
هذه الانتخابات هي او اختبار تجرى بعد تشكيل الهيئة الوطنية للانتخابات، وكان أدائها رائعًا، من أول قاعدة بيانات الناخبين حتى إعلان النتيجة
وقلت الطوابير التي علق عليها البعض تحسب للجنة، لان حسن التنظيم قضى على الزحام لسهولة الإجراءات ولو كان هناك سوء تنظيم لوجدنا طوابير طويلة حتى لو كان العدد صغير .
6- كيف يتم تحديد نظام عمل الهيئة ؟
الهيئة تم تشكيلها طبقًا للمواد 208 و209 و210 من الدستور المصري، وتشكيلها قضائي للثقة في السلطة القضائية وهي مسؤولة عن إدارة الانتخابات الرئاسية والبرلمانية والمحلية التي سيتم إجرائها في أوائل العام القادم، وهي مستقلة تمامًا
7- هل نجحت الهيئة في تنقية قواعد الناخبين والتغلب على المشكلة المزمنة في مصر في تلك النقطة ؟
نجحت بدليل أنها استبعدت مليون و510 ألف صوت وهي تنقي الجداول الانتخابية، وزيادة عدد الناخبين 10 مليون ناخب يعود إلي التسجيل الدوري من الرقم القومي لجداول الناخبين .
8- هل شفافية الانتخابات كانت واضحة للعالم ؟
الانتخابات تمت تحت عيون العالم كله والهيئة منحة تصاريح متابعة لأكثر 60منظمة عالمية ومحلية لان تلك الانتخابات كانت محط نظر العالم كله و السماح بالمتابعة بتلك الصورة الكبيرة أعطى مصداقية كبيرة للعملية .
9- ولماذا غابت المعارضة عن المشهد ؟
لدينا 104 حزب وكانت كل الظروف مهيأة لها للعمل بين المواطنين والتنافس ولكنها تقاعست لسبب بسيط، أن أغلبهم لا يدرك معنى الحزب أو إنشاء كوادر جاهزة للمنافسة وهذا ما أدى لغيابهم من المشهد .
10- وأين دور الدولة في إخراج كوادر شبابية تنعش الحياة السياسية؟
قامت الدولة بإنشاء اكاديمية الشباب و تم تدشينها في احتفالية كبرى بحضور السيد رئيس الجمهورية مما أكسبها مصداقية، ويؤكد العزم على تحقيق أهدافها من ناحية، وخضوعها للمساءلة، من ناحية أخرى.
كذلك فإن صياغة برنامج تدريبي يقوم على شقين، نظري وميداني، تتاح فيه الفرصة للشباب من كل التيارات، ومن كل الهيئات والوزارات مادامت شروط الالتحاق بالأكاديمية تنطبق عليه، وهذا أمر له أهميته في لم شمل الشباب وتجسير الفجوة بينهم على اختلاف توجهاتهم، علاوة على تحقيق العدالة بين القيادات الشبابية بصرف النظر عن انتماءاتها الفكرية والسياسية. كما أنه سيمكن الدولة من سد النقص في القيادات حسب احتياجات الوزارات والهيئات المختلفة وهذه المجموعات ستكون كوادر سياسية واعية ومدربة بطبيعة الأمر وستغير شكل الحياة السياسية في مصر .
11 – ما هو الاختلاف بين أكاديمية الشباب ومنظمة الشباب الاشتراكي في فترة الستينات؟
هناك فروقًا جوهرية بين تجربة منظمة الشباب و”الأكاديمية الوطنية لتأهيل وتدريب الشباب”، فكل كيان هو وليد الظروف والبيئة التي ظهر فيها، ويستجيب لحاجات أساسية تطرحها هذه البيئة؛ فمنظمة الشباب كانت في الأساس تنظيمًا سياسيًا تحددت وظيفته الأساسية في ضمان تأييد ودعم نظام الحكم القائم آنذاك استنادًا إلى أيديولوجيا التعبئة والحشد، وذلك على عكس الأكاديمية التي ستتولى تدريب الشباب على علوم الإدارة والقيادة – وهو ما نعاني فيه من قصور شديد- استنادًا إلى فلسفة المشاركة والتفاعل الإيجابي.
من ناحية أخرى، فإن منظمة الشباب قامت في ظل تنظيم سياسي وحيد كان بحاجة إلى ذراع لحشد الشباب حول نظام الحكم.
أما الأكاديمية فتأتي في ظل تعددية حزبية يقرها الدستور لكنها تعددية هشة بحكم حداثة نشأة الأحزاب القائمة.
وتصبح مهمة الأكاديمية هنا هي تأهيل الشباب مهنيًا وإداريًا وفكريًا وسياسيًا، حتى تصبح الأحزاب قادرة على أداء وظيفتها في التنشئة السياسية وتجنيد الكوادر المؤهلة لخوض غمار العمل السياسي. بمعنى آخر، يمكن القول إن الأكاديمية هي “مصنع النخبة” الجديدة في شتى المجالات.
12- كيف تقيم تجربة حزب الغد في انتخاباته الأخيرة؟
المتابعة الظاهرية للانتخابات تدل على مشاركة الوفدين في تلك الانتخابات، والوفد لديه كوادر وهو من الأحزاب التي تمارس العملية السياسية بمهنية وحرفية ويدرك معني ممارسة المنافسة وكما قال أبو شقه أنه سيكونون جاهزين للمنافسة في 2022 .
13- كيف تفسر غياب وجود حزب أو تيار سياسي لرئيس الجمهورية؟
الرئيس لديه ظهير شعبي للرئيس، من المواطنين العاديين، وانجازات المرحلة السابقة اكسبته لديهم مصداقية، ظهرت في إقبالهم على الانتخابات، والسيسي لم يرغب في عمل حزب يضم أصحاب المصالح كما فعلت الأنظمة الأخرى لأننا نمر بمرحلة تنمية لصالح المواطن الذي ليس من طبيعته ممارسة السياسة ولا المشاركة في أحزاب.
14- ما هي خطة الرئيس للمرحلة القادمة ؟
المرحلة السابقة منذ 2014 حتى الآن، كانت لتثبيت دعائم الدولة المصرية وقيام المؤسسية في أعلى صورها، وسنجني ثمار هذا خلال الـ4 سنوات المقبلة بمسار الإصلاح، وواجب على الجميع تحمله لأننا لا نملك رفاهية مسارات أخرى.
والرئيس سيكمل مسار الاصلاح الاقتصادي الذي بدأه و سيتوسع في المشاريع القومية والتنموية.
