تقع سنغافورة تحت تهديد تقويض أسس نموها الاقتصادى، من خلال فرض قواعد أشد صرامة على توظيف العمالة الماهرة من الخارج.
وقالت مجلة «نيكى آسيان ريفيو» اليابانية، إن البلاد شددت المعايير، التى تسمح للشركات بتوظيف المدراء والمهنيين المتخصصين الأجانب، وذلك استجابة لشكاوى السنغافوريين، التى تفيد بأنهم يفقدون سوق العمل، مما أدى إلى تباطؤ نمو السكان فى سنغافورة، الذى يعد شريان الحياة للتوسعات الاقتصادية، إلى نحو الصفر.
ومن جانبها، قالت الشركات المحلية إن السياسة الجديدة صعبت اﻷمر عليها لتوظيف موظفين ذو كفاءة أعلى.
وازدهرت سنغافورة من خلال جذب المواهب من جميع أنحاء العالم، ليحذر بذلك الخبراء من احتمالية فقدان البلاد حيويتها الاقتصادية إذا أصبحت أقل ترحاباً بالعمالة اﻷجنبية.
وأشارت المجلة إلى أنه بات من الصعب الحصول على تصاريح التوظيف، التى يتم إصدارها للمديرين والمهنيين الأجانب حالياً.
وقال: «ليم سوى ساى»، وزير القوى العاملة السنغافورى: «تباطأت وتيرة نمو إصدار تصاريح العمل إلى 3 آلاف سنوياً فى المتوسط خلال الثلاثة أعوام الماضية، وهو ما يقل بكثير عن ذروته البالغة 32 ألف سنوياً فى عام 2011»، مؤكداً على أن الحكومة شددت معايير إصدار التصاريح لضمان توفير فرص عمل للسنغافوريين.
وأفاد الوزير السنغافوري، إنه فى الوقت الذى كان يحصل فيه نحو 50 ألف عامل أجنبى سنوياً على تصاريح العمل لمدة 3 سنوات، أصبح الكثير منهم غير قادر على تجديده مرة أخرى.
ووضعت سنغافورة القواعد الأكثر صرامة فى ظل تدهور ظروف العمل المحلية، فعلى الرغم من أن سنغافورة أضافات 100 ألف وظيفة سنوياً بين عامى 2012 و2014، تباطأت وتيرتها إلى أقل من العشر على مدى السنوات الثلاث المقبلة، فقد تم وضع تلك القواعد فى ظل خوف الحكومة من ارتفاع معدلات البطالة والسخط الشعبي.
وأصدر رافى مينون، المدير العام لهيئة النقد فى سنغافورة، تحذيراً فى يناير الماضي، مفاده: “إذا افترضنا أن صافى الهجرة لدينا أصبح صفر بدءاً من هذا العام، فإن عدد السكان المناسبين لسن العمل سيبدأ فى التقلص بدءاً من عام 2020 تقريباً، أما بحلول عام 2035، فإنه من المحتمل تراجع عدد السكان المقيمين فى سن العمل بنسبة تراكمية تبلغ 3.5%».
ولكى يحقق الاقتصاد نموا، يتعين عليه إما زيادة حجم قوته العاملة أو زيادة الإنتاجية، وبالتالى إذا توقف تدفق العمال الأجانب، فإن سنغافورة ستضطر للاعتماد فقط على زيادة إنتاج كل عامل للحفاظ على النمو الاقتصادي.
فى السنوات الأخيرة، التزمت الحكومة ببناء مجتمع فعال وصناعات متطورة، ربما تكون قادرة على الحفاظ على النمو الاقتصادى لفترة من خلال زيادة الإنتاجية فقط، ولكن بعض مكاسب الإنتاجية نجمت عن الأجانب، الذين أحضروا معهم المعرفة.
وفى ظل ذلك، يشعر بعض المراقبين بالقلق من افتقار سنغافورة إلى القوة البشرية اللازمة فى مجالات التكنولوجيا الفائقة، مثل الذكاء الاصطناعى والروبوتات، مما قد يتسبب فى مغادرة عدد أقل من الخبراء القادمين من الخارج فى هذه المجالات.