حسين عبدربه يكتب: التوازن الاجتماعى فى موازنة 2019/2018


لم تمر موافقة مجلس النواب على قانون زيادة رواتب رئيس الحكومة والوزراء وأعضاء السلك الدبلوماسى.. مرور الكرام.. بل أحدثت حالة من الانزعاج لدى الرأى العام.. وهذه الحالة كان أهم أسبابها أن الحكومة تكيل بمكيالين، فكيف تطلب من المواطنين اتباع سياسة الترشيد وتحمل تبعات سياسات الإصلاح الاقتصادى العنيفة من ارتفاع جنونى فى الأسعار.. وفى المقابل تقرر زيادة مرتبات أعضاء الحكومة وهم يتقاضون أجوراً كفيلة بمستوى حياة جيد ومناسب لمناصبهم.. وكان الأولى كما قال الجميع أن تستبق الحكومة بزيادات فى أجور الموظفين والعاملين لمواكبة هذا الارتفاع الجنونى فى الأسعار خاصة أن أجور هؤلاء أصبحت فى الحدود الدنيا لمستوى المعيشة بسبب التضخم.
وإذا كانت الحكومة ترى حاجة وزرائها لهذه الزيادة لمواكبة الارتفاع المرتقب فى الأسعار مع اتجاه الحكومة لخفض دعم الوقود وزيادة أسعار منتجاته وبالتبعية زيادة فى أسعار جميع السلع والخدمات.. فكيف سيواجه البسطاء هذه الزيادات.. أليس من العدالة والشفافية أن يتحمل الجميع هذه السياسات أم تتحمل فئة على حساب فئات أخرى.
وأقتبس من البيان المالى لمشروع الموازنة العامة للدولة للعام المالى 2019/2018 المقدم لمجلس النواب.. ما جاء بالصفحة 8 «إلى أهمية ضمان عدالة توزيع أعباء وثمار برنامج الإصلاح الاقتصادى».. بل يمضى البيان المالى إلى أن من مستهدفات الموازنة خفض فاتورة الأجور كنسبة من الناتج المحلى الإجمالى من خلال تنفيذ قانون الخدمة المدنية بتقييد نظام التعيين وعدم إصدار أية قرارات من شأنها زيادة نظم الحوافز والمكافآت.
وتعتزم الحكومة ترشيد فاتورة الدعم من خلال الانسحاب تدريجياً من الدعم السلعى غير الموجه خاصة دعم الطاقة وهو ما يتمثل فى زيادة فى أسعار الوقود وزيادة فى فاتورة استهلاك الكهرباء وسيحدث هذا بينما أجور العاملين ثابتة لم تتحرك.. وتحركت الحكومة لإنقاذ وزرائها من الزيادات المقبلة برفع مرتباتهم مع العلم بأن هؤلاء الوزراء لا يدفعون قيمة وقود سياراتهم ويحصلون على كثير من المزايا.. بينما المواطن هو الذى يدفع ثمن وقود سيارته أو قيمة مواصلاته التى تزداد سنوياً وتستقطع جزءًا كبيراً من دخل الأسرة ناهيك عن الزيادات التى تطول كل السلع بسبب زيادة أسعار الوقود.. وتقول الحكومة كل مستهدافاتها فى الموازنة دون أن تضع أى سياسات تستهدف الحد من آثار الزيادات المقبلة فى الأسعار.. تحدثت كثيراً عن مراقبة الأسعار وتنظيم السوق دون أية إجراءات حقيقية وهى تعلم بفوضى السوق وعشوائية التسعير للمنتجات والسياسات الاحتكارية لدى كثير من المتحكمين فى بعض السلع.. تاركة المواطن يعانى ويضطر للتعامل مع الأمر الواقع وهو ما أدى إلى زيادة فى معدلات الفقر وهبوط أعداد كبيرة من الطبقة الوسطى إلى حدود الفئات الأقل دخلاً وغير القادرة على مواكبة مستويات الأسعار.
نعم.. نعلم أن هناك انخفاضاً فى إيرادات الدولة ولكن لا يجب أن يتحمل المواطن البسيط هذه السياسات وحده.. هو الذى يدفع الضرائب من مرتبه البسيط وهو الذى يدفع فاتورة الكهرباء والغاز وغيرها من الخدمات بالزيادات كل فترة.. فى المقابل لا نسمع عن إجراءات جديدة للبحث عن مصادر أخرى للإيرادات أين سياسات الحكومة لضم الاقتصاد غير الرسمى الذى يمثل %90 من الاقتصاد القومى فإذا كانت هذه النسبة خارج منظومة الضرائب فلماذا السكوت عنها ولماذا لا نحفز الاقتصاد غير الرسمى للعمل تحت مظلة الدولة.. إنه يهرب من الضرائب بسبب التقدير الجزافى فلنطبق عليه الضريبة المقطوعة مبلغ محدد سنويا وفقاً لطبيعة النشاط ونيسر له الإجراءات الأخرى فى التراخيص والتأمينات الاجتماعية.. أين الضرائب العقارية على الشاليهات والمنتجعات السكنية والسياحية ومشروعات الإسكان الفاخر؟.. أين تراخيص التوك توك وضرائبه؟ لماذا السكوت عنه ولصالح مَن؟
ولماذا يسكت مجلس النواب عن حقوق المواطنين ويقف فى صف الوزراء ويرفع مرتباتهم دون المطالبة بحزمة اجتماعية لصالح البسطاء.. إلى متى سيتحمل المواطن أن تستمر الحكومة فى انتهاك مستوى معيشته دون أن يحدث أى تطور حتى فى مستوى الخدمات التعليمية أو الصحية أو حتى المحلية.. يا حكومة نحن وطن للجميع وليس للوزراء فقط.. يرحل الوزير ويبقى المواطن الذى يجب أن يكون الغاية والهدف.

لمتابعة الاخبار اولا بأول اضغط للاشتراك فى النسخة الورقية او الالكترونية من جريدة البورصة

مواضيع: الدعم

منطقة إعلانية



نرشح لك


https://www.alborsanews.com/2018/04/23/1100712