
اقتصادنا يا تعبنا.. الحلقة 76
يشاطرنى هذه المقالة أحد الأصدقاء الخبراء فى مجال البورصة وهو الدكتور وائل قابيل.. وبناء على رغبة منه.. وأجدها فرصة طيبة لتحقيق الزخم المعرفى.. والإفادة والتوعية لقرائى المتابعين لمقالاتى لأقدم لهم الجديد كل فترة.. فموضوع هذه الحلقة يتحدث عن بورصة العقود الآجلة (أو ما يطلق عليها أحيانا السوق المستقبلية) والتى أقرتها تعديلات قانون سوق المال الأخيرة إلى جانب المشتقات والصكوك لادخال أدوات مالية جديدة من شأنها التاثير على نمو السوق بالإيجاب.
فقد كانت مصر لديها الريادة فى هذا الشأن مع بدء التعامل على العقود الآجلة للقطن فى الربع الثالث من القرن التاسع عشر، حيث سبقت الإسكندرية فى ذلك نيويورك وليفربول التى مثلت آنذاك أكبر ثلاث بورصات لعقود القطن فى العالم. وتلتها فى سنة 1884 بورصة البضاعة الحاضرة للأقطان من خلال تأسيس شركة مساهمة مصرية للبورصة التجارية لمينا البصل.
والسوق المستقبلية هى سوق تتعامل فى أصول غير حاضرة يتفق تسليمها فى تاريخ لاحق وهى عكس السوق الحاضرة حيث يتم التسليم أو التسلم فى الحال، وخلال البدايات القديمة لهذه السوق كان التعامل فى الأساس يتم على المحاصيل الزراعية والماشية.. والسوق المستقبلية فى وقتنا الحالى فهى وإن كانت امتداداً طبيعيًا لما عرف بسوق العقود الآجلة للسلع فى شكلها القديم؛ الا أنها أكثر تطوراً وتنظيما والتزاما من حيث جديه التعامل والإطار القانونى المنظم له.. فهى بورصة (مثل بورصة الأوراق المالية) تتعامل فى عقود بيع وشراء تسمى العقود المستقبلية ايضا… وهى اتفاق على شراء او بيع شىء معين ومحدد فى المستقبل والاتفاق على سعره مسبقاً، وتتضمن الاتفاق بين بائع ومشتر على تسليم سلعة وهى محل العقد بينهما، بمواصفات محددة فى تاريخ مستقبلي، ولا يقتصر نشاط هذه العقود على السلع فقط بل تشمل كل ما يوجد بالأسواق من أسهم وسندات، وعملات ومؤشرات أسعار ومبادلات ديون وغير ذلك الكثير مما يتواجد فى الأسواق الاقتصادية بشكل عام… لذا يتم تداول هذه العقود الآجلة وانتقالها من متداول إلى آخر وفقًا لأسعار التداول اليومية التى تتغير وفقًا للظروف والتوقعات الاقتصادية والمناخية والسياسة المحيطة بالسلعة محل العقد…
وبشكل عام، يدخل فى هذا السوق نوعان من المتعاملين: المضاربون والمحتاطون.. والمضاربون هم الذين يرغبون فى تحقيق أرباح عالية فى فتره قصيرة أقل من رأس المال (أو اعتمادا على أسلوب الرافعة المالية)، أما الذين يرغبون فى الاحتياط فغالبا هم منتجو البضائع والمحاصيل الزراعية حيث يدخلون السوق لتجنب ما قد يحدث مستقبلا من هبوط فى الاسعار.
وتتضمن عقود السلع التى يتم تداولها: وصف السلعة، الكمية، الجودة أو النوعية وفقا للمقاييس المعتمدة، السعر، تكاليف التخزين والمناولة والتأمين وموعد التسليم وما إلى ذلك.. ويتم تسجيل هذا العقد فى بورصة العقود.. ويحتاج التعامل فيها إلى التوعية أولا ثم إلى فئات محترفة من المستثمرين، فضلا عن وجود سوق كبيرة واحتياطات لوجيستية لعدد من البضائع الاستراتيجية التى تحفز المستثمرين على التداول فى عقود تلك السلع.. ومن السلع الغذائية التى تتداول فى بورصات العقود العالمية القمح والذرة والأرز وفول الصويا والبن والبرتقال والسكر…
ومن أشهر البورصات السلعية العالمية بورصة شيكاغو.. (ويطلق عليها بورصة شيكاغو التجارية (CME) غالبًا ما تسمى «شيكاغو ميرك»، أو «ميرك») هى بورصة للمشتقات المالية والسلعية الأمريكية ومقرها التى تأسست فى عام 1898 مثل مجلس شيكاغو للتجارة فى الزبد والبيض، وبورصة السلع الزراعية. وفى البداية، كانت بورصة شيكاغو منظمة غير هادفة للربح وأصبحت ميرك بورصة مساهمة فى نوفمبر عام 2000 وتم عرضها للاكتتاب العام فى ديسمبر عام 2002، وتم دمجها فى مجلس شيكاغو للتجارة فى يوليو 2007 لتصبح سوقًا للاتفاقيات المحددة لمجموعة بورصة شيكاغو التجارية، التى تدير كلتا السوقين.. وفى 18 أغسطس 2008، وافق المساهمون على الاندماج فى بورصة نيويورك التجارية (NYMEX) وبورصة السلع (COMEX).. وحاليًا تعتبر ميرك، ومجلس شيكاغو للتجارة، وبورصة نيويورك التجارية، وبورصة السلع من الأسواق المملوكة لمجموعة بورصة شيكاغو التجارية… وتتداول ميرك عدة أنواع من الأدوات المالية: أسعار الفائدة، والأسهم، والعملات والسلع الأساسية. وتوفر أيضًا التداول فى الاستثمارات البديلة، مثل حالة الطقس والمشتقات العقارية، ولديها عدد من العقود الآجلة والعقود المفتوحة (عدد من العقود المعلقة) يزيد على أى بورصة عقود آجلة فى العالم…
وما يميز العقود الآجلة للسلع أنها أقل مخاطر مقارنة بسوق الأوراق المالية بمعدل 14% تقريبا، فهى منخفضة المخاطر، حيث إن تقلب أسعار الأسهم يحدد فى معظم الحالات عندما تفقد الاسهم قيمتها، على عكس تقلب أسعار العقود الآجلة التى تحدد فيها بالفترات التى تزيد أسعار العقود الآجلة فيها…
لذا لا عجب أن يقوم حاليا العديد من الخبراء الحاليين فيما يتعلق بالعقود المستقبلية بضم العملات الافتراضية لما ارتبط بها من مشتقات مستقبلية -والتى اثرت كثيرا على حجم وشكل التجارة الالكترونية حاليا وأقرتها دول عديدة كأدوات للدفع- إلى منتجات المحاصيل الزراعية والإنتاج الحيواني، والمعادن والمنتجات البترولية، والعملات الأجنبية.. وذلك فى ظل تطور التنكولوجيا المالية واثرها على الانظمة المالية والاسواق وتجارة السلع إلكترونيا..
وما نبغى إلى إصلاحا وتوعية..