بقلم: جوليان لى
استراتيجى البترول بوكالة أنباء «بلومبرج»
كانت محاولات «أوبك» لإدارة سوق البترول لسنوات عديدة من خلال التركيز على مستويات المخزونات تشبه، دائماً، محاولة القيادة من خلال النظر فقط إلى المرآة الخلفية، وتعد بيانات المخزون تاريخية، وتعكس فقط ما كان عليه السوق منذ شهر أو أكثر، وبمجرد أن تحصل «الأوبك» على البيانات يكون العالم قد تحرك بالفعل.
وإذا كنت تعتقد، أن هذه فكرة سيئة، فانتظر حتى تقرأ ما يلى، فقد أصبح أكثر المقاييس أهمية بالنسبة لأوبك وأصدقائها، وفقاً لوزير البترول السعودى، خالد الفالح، هو مستوى الاستثمارات فى القدرة الإنتاجية المستقبلية للبترول، وقال بعد اجتماع المجموعة فى جدة 20 أبريل الماضى، إنهم جميعاً يحتاجون لتعزيز الثقة فى السوق طويل الأجل لجذب رأس المال، وليس لاستهداف سعر.
وقال «الفالح»، إن العالم يحتاج لإضافة 4 ملايين إلى 5 ملايين برميل يومياً من الإنتاج الجديد لمقابلة الطلب المتزايد، وتعويض التراجع فى الإمدادات، موضحاً أن القطاع بعيد كل البعد عن الوصول إلى هذا الهدف.
ويبدو أن «أوبك» بدأت تحول أهدافها بعيداً عن جعل المخزونات عند متوسطاتها فى خمسة أعوام، والآن يبدو أن المجموعة تريد أن تبقى على خفض الإنتاج حتى يرتفع الاستثمار فى مشروعات استخراج جديدة.
ومع ذلك، فإنَّ هذا المقياس دليل أسوأ بكثير عن حالة السوق من مستويات المخزون، فمستوى المخزونات يعكس حالة السوق من شهرين، بينما خطط الاستثمار تعكس مستويات الأسعار من 12 إلى 24 شهراً ماضية، بجانب مجموعة من الاعتبارات الأخرى، أيضاً، وبالتالى فإنَّ المجموعة تتخلى عن النظر فى المرآة الخلفية لكى تنظر من خلال تليسكوب.
وأظهرت تعليقات المديرة المالية لشركة «رويال داتش شل»، جيسكسا أول، مدى سخافة قرار «أوبك» وأصدقائها بتحديد مستوى الإنتاج الحالى على الخطط الاستثمارية للشركة، وقالت أثناء تقديم نتائج أعمال الشركة فى الربع الأول من 2018: «لن نرفع الاستثمار الرأسمالى فوق الخطط القائمة استجابة لبيئة أسعار البترول الحالية.. وأى زيادة فى التدفقات النقدية سوف يتم توجيهها إلى خفض صافى الديون وتوزيعات الأرباح».
وتتبى الشركات الأخرى نفس وجهة النظر، وقالت «توتال» الفرنسية و«إينى» الإيطالية، أيضاً، إن مستويات الاستثمار فى 2018 لن ترتفع، رغم صعود أسعار البترول.
حتى إن السعودية نفسها لا تبدو ملتزمة بالكامل بالنظام الجديد، فقد قال «الفالح»، إنه رغم أن الدولة لن تتوقف عن الاستثمار فى القدرة الإنتاجية الجديدة إذا تطلب الأمر، فإنها ليس لديها أى خطط، حالياً، لزيادة الإنتاج فوق المستوى الحالى عند 12.5 مليون برميل يومياً.
وهذا الموقف غريب بالنظر إلى أن الدولة تجلس على بعض من أرخص البترول تكلفة فى الاستخراج، وفى تحليل حديث أجرته «بلومبرج» على أرصدة شركة البترول الحكومية «أرامكو»، وجدت أنها تنفق أقل من 4 دولارات لضخ البرميل الواحد، مقارنة بحوالى 20 دولاراً للبرميل بالنسبة لشركتى «أكسون»، و«موبيل»، ومع ذلك تتصرف «أرامكو» مثل نظيراتها، فقد كان معدل الحفر فى السعودية يتراجع حتى مع اتجاه أسعار البترول فى الاتجاه المعاكس.
وبالطبع، ربما تحفز المملكة استثمار شركات البترول من خلال السماح لها بالوصول إلى بعض الاحتياطيات السعودية الرخيصة، وتوجد طرق كثيرة للقيام بذلك دون التخلى عن ملكية البترول فى الأرض، ولكن تُسأل فى ذلك حكومات العراق والمكسيك أو مجموعة من الشركاء الآخرين فى اتفاق خفض الإنتاج.
وبالتالى فإنَّ استقرار الأسعار على المدى البعيد الذى يسعى وراءه الوزراء بدءاً من «الفالح» وحتى نظيره الروسى، أليكساندر فالك، هو استقرار وهمى، وفى نفس الوقت، فإن تلميحاتهم بأنهم سيتحولون عن استخدام مقياس قديم إلى حد ما إلى واحد ذى علاقة هزيلة بتوازن السوق يهدد بزيادة التقلبات على المدى القصير.
وبالطبع، فى الوقت الذى يسعون فيها لاستقرار أسعار البترول، خلال العقد المقبل، فإنَّ «أوبك» وأصدقاءها لن يمانعوا بالقليل من عدم الاستقرار على المدى القصير، طالما أن ذلك يدفع الأسعار للأعلى وليس للأسفل.
إعداد: رحمة عبدالعزيز
المصدر: وكالة أنباء «بلومبرج»